سياسة «حافة الهاوية» التركيةتؤتي أكلها
أخر الأخبار

سياسة «حافة الهاوية» التركية...تؤتي أكلها

سياسة «حافة الهاوية» التركية...تؤتي أكلها

 لبنان اليوم -

سياسة «حافة الهاوية» التركيةتؤتي أكلها

عريب الرنتاوي
بقلم : عريب الرنتاوي

من دون مجازفة، يمكن القول: إن تكتيك "حافة الهاوية" الذي اعتمدته أنقرة لتسوية خلافاتها مع أطراف إقليمية ودولية، قد أعطى ثماره من قبل، وليس مستبعداً أن يرتد عليها بـ"أحسن العواقب"، لا بـ"أوخمها"، إن لم تجد من يضع حداً لمغامراتها.

لم يتردد أردوغان في إصدار أوامره لقواته بإسقاط طائرة روسية حربية فوق سماء سورية. كادت العلاقة بين الصديقَين "اللدودَين" أن تنزلق إلى القعر، لكن اعتذاراً من "السلطان" لـ"القيصر" كان كفيلاً بإطفاء التوتر، بل والانتقال إلى السير معاً على مسارَي أستانا – سوتشي. التعاون الروسي – التركي استمر وتطور بعد ذلك. موسكو اعترفت لتركيا بـ"مصالح" في شمال سورية الغربي والشرقي كذلك، ومروحة التعاون بين البلدين، امتدت من إدلب السورية إلى سرت الليبية. "السلطان" حقق ما أراد، صحيح أنه لم يحقق كامل أحلامه، لكن الصحيح كذلك، أنه لم "يخرج من المولد بلا حمص". لقد خرج بالكثير منه على ما أظن.

وصلت علاقات تركيا بالولايات المتحدة، حد لجوء واشنطن إلى "سلاح العقوبات الاقتصادية" ضد أنقرة، وسحب بطاريات الباتريوت من أراضيها، جاء ذلك على خلفية قرار الأخيرة شراء صواريخ إس 400 الروسية، ومشروعه الرامي إلى تدمير أي فرصة لقيام كيان كردي متصل في شمال سورية. "السلطان" لم يتخل عن عناده، ولوح بأوراقه في مواجهة "الناتو"، بما فيها "قاعدة إنجرليك". عاد الطرفان عن حافة الهاوية، سمح لأنقرة بأن تجتاز حدودها مع سورية، شرق الفرات، على امتداد 120 كم، وبعمق يتراوح مع بين 30 -40 كم، تركيا باتت لاعباً رئيساً في عمق مناطق الأكراد، في شرق سورية وغربها. مرة أخرى، لم يحقق السلطان، كامل أحلامه الإمبراطورية، بيد أن أحداً لن يكون بمقدوره التحدث عن شمال سورية بعد اليوم، من دون أن يكون لأنقرة مقعد على مائدة المفاوضات.

في ليبيا، دخل في مواجهة مع بعض الدول العربية، ومن ورائها فرنسا والاتحاد الأوروبي، وبدرجة أقل الولايات المتحدة. نجح في قلب موازين القوى لصالح طرابلس، وكادت القوات المدعومة منه أن تجتاح سرت والجفرا، لكنها توقفت هناك بانتظار انجلاء عاصفة الاتصالات الدبلوماسية الدولية. من يجرؤ على البحث في مستقبل ليبيا وخرائطها ومصائر نفطها وغازها ومشاريع إعادة إعمارها، من دون أن يأخذ بالحسبان، مواقف تركيا ومصالحها؟ نموذج آخر لنجاح تكتيك "حافة الهاوية". تركيا في ليبيا، مثل تركيا في سورية، وقبلها في العراق، لاعب لا يمكن لأحد أن يقفز من فوقه.

اليوم، تكاد الطائرات الحربية التركية تصطدم بالطائرات الحربية اليونانية، وسفن الأسطول التركي تتعرض بأشكال استفزازية لسفن اليونان والبحرية الفرنسية. خطاب الحرب يتصاعد في أنقرة وأثينا، والصراع يحتدم حول تقاسم الهيدروكربون في شرق المتوسط. لم تضع هذه المعارك أوزارها بعد، سيما أن "السلطان" طرح المسألة على قاعدة: إما الاعتراف بحقوق تركيا أو ما تعتقده أنقرة حقوقاً لها، وإما الذهاب إلى حرب تنتهي بـ"زوال اليونان"، على حد وصف رئيس البرلمان التركي.

لا أحد يريد الحرب، ولا أردوغان جاد أو قادرة على "إزالة اليونان" عن الخرائط. النتيجة المرجحة، "تسوية سياسية ما"، تنتهي إلى ترسيم جديد للحدود والخرائط والمصالح، ستخرج تركيا بنتيجتها، أكبر مساحة وأعمق نفوذاً وأكثر ربحاً. سياسة العربدة، وإيصال النزاعات إلى "حافة الهاوية"، ستعطي أكلها مرة أخرى على الأرجح.

إن ظل الحال على هذا المنوال، فلماذا تتراجع أنقرة؟ ولماذا لا تتمدد في أقواس الأزمات الأخرى المفتوحة في المنطقة، من اليمن إلى لبنان، ومن "المتوسط" إلى الخليج مروراً بـ"الأحمر"؟

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سياسة «حافة الهاوية» التركيةتؤتي أكلها سياسة «حافة الهاوية» التركيةتؤتي أكلها



GMT 19:34 2025 الأربعاء ,12 آذار/ مارس

مسلسلات رمضان!

GMT 11:05 2025 الإثنين ,10 آذار/ مارس

ريفييرا غزة!

GMT 19:57 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

من «الست» إلى «بوب ديلان» كيف نروى الحكاية؟

GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 19:29 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

درّة زروق بإطلالات كاجوال مثالية في صيف 2025

بيروت ـ لبنان اليوم

GMT 21:58 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:12 2019 الأربعاء ,06 شباط / فبراير

مشاركة 14 مصارعا جزائريّا في دورة باريس الدولية

GMT 19:02 2020 السبت ,26 كانون الأول / ديسمبر

نزهة في حديقة دار "شوميه"

GMT 09:33 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

عبايات شتوية للسهرات تمنحك إطلالة ملكية فاخرة

GMT 19:17 2022 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

التيشيرت الأبيض يساعدك على تجديد إطلالاتك

GMT 21:45 2023 الأربعاء ,14 حزيران / يونيو

ديكور أنيق يجمع بين البساطة والوظائفية

GMT 13:25 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبشرك هذا اليوم بأخبار مفرحة ومفيدة جداً

GMT 17:35 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفكار متنوعة لتغليف الهدايا
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon