خيارات أنقرة للتعامل مع أزمة «اللجوء السوري»

خيارات أنقرة للتعامل مع أزمة «اللجوء السوري»

خيارات أنقرة للتعامل مع أزمة «اللجوء السوري»

 لبنان اليوم -

خيارات أنقرة للتعامل مع أزمة «اللجوء السوري»

بقلم: عريب الرنتاوي

 

يصعب التحقق من أعداد اللاجئين السوريين المتواجدين في تركيا، أو القابعين على حدودها مع سوريا بانتظار لحظة اجتياز الجدار ... أنقرة تتحدث عن أربعة ملايين مقيم، ومليون آخر على الحدود، وتقارير أخرى تقترح أعداداً أقل من تلك ... «الأرقام» في عالم مصطرع ومستقطب، باتت محمّلة بالدلالات والرسائل السياسية، ولم تعد عملاً إحصائياً مهنياً منزهاً عن الغرض.
خيارات أنقرة في التعامل مع هذا الملف الثقيل، الذي يزداد ثقلاً وحضوراً في السياسية التركية الداخلية، تبدو صعبة للغاية، سيما بعد أن تراجعت فرص «الاستثمار السياسي» في هذا الملف، ليتحوّل من «ورقة ضغط» في يد أردوغان، إلى «ورقة ضغط عليه».
بقاء ملايين اللاجئين السوريين في تركيا، لم يعد خياراً، بعد تفاقم حالة «الضيق الشعبي» بهم، وفتح الأبواب أمام مليون لاجئ إضافي، بات يعادل المقامرة بالمصير السياسي لأردوغان وحزبه الحاكم... تجنيس هؤلاء، أو «تتريك» أعداد كبيرة منهم، لغايات انتخابية للعدالة والتنمية، مهمة تقف لها المعارضة والرأي العام بالمرصاد، وهي تزداد صعوبة كلما تباطأ الاقتصاد التركي وتراجعت قيمة العملة التركية، وارتفعت أرقام الفقر والبطالة فيها.
إغراق أوروبا بـ»تسونامي» لاجئين كما تهدد أردوغان وتوعد مراراً وتكراراً، بات ورقة «محروقة»، واستحلاب أوروبا لتقديم المزيد من المساعدة الأوروبية لتحمل كلف هذا الملف، باتت لعبة سقوفها خفيضة ... والصور التي انتشرت بالأمس لحشود اللاجئين على الحدود اليونانية والبلغارية أخذت تأكل من رصيد تركيا ورئيسها لدى الغرب، وليس من رصيد سوريا ورئيسها، فهو رصيد مستنفد على أية حال... ليس اليوم كالأمس، وأية مبالغة في تحريك هذا الملف، سيكون ضرباً من المقامرة بعلاقات أنقرة مع الغرب وأوروبا على وجه الخصوص، وهي علاقات فيها ما يكفيها من مشاكل وسوء فهم وانعدام ثقة.
سقوط نظام الأسد، وتنصيب نظام بديل عنه، يكفل عودة اللاجئين، طواعية أو اختياراً، ليس خياراً، فقد سُحِب هذا المطلب من التداول، وتركيا ذاتها التي كانت من أكثر المتحمسين لخيار «تغيير النظام» لم تعد تطمح لأكثر من العودة إلى «حدود سوتشي» وهذه بذاتها مهمة مستحيلة، بعد تطورات الأيام والأسابيع القليلة الفائتة في إدلب والشمال السوري الغربي.
ولا أفق منظورا في الأفق، لتسوية سياسية شاملة للأزمة السورية، في ظل تفاقم حدة التوتر بين الأقطاب الدولية، ووجود مصلحة حقيقية للاعبين كثر، في إدارة الأزمة السورية وليس حلها، أقله لإبقاء سوريا جرحاً نازفاً في أكف موسكو وطهران ودمشق والضاحية الجنوبية، وربما أنقرة كذلك.
ما الذي تبقى في جعبة أردوغان من خيارات وبدائل؟ ... ثمة طريق مختصر وحيد أمام تركيا للتخلص من أعباء هذا الملف، كُلِها أو جُلِها، وهو ذاته الخيار المتبقي أمام دول أخرى مضيفة للاجئين السوريين مثل لبنان والأردن، وأعني به طريق دمشق – موسكو ... إذ وحده الخيار التفاوضي مع دمشق، والاستعانة بالوسيط الروسي عندما تشتد الحاجة، هو الذي يمكن أن يدرأ وقوع موجات جديدة من اللجوء، ويفتح الباب لعودة متدرجة لقدامى اللاجئين ... بخلاف ذلك، سترتفع كلف «اللجوء السوري» المالية والسياسية والاجتماعية على الدول المضيفة.
هل يفعلها «السلطان»؟ ... لا أظن أن أمراً كهذا ممكن الحدوث، في المدى المنظور على أقل تقدير، فهذا الخيار كان صعباً من قبل، وهو أشد صعوبة اليوم، والمسألة برمتها، لا صلة بها بمصالح تركيا ولا بالمشاعر الأخوية حيال «الأشقاء السوريين» ... المسألة مرتبطة بشخص أردوغان ورهاناته ونظرته لنفسه وحسابات الزعامة وصناديق الاقتراع ... لا أكثر ولا أقل.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خيارات أنقرة للتعامل مع أزمة «اللجوء السوري» خيارات أنقرة للتعامل مع أزمة «اللجوء السوري»



GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 18:24 2023 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

وفاة الممثل التلفزيوني جاك أكسلرود عن عمر ناهز 93 عاماً

GMT 17:28 2023 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

نشرات "لينكد إن" الإخبارية بين الترويج وتخطي الخوارزميات

GMT 10:51 2020 الأحد ,26 إبريل / نيسان

انضمام هند جاد لـ "راديو9090" خلال شهر رمضان

GMT 05:12 2022 الإثنين ,13 حزيران / يونيو

أفضل العطور الجذابة المناسبة للبحر

GMT 18:26 2021 الأربعاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

الحكم بسجن لوكاس هيرنانديز 6 أشهر بسبب "ضرب" زوجته

GMT 10:48 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

أفضل خمسة مطاعم كيتو دايت في الرياض
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon