الضبطية القضائية داخل الجامعة

الضبطية القضائية داخل الجامعة

الضبطية القضائية داخل الجامعة

 لبنان اليوم -

الضبطية القضائية داخل الجامعة

حسن نافعة

يعكس الجدل الدائر فى مصر حول قرار منح الجهة المسؤولة عن أمن الجامعة سلطة «الضبطية القضائية» حجم الفوضى التى تكتنف عملية صنع القرار فى مصر، وعلى مختلف المستويات. وقد تجلت هذه الحقيقة بوضوح تام فى مؤتمر نظمته جامعة القاهرة، أمس الأول، وتعرض فيه الدكتور حسام عيسى، وزير التعليم العالى، لهجوم حاد دفعه للانسحاب من المؤتمر، ومغادرة القاعة، وسط ذهول الكثيرين. وإن دل ذلك على شىء فإنما يدل على أن الخلل الذى كان قد أصاب عملية صنع القرار، إبان حكم مبارك، وفشل مرسى فى إصلاحه ما زال قائما حتى الآن، على الرغم من اندلاع ثورة ثانية أتت بحكومة يفترض أن تكون أكثر تعبيرا عن مصالح الجماهير، وأنه ربما يستمر معنا لفترة طويلة قادمة. كان قرار «الضبطية القضائية» فى الجامعة قد أثار حفيظة الطلاب، بسبب خشيتهم من أن يشكل بابا خلفيا لعودة النظام القديم الذى مكَّن جهاز مباحث أمن الدولة من الهيمنة الفعلية على إدارة الجامعة. وبدلا من إدارة حوار موضوعى حول مفهوم «الضبطية القضائية»، ونطاق تطبيقها، والضمانات المطلوبة للحيلولة دون إساءة استخدامها، راح الجدل يتجه نحو تحديد الجهة المسؤولة عن اتخاذ هذا القرار، واستخدامه كمدخل لتبادل الاتهامات السياسية، فقد أنكر الدكتور حسام عيسى مسؤوليته عن اتخاذ هذا القرار، ومن ثم رفض التعهد بإلغائه، بحجة أنه يتطلب إعادة العرض على المجلس الأعلى للجامعات، باعتباره صاحب السلطة العليا فى كل ما يتعلق بشؤون الجامعات، وهو ما أثار حفيظة الطلاب. أما الدكتور جابر نصار، رئيس الجامعة، فقد أكد من ناحيته، أن وزير التعليم العالى السابق، الإخوانى، هو من أصدر القرار الذى يعترض عليه، اليوم، طلاب ينتمون إلى نفس الجماعة!. غير أن رئيس الجامعة لم ينتبه إلى أن تصريحه، الذى بدا وكأنه نجح فى تسديد هدف فى مرمى الإخوان، تناقض مع تصريح الوزير، فإذا كان صحيحا أن الوزير السابق هو من أصدر القرار المعنى فمن حق الوزير الحالى أن يلغيه، أما إذا كان القرار قد صدر بعد العرض على المجلس الأعلى للجامعات فلا يصبح قرار الوزير فى هذه الحالة. وفى سياق كهذا تصعب تهيئة الأجواء لنقاش موضوعى. وفى تقديرى أن جوهر المشكلة التى نحن بصددها يتعلق بأمن الجامعة، منشآت وعاملين، وليس بـ«الضبطية القضائية» التى ليست سوى وسيلة لتحقيق هدف نبيل، فإذا أظهر النقاش الموضوعى أنها وسيلة ضرورية لتحقيق الهدف المطلوب، فأهلا بها وسهلا، أما إذا تبين أنها باب خلفى لعودة مباحث أمن الدولة، فلتذهب «الضبطية القضائية» إلى الجحيم، ومن ثم يتعين إلغاؤها فورا، لكن يتعين حينئذ أن نبحث عن وسيلة أخرى أفضل وأنبل وأكثر قدرة على تحقيق الهدف المنشود. لا أظن أن هناك طرفا يرغب فى أن تتحول الجامعات المصرية إلى أماكن ترويج للمخدرات أو لأنواع الجرائم التى يسهل انتشارها فى أوساط الشباب، غير أنه لا يجوز فى الوقت نفسه أن نسمح لأى طرف، كائنا من كان، استخدام تلك الحجة ذريعة لعودة النظام القديم إلى الحرم الجامعى أو لتمكين أى نظام حاكم، فى الحاضر أو فى المستقبل، من إحكام قبضته على الجامعات وتسخيرها لخدمة أجندته السياسية الخاصة، فالمشكلة الرئيسية تتعلق، فى تقديرى، بطبيعة ونوعية ومستوى كفاءة وتبعية الجهاز المسؤول عن أمن الجامعة، فإذا ضمنَّا الاستقلال التام لهذا الجهاز، وعدم خضوعه لأى سلطة أخرى غير سلطة رئيس الجامعة، وقمنا بتزويده بالمهارات الفنية التى تُمَكِّنه من القيام بوظيفته بكفاءة، فلن تكون هناك مخاوف من منحه سلطة «الضبطية القضائية»، فهذه السلطة، كما أفهمها، هى سلطة تحقيق وليست سلطة قضاء أو محاكمة أو جزاء. ولضمان عدم تسييسها يفضل إسناد الإشراف عليها إلى أساتذة من كليات الحقوق. أما توقيع الجزاء أو العقوبات، فيتعين أن يكون سلطة تقديرية متروكة لعمداء الكليات أو رؤساء الجامعات. وإذا تعلق الأمر بجرائم تستدعى العرض على القضاء العادى، فيتعين فى هذه الحالة أن تكون لرئيس الجامعة وحده سلطة الإحالة إلى النيابة العامة. والله وحده أعلم. نقلا  عن  جريدة المصري اليوم

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الضبطية القضائية داخل الجامعة الضبطية القضائية داخل الجامعة



GMT 20:03 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

دومينو نعمت شفيق

GMT 20:01 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

معايير عمل البلدية

GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 19:29 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 19:26 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 19:23 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 20:01 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

لجنة الانضباط تعاقب رئيس الشباب بغرامة 20 ألف ريال

GMT 19:43 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

لجنة الانضباط تعاقب المصري حسين السيد

GMT 15:30 2019 الإثنين ,25 شباط / فبراير

لؤي ناظر يكشف أسباب تراجع النتائج ورحيل بيلتش

GMT 03:49 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

هوساوي يكشف أسباب اعتزاله عن "الوحدة"

GMT 17:59 2019 الثلاثاء ,08 كانون الثاني / يناير

باهبري يحقق رقم مميز في تاريخ المنتخب السعودي

GMT 22:13 2021 الإثنين ,01 آذار/ مارس

استقالة جماعية لمجلس إدارة عين مليلة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon