الحدث المصري من زاويا إقليمية ودولية

الحدث المصري من زاويا إقليمية ودولية

الحدث المصري من زاويا إقليمية ودولية

 لبنان اليوم -

الحدث المصري من زاويا إقليمية ودولية

عريب الرنتاوي

الولايات المتحدة لا تتعلم من أخطائها، برغم جيوش الباحثين والمستشارين والخبراء في شتى أنحاء المعرفة وميادينها ... دعمت نظماً فاسدة وديمقراطية بذريعة حفظ أمن إسرائيل وصون خطوط النفط والغاز والتعاون في الحرب على الإرهاب و"محور الشر"، إلى أن فوجئت بالعالم العربي يغلي على مرجل "ربيعه" الذي ما زال يدهشنا بما يختزنه من طاقات وتحولات، لن نعرف في المدى المنظور، أين ستأخذنا. وما أن بدا أن الإسلاميين قد امتطوا صهوات الشوارع والميادين العربية، حتى سارعت الدولة الأعظم، بإحداث الاستدارة الكاملة في مقاربتها لملفات المنطقة ... أجرت سلسلة غير منتهية من الحوارات والمفاوضات، وتوصلت مع قادة العمل "الإخواني" إلى تفاهمات، تمحورت حول أمن إسرائيل وسلامها ... قدّم الإخوان البضاعة المطلوبة منهم لواشنطن وتل أبيب، وأغمضت الحليفتان الاستراتيجيتان أعينهما عمّا تميّز به عام حكمهم الأول، من فشل واستئثار و"أخونة" وإقصاء. وعندما خرج الشارع المصري عن بكرة أبيه، ضد نظام مرسي وحكم الإخوان، أُخذت واشنطن على حين غرة، وبدا ان ما استثمرته في حكم الإخوان، مُهدد بالزوال دفعة واحدة ... صعّدت الموقف ضد تدخل الجيش على خط الثورة المصرية الثانية، ولوّحت بورقة قطع المساعدات، وواصلت هوايتها المفضلة في إسداء النصح وتقديم التوصيات ... لكن عينها ظلّت متسمرة على مصلحتها الاستراتيجية العليا: أمن إسرائيل وسلامها. وعلى خطى واشنطن، سارت جملة من العواصم الإقليمية والدولية ... الاتحاد الأوروبي ضبط خطواته على إيقاع السياسة الأمريكية (كعادته)، رفض أن يسمي ما حصل بالانقلاب، ورحب بخريطة الطريق للمستقبل واستعجل تنفيذها، متعهداً كواشنطن، بالعمل جنباً إلى جنب، مع "العهد الجديد"، طالما ظل هذا العهد، على تعهد الدولة المصرية بالسلام مع إسرائيل وصون أمنها. لذلك لم يأخذ كثيرٌ من المراقبين، ومن ضمنهم كاتب هذه السطور، على محمل الجد، كل التهديدات الغربية بقطع المساعدة عن الجيش والدولة المصريين ... بل ولقد جازفنا بالقول، بأن واشنطن لن تجرؤ على فعل ذلك، لأنها ببساطة ستكون قد قامرت بأحد أهم مصالحها ومحددات استراتيجيتها في المنطقة: أمن إسرائيل وسلامها ... وهذا ما كان على أية حال، وهذا ما آلت إليه المواقف الأمريكية والأوروبية، بعد فترة من التردد والتصريحات المتناقضة. عواصم الإقليم، بدت أكثر تحرراً من القبضة الأمريكية المتآكلة ... ولم نلحظ أن أياً منها قد انتظر "استقرار" الموقف الأمريكي، لتحدد مواقفها وسياستها، في شهادة إضافية على تراجع التأثير والنفوذ الأمريكيين ... أنقرة هاجمت بأشد العبارات "الانقلاب والمجازر"، وسخرت إعلامها الموجه للمنطقة (التركية العربية ووكالة أنباء الأناضول) لخدمة مرسي وإخوانه، غير آبهة بما آلت سياسات واشنطن، ونظرت لما يجري في مصر، بوصفه معركتها الخاصة، معركة الهيمنة على الإقليم وتزعمه ... أما إيران التي تفترق على تركيا في معظم الملفات والأزمات التي تعصف بالمنطقة، فقد اتخذت الموقف التركي ذاته، ولكن بكثير من "الكياسة" والدبلوماسية التي افتقرت إليهما ردت الفعل التركية، وفي خلفية الموقف الإيراني، العلاقات المتشعبة التي نسجتها طهران مع الإخوان المسلمين، والخشية من عودة الجيش و"الفلول" إلى سياسة الابتعاد عن طهران واستعدائها. دول الخليج العربية بدت منقسمة إلى عدة محاور وجبهات ... السعودية والإمارات، ولأسباب خاصة بهما وبعدائهما المستحكم للإخوان المسلمين، تصدرتا المواقف العربية المؤيدة للتغيير والداعمة له، كرهاً بالإخوان لا حباً بالديمقراطية والتعددية وحقوق الإنسان ... فيما ظلت قطر على عهدها، حليفاً وداعماً بقوة للإخوان المسلمين، حيث سخّرت الجزيرة والقرضاوي للقيام بدور "الطليعة المقاتلة" إلى جانب مرسي ونظامه، وحيث بدا أن انتقال الحكم من الاب لابنه، لم يستتبع تغييراً جوهرياً في السياسة الخارجية القطرية ... البحرين، ولأسباب تتصل بالصراع المذهبي المحتدم فيها، كانت أقل تورطاً في الانفعال لأن انضمامها لجوقة الشتّامين للإخوان والسلفيين، سيضعف من قدرتها على مواجهة المعارضة الشيعية ... أما الكويت، فموقفها دقيق في ظل وجود حالة "توازن قوى دقيق" بين مختلف مكونات الإسلامي السياسي (السلفي والإخواني والشيعي) على أرضها ... أما عُمان فواصلت العمل بسياسة "النأي بالنفس"، قولاً وفعلاً، جرياً على مألوف وتقاليد سياستها الخارجية. والحصيلة التي يخرج بها المراقب للمشهد الإقليمي والدولي، تشير إلى تنامي الاعتراف الواقعي العالم بالتغيير الذي حصل في مصر، حتى وإن تعددت دوافع هذا الاعتراف ومسوغاته ... الأمر الذي يجعل من مهمة الحشود المليونية التي أخرجها الإخوان لاستعادة حكمهم ورئيسهم، مهمة مستحيلة، سيما وأن كفة موازين القوى في الدولة والمجتمع المصريين، لم تعد راجحة لصالح الجماعة، التي ستكون قد قررت الانتحار، إن هي واصلت مسعاها اليائس هذا.  

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحدث المصري من زاويا إقليمية ودولية الحدث المصري من زاويا إقليمية ودولية



GMT 20:03 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

دومينو نعمت شفيق

GMT 20:01 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

معايير عمل البلدية

GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 19:29 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 19:26 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 19:23 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 11:33 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

تنعم بحس الإدراك وسرعة البديهة

GMT 12:56 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 15:46 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

وفاة الممثل السوري غسان مكانسي عن عمر ناهز 74 عاماً

GMT 18:24 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مصطفى حمدي يضيف كوتة جديدة لمصر في الرماية في أولمبياد طوكيو

GMT 15:53 2024 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

بحث جديد يكشف العمر الافتراضي لبطارية "تسلا"

GMT 19:00 2023 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

لصوص يقتحمون منزل الفنان كيانو ريفز بغرض السرقة

GMT 13:02 2022 الثلاثاء ,07 حزيران / يونيو

توقيف مذيع مصري بعد حادثة خطف ضمن "الكاميرا الخفية"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon