يا رايحين الباطنية

يا رايحين الباطنية!

يا رايحين الباطنية!

 لبنان اليوم -

يا رايحين الباطنية

بقلم: أسامة غريب

كلنا نعرف أغنية «يا رايحين الغورية»، التي كتبها محمد على أحمد ولحنها كمال الطويل.. الغنوة جميلة إذا نظرنا إليها بحسبانها خيالًا لا علاقة له بالواقع، إذ إن النظرة الواقعية لها سوف تسخر بالضرورة من هذا العاشق الذي لا يستنكف أن يطلب من معارفه أن يأتوا لحبيبه بهدية من الغورية بدلًا من أن يقوم هو بالمهمة. وقد تزداد الغرابة عندما يقوم العاشق بمنحهم طيفًا واسعًا من الخيارات مثل أن يحضروا «حلق بدلاية» أو توب بالقصب، وطرحة مع شال وإسورة وخلخال، وغير ذلك من المعروضات التي تمتلئ بها محال الغورية. وقد تكون فكرة الأغنية امتدادًا لتراث على نفس الشاكلة بدأه عبده الحامولى في نهاية القرن التاسع عشر عندما غنّى قائلًا: هاتوا لى حبيبى!.. ويقال إن اللورد كرومر كان يحضر سهرة وسمع المطرب المتصيت يعيد ويزيد في نفس الجملة لما يزيد على ساعة، فسأل من معه عما يقوله ويكرره هذا الرجل الممل، فأخبروه بأنه يريد من يأتى له بحبيبه، فصرخ فيهم قائلًا: فليحضره أحد بسرعة حتى تنتهى هذه الليلة!.

ومع ذلك، فمسألة أن يأتوا للعاشق بالحبيب تبدو أيسر من أن يذهبوا للغورية ويدفعوا فلوسًا في هدية لا تخصّهم مع عدم وجود ضمان بأن المتيم الولهان سيحاسبهم على الهدية ويدفع ثمنها!. هذا وقد شجعت أغنية الغورية الشاعر حسين السيد أيضًا على أن يكتب لصباح أغنية تقول بعض كلماتها: «خان الخليلى على شمالكم هداياه واحشانى.. وابقوا جيبوا لى توت عنخ المنقوش في صوانى، وابقوا افتكرونى من الصاغة بإسورة لولى.. سلموا لى على مصر سلموا لى!».. ولا أدرى هنا ما علاقة الحنين لمصر بأن نطلب من الناس الذهاب للجواهرجى وشراء هدية لنا من اللؤلؤ الحر!.

وقد تكون مجموعة من الأسباب قد تضافرت وجعلت عبدالحليم حافظ بعد أن سجل أغنية الغورية يقوم بمنع الإذاعة من تقديمها.. ومن الشائع أن حليم لم يرض عنها وأحس أن قنديل غناها أفضل منه.. لكنى أميل إلى أن العندليب لم يشأ أن يسجل على نفسه أنه يقدم للبنات هدايا سُحت أو في أفضل الأحوال شُكُك!.. وهناك سبب آخر لست متأكدًا من أن عبدالحليم أخذه في اعتباره وهو أن أحد الرجال في ذلك الزمان قد أوصى أصدقاءه قائلًا: «يا رايحين الباطنية.. هاتوا لحبيبى وقيّة». ويقال إن الرفاق قد أحضروا له وقية من الحشيش الأفغانى الذي ينز زيتًا، وأنه قد شرب مع المحبوبة في جلسة مزاج عالى، كما قدّم منها لأصدقائه ومعارفه، ومع ذلك فإنه لم يسدد ثمنها ودخل مع من اشتروها له في مشاكل لم تجد طريقها للحل إلى الآن.

لكل ذلك، فإننى من هذا المنبر أناشد كل من أراد أن يهدى حبيبته شيئًا أن يتحلى ببعض الذوق وبعض النشاط ويذهب بنفسه لشراء الهدية، وأن يدفع ثمنها من حر ماله منعًا للإحراج والمشاكل، وحتى تعرف المحبوبة أنه ليس بخيلًا أو نطعًا!.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يا رايحين الباطنية يا رايحين الباطنية



GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 20:01 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

لجنة الانضباط تعاقب رئيس الشباب بغرامة 20 ألف ريال

GMT 19:43 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

لجنة الانضباط تعاقب المصري حسين السيد

GMT 15:30 2019 الإثنين ,25 شباط / فبراير

لؤي ناظر يكشف أسباب تراجع النتائج ورحيل بيلتش

GMT 03:49 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

هوساوي يكشف أسباب اعتزاله عن "الوحدة"

GMT 17:59 2019 الثلاثاء ,08 كانون الثاني / يناير

باهبري يحقق رقم مميز في تاريخ المنتخب السعودي

GMT 22:13 2021 الإثنين ,01 آذار/ مارس

استقالة جماعية لمجلس إدارة عين مليلة

GMT 04:41 2021 الإثنين ,02 آب / أغسطس

سلمى رشيد تتألق بعباءة حرير في آخر ظهور لها

GMT 16:11 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

براد جونز يكشّف أسباب تراجع نتائج "النصر"

GMT 22:37 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

تعافي زيدان مدرب ريال مدريد من فيروس كورونا

GMT 01:46 2020 الخميس ,31 كانون الأول / ديسمبر

هدفان يحفظان ماء وجه الأجانب في الدوري السوداني

GMT 06:51 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

أفضل أنواع الستائر الصيفية لإبعاد حرارة الشمس
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon