الفلسطينيون لم يخرجوا من التاريخ والجغرافيا بعد

الفلسطينيون لم يخرجوا من التاريخ والجغرافيا بعد

الفلسطينيون لم يخرجوا من التاريخ والجغرافيا بعد

 لبنان اليوم -

الفلسطينيون لم يخرجوا من التاريخ والجغرافيا بعد

بقلم : عريب الرنتاوي

كُشف في إسرائيل والولايات عن تشكيل لجنة مشتركة، هدفها رسم خرائط الأراضي الفلسطينية المحتلة التي ستضمها إسرائيل إلى «سيادتها»، ترجمة لـ"صفقة القرن" ... وأن هذه اللجنة ستضم في عضويتها عن الجانب الأميركي كلا من السفير ديفيد فريدمان، ومستشاره آييل لاتستون، وكذلك سكوت ليث، المسؤول عن ملف الشؤون الإسرائيلية الفلسطينية في مجلس الامن القومي الأميركي، أما عن الجانب الإسرائيلي فستضم اللجنة كلاً من السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة رون دريمر، الوزير ياريف ليفين ومدير عام ديوان رئيس الحكومة، رونين بيرتس.

«صفقة القرن» ذاتها، لم تكن ثمرة تفاوض بين الإسرائيليين والإسرائيليين، ولا بين الولايات المتحدة والعرب، بل ثمرة تفاوض بين الإسرائيليين والأميركيين، من فوق رؤوس الفلسطينيين، ومن دون علم العرب، وبغياب أي تشاور مع قادتهم ... لقد جال مهندس الصفقة جاريد كوشنير في العالم العربي، مروّجاً للصفقة، وطالباً دعمها وتمويلها، حتى من دون «التكرم» على العرب، بعرض تفاصيلها أو الكشف عن خطوطها العريضة.
اليوم، يحدث شيء مشابه تماماً، هو امتداد للنهج الذي ميّز علاقة إدارة ترامب باليمين الإسرائيلي ... تتشكل لجنة لترسيم «الحدود المرنة» أصلاً، وتحديد المناطق التي ستضمها إسرائيل إليها، من جانب واحد ... الولايات المتحدة، تعطي نفسها الحق بـ"منح" إسرائيل ما تشاء من أراضي الفلسطينيين، وتزعم في الوقت ذاته، أنها تقود عملية سلام وتسوية متوازنة، وأنها تقدم للأطراف، عرضاً ليس بمقدور أحد أن يرفضه ... أية مهزلة هذه؟ ... أي استهتار بالشرعية والقانون الدوليين؟ ... أية سابقة تسجلها الدولة الأعظم على نفسها؟
في الحروب، يفرض المنتصرون إملاءاتهم على المهزومين ... هذا ما حدث في سايكس – بيكو ... إسرائيل والولايات المتحدة، تتصرفان كطرف منتصر في «حرب المئة عام الأولى» بين العرب والإسرائيليين، وهما تقرران بصورة أحادية، فرض إملاءاتهما على الفلسطينيين، متشجعتين بحالة الاهتراء في الموقف العربي الرسمي، وحالة الشتات والضياع التي تعيشها الشعوب العربية، وحالة الضعف والانقسام في المشهد الفلسطيني ... «السماء لم تنطبق على الأرض» بعد الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على القدس ونقل السفارة الأميركية إليها ... و"السماء لم تنطبق على الأرض" كذلك، بعد الكشف عن «وعد ترامب» بإقامة «إسرائيل الكبرى» من النهر إلى البحر، وبقية حلقات المسلسل التصفوي ستأتي تباعاً، ولن تقف عن حدود "فلسطين التاريخية".
ليس المهم أن نصرف كل الوقت في الجدل حول حصاد «المئوية الأولى» من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ... قيام إسرائيل وتمددها وابتلاعها لنتائج حروبها وعدواناتها، وفشل المشروع الوطني الفلسطيني، هي بعض علائم الهزيمة التي ألحقت بنا في مختتم هذه المئوية ... الأهم مما سبق، هو أن نشرع من دون إبطاء في إعداد أنفسنا لـ"حرب المئوية الثانية" من هذا الصراع ... لا حلول قريبة، ولا حلول في الأفق ... لا رهانات على تغيير اتجاه تطور الأحداث لا بعد الانتخابات الإسرائيلية ولا بعد الانتخابات الأميركية ... معركة الفلسطينيين من أجل الحرية والحقوق، هي معركة السنوات والعقود القادمة، وليس أمامهم سوى واحدٍ من خيارين اثنين: إما القبول بشروط الهزيمة والرضوخ إليها، أو الشروع في الاستعداد لجولات جديدة، مديدة ومريرة من الصراع، والتكيف مع مقتضياتها وأدواتها وشعاراتها وبرامجها ... لا أمل في المدى المرئي المنظور، لكن الرهان ما زال معقوداً على معارك السنوات والأجيال القادمة، حينها لن تنطبق السماء على الأرض، بل ستسقط فوق رؤوس من راهنوا على خروج الفلسطينيين من الجغرافيا والتاريخ.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفلسطينيون لم يخرجوا من التاريخ والجغرافيا بعد الفلسطينيون لم يخرجوا من التاريخ والجغرافيا بعد



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 00:05 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 05:12 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 تصرفات يقوم بها الأزواج تسبب الطلاق النفسي

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 17:12 2020 السبت ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الهلال السعودي يربط رازفان لوشيسكو بلاعبيه في الديربي

GMT 12:50 2022 الإثنين ,18 تموز / يوليو

ببغاء يُفاجئ باحثي بممارس لعبة تُشبه الغولف

GMT 14:00 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

أفخم 3 فنادق في العاصمة الايرلندية دبلن

GMT 10:04 2022 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

النظارات الشمسية الملونة موضة هذا الموسم

GMT 18:33 2022 الإثنين ,09 أيار / مايو

ألوان الأحذية التي تناسب الفستان الأسود

GMT 17:16 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إلغاء بطولة العالم للشابات في كرة اليد فى لبنان

GMT 17:21 2021 الجمعة ,23 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon