إيران وإسرائيل محاولة للفهم

إيران وإسرائيل... محاولة للفهم

إيران وإسرائيل... محاولة للفهم

 لبنان اليوم -

إيران وإسرائيل محاولة للفهم

بقلم: عريب الرنتاوي


تبرز بين الحين والآخر، نظريات متضاربة في تفسير حالة العداء المستحكم التي تميز العلاقات بين إيران وإسرائيل ... أنصار «نظرية المؤامرة» لا يتورعون عن وصف هذه الحالة بـ»المسرحية» المعدة سلفاً، ويرون إلى كل ما يحدث من مواجهات أمنية وعسكرية وسياسية، بوصفها أعمالا متفقا عليها، ومن ضمن خطة للهيمنة على العالم العربي وتقاسم النفوذ في دوله ومجتمعاته.
في المقابل، ثمة نظرية أخرى، تتحدث عن «صراع وجودي» بين الفريقين، مستمد من الإيديولوجيا وله أبعاد حضارية ضاربة في العمق، فإسرائيل لم تعد ترى تهديداً وجودياً لكيانها خارج إيران ومعسكر حلفائها، وإيران ترى أن مشروع تمددها «الحضاري» ككيان «امبراطوري» ليس له من معيق خارج إسرائيل، المدعومة بالطبع من مراكز دولية وإقليمية عدة.
والحقيقة أن النظريتين كلتيهما، تعجزان عن تفسير ماضي وحاضر ومستقبل العلاقات بين الدولتين، وكل واحدة منهما تستند إلى وجه واحد من أوجهها، وتضرب صفحاً عن بقية الوجوه الأخرى لعلاقة شديدة الخصوصية والتعقيد.
لولا الخطر الوجودي الذي تشكله إسرائيل على مستقبل دول وشعوب عربية عديدة، في صدارتها الفلسطينيون بالطبع، لما أمكن لإيران تحت شعار «المقاومة والممانعة» ومحاربة «الاستكبار والشيطان الأصغر» أن تمد نفوذها من قزوين إلى شرق المتوسط، وأن تجني في الوقت ذاته، تعاطف جزء من الرأي العام العربي مع مشروعها ... إسرائيل وفرت «البضاعة» لطهران وأكاد لا أجد «تهديداً» آخر يمكن أن يتيح لإيران مظلة مماثلة للتمدد في عمق مجتمعاتنا، بما في ذلك خطاب «مظلومية الشيعة العرب» الذي بدأت منه أولى محاولات إيران للتسلل والتغلغل.
في المقابل، وفرت إيران لإسرائيل، سيما بعد الغزو الأمريكي للعراق 2003، ذريعة كبرى للحديث عن «العدو/ التهديد المشترك»، والذي تطور على نحو غير مسبوق في ظل إدارة الرئيس دونالد ترامب ... فتحت هذه «الذريعة» وبفعلها، تجري أوسع وأخطر عمليات «التطبيع» بين دول عربية وإسرائيل، وفي سياقها اندرج مشروع «الناتو العربي»، وتحت يافطتها عقد مؤتمر وارسو، وفي مناخاتها جاءت «صفقة القرن» للتعامل مع «نزاع محدود» لتحضير المسرح للانخراط العربي – الإسرائيلي في الصراع الأكبر: ضد إيران.
هذا ليس فعلاً منسقاً، ولا ثمرة لمؤامرة يستسهل البعض اللجوء إليها لتفسير الظاهرات والتطورات المتسارعة في المنطقة ... هذا تعبير عن «صراع حقيقي» بين قوتين إقليميتين، وإن كان صراعاً محكوماً بقواعد وأدوات، تختلف باختلاف أطرافه.
إيران تدرك أن حرباً شاملة مع إسرائيل ليست خياراً، فكلفتها عليها أكبر بكثير من عوائدها، سيما وأن ثمة قناعة متزايدة لدى طهران بأن الحرب يمكن أن تبدأ مع إسرائيل ولكنها ستنتهي مع الولايات المتحدة ... طهران تفضل حروب الوكالة، وأداؤها الدفاعي في سوريا في مواجهة أكثر من 300 ضربة إسرائيلية، يمكن أن يفسر السلوك الإيراني.
إسرائيل بدورها لن تبدأ حرباً شاملة على إيران، هي ترغب بها، ولكنها تفضل أن تقوم بها الولايات المتحدة، وقد تتبعها في مرحلة لاحقة ... إسرائيل لا تمتلك «ميليشيات» وليس لديها «Proxies» في دول الأزمات العربية المفتوحة، إذ يصعب حتى على أكثر الجماعات العربية رداءة وانحطاطاً أن تلعب دور الوكيل عن إسرائيل (تجربة الشريط الحدودي اللبناني تؤكد هذه القاعدة ولا تنفيها) ... إسرائيل تعوّل على ذارعها العسكرية الطويلة، وعلى الدعم الأمريكي اللامحدود لها، ومؤخراً تراهن على حلف مع دول عربية لهذا الغرض.
الصراع الإيراني – الإسرائيلي سيتسمر وفقاً لهذه القواعد والضوابط، وليس له من نهاية إلا في إطار تسوية دولية شاملة مع إيران، تكون الولايات المتحدة في قلبها.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران وإسرائيل محاولة للفهم إيران وإسرائيل محاولة للفهم



GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:05 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تملك أفكاراً قوية وقدرة جيدة على الإقناع

GMT 15:08 2024 الخميس ,11 إبريل / نيسان

هزة أرضية تضرب ولاية تبسة شرقي الجزائر

GMT 16:31 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

الجزائري عسله الأكثر تصديًا للكرات في الدوري

GMT 23:10 2023 الثلاثاء ,09 أيار / مايو

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 9 مايو/ أيار 2023

GMT 19:03 2022 السبت ,14 أيار / مايو

نصائح لاختيار ملابس العمل المناسبة

GMT 18:36 2023 الأربعاء ,05 إبريل / نيسان

حقائب فاخرة لأمسيات رمضان الأنيقة

GMT 15:28 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

الكشف عن قائمة أفضل وجهات سفر عالمية في 2024
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon