مهارات مبكرة

مهارات مبكرة

مهارات مبكرة

 لبنان اليوم -

مهارات مبكرة

بقلم:أسامة غريب

يتخرج الشاب فى الجامعة ويندفع إلى الحياة العملية مفعمًا بالأمل والطاقة، حالمًا بالمثل العليا، راغبًا فى تغيير الكون. ومع أول احتكاك بالعمل ودنيا الموظفين يفاجأ بأن زملاء له حديثى التخرج مثله يتزلفون ويمسحون الأعتاب من أجل بلوغ الحظوة ونيل المكانة عند الكبار بما يؤهلهم لسرعة تجاوز الآخرين!.

عندما رأيت هذا منذ سنوات بعيدة فإن ثقتى اهتزت بالحياة ذاتها، ليس لافتراضى البراءة فى البشر، لكن لأننى تساءلت فى فزع: متى تعلّم هؤلاء الصغار كل هذه الآليات المنحطة التى يمارسها الكبار متذرعين بأنهم أصحاب عيال ولديهم مسؤوليات عائلية إلى آخر هذه الأعذار التى يمكن أن نفهمها دون أن نقرها. أما الشاب الذى تخرج بالأمس فى الجامعة وليس عنده أعباء أو مسؤوليات فما عذره؟ ومتى وأين تعلم كل هذا النفاق واللوَع؟..

لقد كنا بالأمس نخرج فى المظاهرات الجامعية نهتف ضد كل ما لا يعجبنا، ولم نكن نبالى بالعواقب شأننا شأن كل الشباب الحى فى جميع أنحاء العالم.. فمن أين أتى بالضبط هؤلاء الخانعون، وهل كانوا حقًا زملاء لنا فى الجامعة دون أن نلحظ وجودهم؟. المشكلة أننا كنا نشعر بالعجز إزاء أساليبهم فى التملق، وكنا نرى أنفسنا بلا حيلة حتى لو قررنا أن نكون مثلهم.. ذلك أن هذه المهارات تحتاج لصقل وتدريب ولا يمكن لمن كان ذا كرامة وكبرياء أن يفوز فى مباريات من هذا النوع.


الآن بت أعتقد أن الرومانسية والأحلام هى التى أعمتنا عن رؤية أن جانبًا لا بأس به من زملائنا كانوا يهتمون بالمذاكرة فقط ولا يشاركون فى أى نشاط مما يميز الكائنات الحية كالرحلات ومجلات الحائط والهوايات الرياضية والفنية والأدبية.. وهؤلاء رغم الشطارة الأكاديمية كان أغلبهم محدود الثقافة، ضيق الأفق ولا يملك النظرة النقدية للأمور رغم الحرث اليومى فى الكتب المقررة!، ولا شك أن نفس الرومانسية هى التى منعتنا من تصديق أن جانبًا من زملائنا كانوا يكتبون التقارير عن النكت التى قيلت بكافتيريا الكلية، والأشعار والأغانى التى تغنينا بها. وطبيعى أنّ أولئك وهؤلاء هم الذين أتوا من الجامعة إلى العمل متسلحين بأدوات العصر المؤهلة للولوج إلى المستقبل والقفز إلى المراكز المتقدمة!.

الغريب أن عددا من الزملاء الذين ظلوا على احترامهم لأنفسهم لسنوات أخذوا يتساقطون من الإعياء بسبب طول المشوار وقلة محطات الراحة على الطريق، وبعد أن أفنوا العمر فى الزرع وفى النهاية لم يطلع المحصول!.

ومن عجب أننى لم أشعر بالغضب من هؤلاء بقدر ما أشفقت عليهم مما أضاعوه من وقت، وقد كان يمكنهم لو بدأوا مبكرين أن يحجزوا لأنفسهم نصيبا أكبر من الكعكة التى اتجهوا نحوها بعد أن صارت فتاتًا!.

وعلى الرغم من كل ما تعلمته من خبرات الحياة فمازلت لم أتخلص بعد من الدهشة بخصوص زملائى الأنذال الذين اكتسبوا المهارات المنحطة مبكرا فى غفلة منا، بينما كانت قيم الحق والخير والجمال هى ما يشغلنا!.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مهارات مبكرة مهارات مبكرة



GMT 21:13 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

درب السلام

GMT 21:12 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

لَا أَحسَبُ الشَّرَّ جَاراً!

GMT 21:10 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

من الوحدة الشاملة إلى براكين الدَّم والتَّشظّي

GMT 21:10 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«داعش» وأعياد نهاية العام

GMT 21:07 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المسيحية الصهيونية... من الهرطقة إلى تبرير الإبادة

GMT 21:06 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المعنى الغائب في أكثر صراعات العالم حضوراً

GMT 21:05 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

حين قرأ كسينجر لحسن البنا

GMT 21:04 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«ماغا»... رأب الصدع أم نهاية الائتلاف؟

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 11:59 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

يتحدث هذا اليوم عن مغازلة في محيط عملك

GMT 20:21 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 14:39 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:04 2023 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

خبير طبي يؤكد أن التدفئة مهمة جدًا للأطفال الخدج

GMT 11:33 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

تنعم بحس الإدراك وسرعة البديهة

GMT 04:58 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

أفكار متنوعة لترتيب وسائد السرير

GMT 22:04 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 19:17 2022 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

التيشيرت الأبيض يساعدك على تجديد إطلالاتك

GMT 19:02 2021 الثلاثاء ,21 كانون الأول / ديسمبر

النجمة يخرج العهد من كأس لبنان

GMT 18:52 2021 الأربعاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

الجامعة اللبنانية وزعت نبذة عن رئيسها الجديد بسام بدران

GMT 15:33 2021 الإثنين ,05 تموز / يوليو

46 حالة جديدة من متحوّر “دلتا” في لبنان

GMT 18:30 2021 الثلاثاء ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مالك مكتبي يعود بموسم جديد من "أحمر بالخط العريض"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon