مصر  حتى لا تختلط الأجندات والتحالفات

مصر ... حتى لا تختلط الأجندات والتحالفات

مصر ... حتى لا تختلط الأجندات والتحالفات

 لبنان اليوم -

مصر  حتى لا تختلط الأجندات والتحالفات

عريب الرنتاوي

ثلاثة أسباب تكمن وراء "موجة السخاء" حيال مصر ... الأول، إسقاط حكم الإخوان من بوابة الدولة العربية الأكبر: مصر ... والثاني، قطع الطريق على مساعي التقارب المصري – الإيراني التي ظهرت بحذر وخجل زمن نظام محمد مرسي ... والثالث، السعي في استرجاع أنظمة الحكم التي أطاحت بها ثورات الربيع العربي، حتى بعد أن سقط قادتها وزعماؤها، في مسعى للبرهنة على عبثية "الثورات" وانسداد آفاقها وارتفاع أكلافها. في السبب الأول نقول، أن لكل دولة من الدول التي سارعت إلى الترحيب بثورة يونيو والتغيير الذي قادته المؤسسة العسكرية في إثرها، لها "مشكلة خاصة" مع الإخوان المسلمين، تتباين درجة حدتها من دولة إلى أخرى، وهي جميعها تدرج إخوان في المنطقة، في خانة "التهديدات" و"الأعداء الكامنين"، ولقد لاحت أمام هذه الدول، سانحة لأول مرة لتوجيه ضربة قاصمة لزعامتهم ومركز إرشادهم في القاهرة ... صحيح أن هذه الدول ليست المسؤولة عن اندلاع "ثورة يونيو"، ولا هي قادرة على فعلها وتحريكها، لكن الصحيح أن هذه الدول، تهرع اليوم لتقديم شبكة أمان لنظام ما بعد الثورة المصرية الثانية، وهي فعلت ذلك بكل حماس، ومن دون أن يُطلب إليها. في السبب الثاني نقول: أن عدداً من دول الخليج الأكثر حماساً لدعم "ثورة يونيو" وقيادة المؤسسة العسكرية، عملت منذ ثلاث عشريات من السنين، على عزل إيران وتطويق هلالها الشيعي، بوصفهما مصدر التهديد لأمنها واستقرارها ... هذه الدول، نجحت في السنوات القليلة الفائتة في "إعادة تعريف" العدو، فحلت إيران محل إسرائيل، كعدو أول للأمة العربية والإسلام "السنّي" ... أنشأت معسكراً للاعتدال في مواجهتها، وبعدما تداعت بعض دول هذا المعسكر، تعمل اليوم على إنشاء "معسكر سنّي عربي" للتصدي لها، يضم من ضمن من يضم، قوى سلفية وعلمانية، أنظمة ومنظمات ... والمؤكد أن التطور الطفيف الذي طرأ على علاقات مصر مع إيران زمن مرسي ونظام الإخوان، جاء مغايراً تماماً لما تشتهيه سفن الاستراتيجية الخليجية حيال إيران. والسبب الثالث، أن بعض أو معظم دول الخليج العربي، كانت نظرت لثورات العربي، ومنذ اليوم،بوصفها مصدراً من مصادر تهديد أمنها القومي ... وهي حاولت أن تحول دون اسقاط النظم العربية القديمة، وعندما عجزت، سعت في امتطاء صهوة هذه الثورات وحرفها عن مسارها ... وهي تجد اليوم في "الثورة على الثورة"، فرصة ثانية أمامها، لتعويم النظم البائدة وإعادة بعثها من جديد ... ولهذا السبب بالذات، وجدنا حماساً خليجياً لدور المؤسسة العسكرية، ولم نر انفتاحاً على الثورة بمكوناتها وقواها المحركة ومشروعها وأهدافها. ومثلما يريحنا أن تمد بعض هذه الدول أيديها بالعون والمساعدة للثورة المصرية "تكتيكياً"، أقله لتأمين "جرعات غذائية" لجسد الاقتصاد المصري وعروقه المتيبسة، فإننا نخشى أن دخول هذه الأطراف على خط "ثورة يونيو"، إنما يستهدف احتواءها وصرفها عن أهدافها الكبرى في إقامة نظم سياسية ديمقراطية وتعددية تحترم قيم الإنسان وحقوقه، على المدى المتوسط والبعيد ... لقد فشلت بعض هذه الدول في إبقاء محمد حسني مبارك على "عرش" مصر، وليس مستبعداً أنها تنتوي تنصيب "جنرال" على كرسي مصر، سواء أجاء ببزة عسكرية أم بزيّ مدني. والحقيقة أن انحيازنا لصالح "ثورة يونيو" النابع من إيماننا المطلق بالانتقال السياسي التوافقي للديمقراطية والتعددية والتداول السلمي للسلطة وحفظ حقوق الإنسان وحرياته، لا يجعلنا في "خندق واحد" مع من كانوا أكثر حماسة منا لعزل مرسي والإطاحة بإخوانه ... لهم أجندتهم ولنا أجندتنا ... لهم أجنداتهم ولملايين المصريين الذين نزلوا للشوارع أجندتهم ... وما يجري الآن على أرض مصر، هو صراع حقيقي بين أجندات ثلاث، يتعين التمييز فيما بينها حتى لا تختلط الأجندات والتحالفات: الأولى، إخوانية، عنوانها الظاهر: عودة الشرعية والديمقراطية، أما هدفها الباطن، فهو المضي في سياسة الهيمنة و"الأخونة" وإنفاذ مرامي المشروع الإخوانيومقاصده، مصرياً وإقليمياً والثانية، ثورية، تعبر عن مصالح ملايين المصريين الذي فجروا "ثورة يونيو" المجيدة، وعنوانها الظاهر والباطن على حد سواء، يتلخص في استئناف مسار "ثورة يناير" والانتقال بمصر إلى ضفاف الحرية والديمقراطية والمدنية والحرية والتنمية والرفاه والثالثة، رجعية، هدفها استرجاع "المباركية" من دون مبارك، وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، ووضع مسمار أخير في نعش الربيع العربي، الذي أفسدته أموال النفط والغاز، وتستند محلياً إلى "فلول" النظام وبقاياه ... والأهم، استعادة مصر إلى خندق العداء مع إيران وحلفائها. الإخوان المسلمون وحلفاؤهم في مصر وخارجها يدعمون الأجندة الأولى (الإخوانية)، ولا يعنيهم أمر الحرية والديمقراطية في شيء ... والقوى المدنية والإصلاحية العربية تدعم ملايين ثورة يونيو وأجندتها الديمقراطية والتقدمية ... أما "عاصفة المليارات" الخليجية، فتصب في مصلحة الأجندة الثالثة، وتتطلع لاستعادة زمن ما قبل الثورات والربيع وتحالفاته وأولوياته.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر  حتى لا تختلط الأجندات والتحالفات مصر  حتى لا تختلط الأجندات والتحالفات



GMT 03:22 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

ليست إبادة لكن ماذا؟

GMT 03:11 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

دستور الكويت ودستور تركيا... ومسألة التعديل

GMT 02:58 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

أبعد من الشغور الرئاسي!

GMT 02:51 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

ليس مبعوثاً واحداً وإنما ثلاثة

GMT 20:03 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

دومينو نعمت شفيق

GMT 20:01 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

معايير عمل البلدية

GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

سلمى أبو ضيف تطل كالعروس على السجادة الحمراء في "كان"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 11:27 2022 الثلاثاء ,14 حزيران / يونيو

تحضير بخاخ ماء الورد للعناية بالبشرة والشعر

GMT 17:31 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

غوغل تعرض أحدث نظارات الواقع المعزز

GMT 11:19 2022 الجمعة ,11 آذار/ مارس

إتيكيت استقبال الضيوف في المنزل

GMT 10:45 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

التصرف بطريقة عشوائية لن يكون سهلاً

GMT 21:10 2021 الثلاثاء ,14 أيلول / سبتمبر

طنجة عروس شمال المغرب افضل وجهات شهر العسل لصيف 2021
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon