عبقرية الهوية المصرية

عبقرية الهوية المصرية

عبقرية الهوية المصرية

 لبنان اليوم -

عبقرية الهوية المصرية

بقلم:سحر الجعارة

تناول الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى كلمته، بقمة جدة للأمن والتنمية 2022، القضايا الدولية والعالمية، وكعادته يحمل «الهم العربى» ويخاطب العالم، فى حضور الرئيس الأمريكى «جو بايدن» بحل قضية «فلسطين» على أساس الدولتين.. وربما نحتاج إلى مناقشة مستفيضة حول كل محور تناوله الرئيس من الأمن العربى إلى مكافحة الإرهاب إلى الأمن المائى، لكننى سوف أتوقف -هنا- أمام استراتيجية بناء المجتمعات من الداخل وتعزيز دور الوطنية «ذات الهوية الجامعة».

(إن بناء المجتمعات من الداخل يتطلب دعم ركائز مؤسساتها الدستورية وتطوير ما لديها من قدرات وكوادر وإمكانات ذاتية؛ لتضطلع بمهامها فى إرساء دعائم الحكم الرشيد وتحقيق الأمن، وإنفاذ القانون، ومواجهة القوى الخارجة عنه، وتوفير المناخ الداعم للحقوق والحريات الأساسية، وتمكين المرأة والشباب، وتدعيم دور المجتمع المدنى كشريك فى عملية التنمية، وكذلك دور المؤسسات والقيادات الدينية لنشر ثقافة الاعتدال والتسامح، بما يضمن التمتّع بالحق فى حرية الدين والمعتقد).. هذه الفقرة من كلام الرئيس لا تستثنى فئة أو طبقة اجتماعية أو جماعة دينية إلا وتنصهر فى بلورة «الهوية الجامعة».

وتكاد تلك الفقرة أن تلخص الحقوق والواجبات المنصوص عليها فى الدستور.. إنها أجندة عمل لبناء المجتمعات من الداخل: (على أسس الديمقراطية والمواطنة والمساواة واحترام حقوق الإنسان، ونبذ الأيديولوجيات الطائفية والمتطرفة، وإعلاء مفهوم المصلحة الوطنية).

سوف تلاحظ أن الرئيس لم يختزل «هوية مصر» فى كونها دولة إسلامية أو قبطية أو فرعونية أو شرق أوسطية أو حتى عربية.. فهذه المدخلات وغيرها تشكل مجموعة من الطبقات الحضارية التى شكلت لنا فى المحصلة النهائية لوحة الفسيفساء المتجانسة، نتحدث عن طبقات حضارية تبدأ بالفرعونية ثم اليونانية والرومانية ثم القبطية وأخيراً الإسلامية أو العربية، تفاعلت مع بعضها البعض، ولم تصطبغ بها الهوية المصرية، بل دمجتها فى عملية تمصير لكل الطبقات الحضارية.

عناصر الهوية المصرية المختلفة ومكونات الشخصية المصرية جعلت من مصر «الرقم الصعب» فى الشرق الأوسط بل والعالم، فقادت حركات التحرّر الوطنى فى ثورة يوليو 52، وقفت ضد عملية سلفنة البلاد، وحين سطت جماعة «الإخوان» الإرهابية على الحكم وسعت لأخونة البلاد وتغيير هويتها «دافعت مصر عن ذاتها».. لتبقى دولة ذات «سيادة» على أرضها ولها نظام حكم يستمد شرعيته من الإرادة الشعبية.

الدول ليس لها دين، بل لها دستور.. واستيلاء جماعة إرهابية على الحكم لا يعنى سقوطها، فمن الممكن أن تنهض ثانية وتتطهر من دنس الإرهاب.. وفى قاموس الدول العصرية: (لا مكان لمفهوم الميليشيات والمرتزقة وعصابات السلاح فى المنطقة).

إن أخطر ما يواجهه العالم أجمع هو بؤر الإرهاب التى تعمل على إسقاط الدول بإفشالها، وبالصرعات الدينية والعرقية والمذهبية.. رأينا ما قامت به «داعش» فى سوريا وفى ليبيا.. وبالتالى غير مسموح لأى جماعة بأن تتحول إلى «الفكر الطائفى» وتخرج عن أهم دعائم الحكم الرشيد وهو «إنفاذ القانون».

كذلك على كل التيارات الدينية بتنوعها واختلافها ومؤسساتها ألا تحول الاختلاف إلى «صدام».. ولهذا حدّد الرئيس «السيسى» دور المؤسسات والقيادات الدينية فى (نشر ثقافة الاعتدال والتسامح بما يضمن التمتع بالحق فى حرية الدين والمعتقد).. فمناخ التكفير والاضطهاد الذى حاول «الإخوان» تكريسه فى المجتمع لن يُسمح به.. وعلينا جميعاً «نبذ الأيديولوجيات الطائفية والمتطرفة» لتعود مصر كما كانت «متسامحة».

كل عبارة قالها الرئيس يمكن أن نُحللها فى عدة مقالات.. لكن فى محفل عالمى تبقى «خصوصية مصر» حاضرة، لأنها العنصر الذى يعطيها القدرة على مواجهة التحديات العالمية (الإرهاب، كورونا، الحرب الروسية - الأوكرانية).. وأن تحافظ على مكانتها فى إدارة عملية السلام فى الشرق الأوسط، وقدرتها الذاتية على احتواء آثار الإصلاح الاقتصادى واستكمال مسيرة التنمية وجلب الاستثمار.

مصر القوية لم تتحول إلى مركز إيواء للعائدين من أفغانستان، وهنا تتجلى الشخصية المصرية التى ترفض أن ترتدى العمامة أو تغرق فى حرائق المولوتوف.

مصر صاحبة الحضارة العريقة تتجسّد فى احترام العالم لحاكمها.. من فهمه العميق للتحديات الآنية والمحتملة.. وقدرته على صياغة الحلول الحاسمة لمختلف الصراعات: الهوية المصرية تبدأ بالإنسان.. وتتحدث عن نفسها.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عبقرية الهوية المصرية عبقرية الهوية المصرية



GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

GMT 02:02 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

تدليل أمريكي جديد لإسرائيل

GMT 01:56 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

«العيون السود»... وعيون أخرى!

أيقونة الجمال كارمن بصيبص تنضم لعائلة "Bulgari" العريقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:24 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
 لبنان اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 20:08 2024 الخميس ,04 إبريل / نيسان

مولود برج الحمل كثير العطاء وفائق الذكاء

GMT 11:04 2024 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

لاعب برشلونة مارتينيز يشتبك مع مشجع خارج الملعب

GMT 04:53 2022 الإثنين ,04 تموز / يوليو

مكياج العيون من وحي الفنانة بلقيس

GMT 19:17 2022 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

التيشيرت الأبيض يساعدك على تجديد إطلالاتك

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 07:32 2022 الأحد ,10 إبريل / نيسان

نصائح للحفاظ على الشعر الكيرلي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon