بمناسبة الانتخابات الإيرانية

بمناسبة الانتخابات الإيرانية

بمناسبة الانتخابات الإيرانية

 لبنان اليوم -

بمناسبة الانتخابات الإيرانية

عريب الرنتاوي

أطرف ما يصدر من تعليقات على الانتخابات الرئاسية، تلك التي تأتي من بعض "كتاب السلطة وفقهائها" في دولتين أو ثلاث دول خليجية، لم تعرف يوماً الانتخابات والدستور والأحزاب والجمعيات والرأي العام والتدافع والتزاحم والتنافس..دول ما زالت تعيش عصور "الرعية وولي الأمر طال عمره".. والأدهى من ذلك وأمر، حين يتباكى "مثقفو البلاط" على حقوق الإنسان المهدورة والمصادرة في بلاد فارس. نفهم أن يحمل هؤلاء على برنامج إيران النووي، برغم صمتهم المريب عن "برنامج إسرائيل النووي"، ونفهم أن يحذروا من تفاقم "التوسعية الإيرانية"، برغم انهزامهم ومن يمثلون، أمام "التوسعية الإسرائيلية"..وأبعد من ذلك، نفهم أن يتحدث هؤلاء عن "ديمقراطية نسبيّة" في إيران، قياساً بالديمقراطيات الراسخة والقارّة..لكن أن يقضي هؤلاء نهاراتهم في البرهنة على أن حال الناس والحريات و"الديمقراطية" في بلادهم، أفضل مما هي عليه في إيران، فتلكم والله، مهزلة أخلاقية ومعرفية تلامس ضفاف الفضيحة. لسنا من المعجبين أبداً، بـ"ديمقراطية ولاية الفقيه"، ونرفضها بقدر رفضنا لـ"ولاية المرشد وحاكميته" التي تُسمّى زوراً "حاكمية الله"..ونحن من مرجعية سياسية وفكرية، ترفض التسلط الديني على الدولة والسياسة ونظام الحكم، سواء كان إسلامياً أم مسيحياً، شيعياً أم سنيّا..ونرى في كل ما يعرض ويطرح من شعارات وفتاوى وإسقاطات، ليس سوى ممارسة بشعة للخداع باسم الدين والإتجّار به..ولكننا ننظر للتجربة الإيرانية في مجال الحكم والسياسة وعلاقة السلطة بالمعارضة، ودور المجتمع المدني والسياسي والفكري، بوصفه حالة متقدمة، بخطوات وسنوات، عن بعض التجارب "القروسطية" العربية، فمن أين يأتي هؤلاء بكل هذه الجرأة لنقد التجربة الانتخابية الإيرانية؟..وكيف يمكن لمن لم ير طوال حياته التي شارفت على نهايتها، ورقة اقتراع من أي نوع، أن يجعل من نفسه قيّما وحكماً على تجارب الآخرين في ميدان الممارسة الديمقراطية. وثمة كثير من التدجيل والتضليل في بعض ما يصدر عن فقهاء الكهوف، فيما خص دور إيران الإقليمي وتصرفات بعض حلفائها..يحملون على حزب الله وتدخله في المعارك الدائرة في سوريا، ونحن ممن يرفضون هذا التدخل ويعتبرونه وبالاً على الحزب نفسه، قبل أن يكون وبالاً على السوريين والمنطقة عموماً..لكن كيف يُعطي هؤلاء لأنفسهم "الحق الإلهي" في التدخل في الشؤون السورية الداخلية، ويحجبونه عن الآخرين..أحد هؤلاء الفقهاء أعلن من القاهرة قبل أيام، عن تجهيز 12 ألف غازياً للجهاد في سوريا، بيد أنه ومن على قاعدة "من جهّز غازياً فقد غزا"، غادر إلى لندن لقضاء إجازته السنوية المعتادة، وكما تقول صحف بلاده، في أفخم فنادق الخمسة نجوم ، وعلى متن الدرجة الأولى في أفخم الأساطيل الجوية؟! لا يمكن لعاقل أن يصنف إيران في عداد الديمقراطيات القارّة أو الناشئة..ولا معنى لانتخابات تخضع لـ"مصفاة" مجلس الخبراء ومقصلة "تشخيص مصلحة النظام"..ولقد رأينا في آخر انتخابات، التي لم يتحدث أحد عن "عدم نزاهتها" لأنها جاءت برئيس معتدل/إصلاحي، في حين كانت الدنيا ستقوم ولا تقعد، لو أنها أتبت بمحسن رضائي أو قاليباف أو غيرهما من مرشحي التيار الأصولي والمحافظ..نقول ليست ديمقراطية، تلك التي تسقط مئات المرشحين قبل أن يخوضوا غمار المنافسة، لأنهم لا يتوفرون على المعايير الصارمة لمجمع "الملالي"..ولا ديمقراطية من دون "ولاية عامة" للرئيس والهيئات المنتخبة، وطالما أن "الفقيه الولي"، غير المنتخب، هو صاحب الولاية العامة، فما قيمة الأصوات التي يدلي بها الناخبون في صناديق الاقتراع. والرئاسة في طهران ليست مؤسسة صنع قرار، والرئيس لا يمتلك ما يكفي من السلطة والصلاحيات، لإنفاذ برنامجه إن كان له برنامج مغاير، وأحسب أن موجهة "التهليل" الغربي بالرئيس الإيراني الجديد، ستصطدم قريباً بحقيقة أن "المؤسسة" وليس الرجل، هو من يصنع السياسة ويتخذ القرارات الكبرى في إيران، وأن التوجهات العامة للسياسة الإيرانية، لن تتغير بتغيير الأسماء والوجوه، اللهم إلا إذا كان "تشخيص مصلحة النظام"، يقتضي تغيير الوجهة والسياسة، فجاء انتخاب روحاني من قبيل "يُبنى على الشيء مقتضاه".

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بمناسبة الانتخابات الإيرانية بمناسبة الانتخابات الإيرانية



GMT 20:10 2024 السبت ,25 أيار / مايو

مفكرة القرية: السند

GMT 20:02 2024 السبت ,25 أيار / مايو

الإصغاء إلى «رواة التاريخ»

GMT 19:58 2024 السبت ,25 أيار / مايو

القضية الفلسطينية في لحظة نوعية

GMT 19:56 2024 السبت ,25 أيار / مايو

الدولة الفلسطينية ودلالات الاعترافات

GMT 19:51 2024 السبت ,25 أيار / مايو

ذكريات العزبى!

GMT 19:49 2024 السبت ,25 أيار / مايو

حوارات إستراتيجية !

GMT 19:45 2024 السبت ,25 أيار / مايو

«شرق 12»... تعددت الحكايات والحقيقة واحدة!

GMT 19:43 2024 السبت ,25 أيار / مايو

المحافظ في اللجنة

GMT 19:33 2022 السبت ,07 أيار / مايو

البنطلون الأبيض لإطلالة مريحة وأنيقة

GMT 15:44 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

اقتحام مقر وكالة الأنباء الليبية في طرابلس

GMT 04:50 2021 الجمعة ,20 آب / أغسطس

أفضل وجهات شهر العسل بحسب شهور العام

GMT 22:16 2022 الأربعاء ,01 حزيران / يونيو

نفايات مسترجعة من تونس تسبب أزمة في إيطاليا

GMT 05:37 2022 الإثنين ,20 حزيران / يونيو

رسالة من وزير السياحة اللبناني إلى بلدية الغبيري

GMT 13:07 2023 الإثنين ,20 شباط / فبراير

منى سلامة تطرّز الشوكولاته بحب والدتها
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon