عن فوائد الطائفية

عن فوائد الطائفية!

عن فوائد الطائفية!

 لبنان اليوم -

عن فوائد الطائفية

بقلم:أسامة غريب

فى أى بلد عربى إذا تحدثت عن الطائفية فإن الناس يستعيذون بالله مستنكرين، أما فى لبنان فالموضوع مختلف، والحصص التى يتم توزيعها طبقاً للمذهب العقائدى هو نظام معمول به هناك منذ عشرات السنين، ففى عام ١٩٣٦ أصدر المندوب السامى الفرنسى فى لبنان «هنرى دى مارتيل» القرار رقم ٦٠ وبمقتضاه تمت شرعنة وإقرار نظام الطوائف، ما أسفر عن إفراز عشر طوائف مسيحية وخمس طوائف إسلامية وطائفة إسرائيلية، وفى عام ١٩٥٠ أضيف إلى الطوائف المسيحية الطائفة الإنجيلية، وفى عام ١٩٦٠ أضيفت الطائفة القبطية.

من وقتها ونظام المحاصصة على أساس الطائفة يتحكم فى مفاصل الدولة بدءًا من تشكيل الحكومة إلى تعيين موظفى هيئة البريد ومصرف لبنان ومأمورى الضرائب ومراقبى الطيران المدنى ورؤساء الأحياء ومسؤولى الصرف الصحى ومدراء المستشفيات. وهناك مثل واضح يذكره اللبنانيون للتأثير السيىء لهذا النظام عندما قام الوزير الدرزى مروان حمادة الذى كان يرأس وزارة التربية بإقالة موظفة تصادف أنها مسيحية وأنها محسوبة على التيار الوطنى الحر.. بعدها أتى الرد من وزيرين ينتميان للتيار الحر عندما قاما فى اليوم التالى بإقالة موظفين اثنين من الدروز!. إلى هذا الحد وصل العبث الطائفى فى لبنان.. إلى تبادل رفت الموظفين وكأن أمريكا تطرد دبلوماسيين صينيين، فترد الصين بطرد دبلوماسيين أمريكان!

ومع ذلك فلا يجب فى خضم التحامل على النظام الطائفى وإبراز سيئاته أن ننسى أن هذا النظام - على عواره- قد جنّب اللبنانيين المصير الأسود الذى يلاقيه المواطن العربى من ظلم وجور وعسف دون أن يجد زعيم طائفة ينصره وينصفه.. ففى الكثير من البلاد العربية يتم حجز الوظائف المرموقة لأبناء المسؤولين وحواشيهم، وهناك لا يستطيع أبناء الفقراء الحصول على تعليم لائق أو خدمات صحية حقيقية، ولا يمكنهم التطلع إلى دخول الكليات المؤهلة للعمل بالجيش والشرطة والقضاء، كما لا يمكن لهم الالتحاق بالإذاعة والتليفزيون، فضلًا عن أنه فى بعض البلاد يصعب جداً العثور على لاعب كرة قدم مسيحى!.. كل هذا الظلم لا يتعرض له اللبنانيون، وإنما تواجههم متاعب من نوع آخر منها أن زعيم الطائفة قد لا يستطيع تلبية كل الطلبات وتنفيذ كل الأحلام والتطلعات.. وهنا قد ينقم عليه الذين لم تتساقط عليهم ثمرات الطائفية!.. لا نقول إن نظام المحاصصة الطائفية جميل، لكنه الأكثر معقولية فى وطن عربى تغيب عنه الديمقراطية والشفافية والمحاسبة.


ومن المؤكد أن اللبنانيين وهم يتطلعون للفكاك من النظام المذهبى يفكرون فى النماذج الغربية، ويتمثلون تجارب بلدان مثل فرنسا وإنجلترا وألمانيا، لكنهم لا يفكرون فى تطبيق نظريات الكتاب الأخضر لصاحبه معمر القذافى ولا نظام صدام أو على عبد الله صالح.. لذلك يضحكنى كثيرًا أن أرى الكتاب العرب يأسون على حال لبنان ويشفقون عليه من الطائفية والمذهبية ونظام التقسيم النسبى والمحاصصة.. يفعلون هذا كما لو كانوا ينتمون إلى العالم الحر الذى تسوده المساواة ويحكمه القانون، مع أن النظام الطائفى اللبنانى أرقى كثيرًا من اللانظام الذى يعيشون فيه!.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن فوائد الطائفية عن فوائد الطائفية



GMT 21:11 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

“حكومة التعريفة” ولغز النفط وتسعير مشتقاته

GMT 21:11 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

فستان الرَّئيس «السَّابق»

GMT 21:10 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

ذاكرة شفوية منقوشة في جدار الزمن

GMT 21:09 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

ذاكرة شفوية منقوشة في جدار الزمن

GMT 21:08 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

قانون «الفجوة» ومرتكبو الجرائم المالية!

GMT 21:07 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

أهداف إسرائيل وحسابات سوريا الجديدة

GMT 21:06 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

تعقيدات المفاوضات الأوكرانية

GMT 21:05 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

تغيير الخطاب وتعديل المسار

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 20:43 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

مأساة أم مصرية تشعل مواقع التواصل بعد عرض أطفالها للبيع
 لبنان اليوم - مأساة أم مصرية تشعل مواقع التواصل بعد عرض أطفالها للبيع

GMT 21:44 2017 الأحد ,10 أيلول / سبتمبر

كيف تتحكمين في صرخات طفلك المحرجة؟

GMT 22:16 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:50 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ألوان الموضة لخريف وشتاء 2026 توازن بين الأصالة والابتكار

GMT 14:56 2023 السبت ,07 كانون الثاني / يناير

الطبابة في حوض الفولغا

GMT 09:27 2015 الثلاثاء ,14 إبريل / نيسان

موقع صحيفة "الحياة" يتعرض إلى القرصنة

GMT 12:39 2015 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

الأخطبوط يلجأ إلى حيل مثيرة للدهشة للإيقاع بالفريسة

GMT 07:35 2020 الجمعة ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

توماس باخ يؤكد أنهم مستعدون لإقامة أولمبياد طوكيو

GMT 22:11 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

دليل تنظيف اللابتوب

GMT 22:18 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

فالنتينو تخطف الأنظار بمجموعتها لموسم 2018

GMT 09:01 2022 الأحد ,03 تموز / يوليو

ماجد المصري ينتهي من تصوير فيلم خمس جولات
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon