ترتيب أوراق التسوية السورية  بالسكين

ترتيب أوراق التسوية السورية .. بالسكين

ترتيب أوراق التسوية السورية .. بالسكين

 لبنان اليوم -

ترتيب أوراق التسوية السورية  بالسكين

وليد شقير

قد يكون المراهنون على أن يكون العام 2016 هو عام التسويات السياسية في المنطقة، لا سيما للأزمة السورية، على حق، لكن ما هو صحيح أيضاً أن هذه التسويات تتطلب ترتيب أوراق القوى الدولية والإقليمية المعنية بهذه التسويات. وهذا يحتاج حكماً إلى أن تعمل السكين التي فعلت فعلها طوال السنوات الخمس الماضية في سورية (وسائر الدول التي اجتاحها العنف إثر الربيع العربي)، مسببة المزيد من الدماء والمآسي والدمار وتمزيق النسيج الاجتماعي والتغييرات الديموغرافية.

وإذا كان قرار مجلس الأمن الأخير رسم أفقاً للحل السياسي في سورية، فإن محاولة ترتيب أوراق هذا الحل تطلبت غداة صدوره المزيدَ من العنف والقتل والمجازر. فكل نقطة من نقاط القرار تخضع لخلاف بين القوى الدولية والإقليمية على آلية تطبيقها. وأظهر البند المتعلق بتحديد وفد المعارضة الذي سيتولى الذهاب إلى المفاوضات والبند المختص بتحديد المنظمات الإرهابية التي لا يشملها وقف النار المزمع إعلانه في تلك المفاوضات مع النظام، أن الأمر يحتاج إلى اغتيال قائد «جيش الإسلام» زهران علوش بغارة روسية على مقر قيادته. وبرهن مؤتمر الرياض لتوحيد قوى المعارضة، أن موسكو ومعها إيران ونظام بشار الأسد غير راضين على الوفد الذي تشكل في هذا المؤتمر إلى درجة إنكار وزير الخارجية الروسي واقعة أن معارضة الداخل والخارج توحدتا في رسم الصيغة التفاوضية بينما تعتقل مخابرات بشار الأسد معارضي الداخل لمجرد نيتهم السفر إلى الرياض، على رغم التوافق الأميركي- الروسي على أن يتولى الجانب السعودي توحيد المعارضين من أجل التفاوض.

وإذا كان السعي الدولي من أجل التسوية في سورية أخذ زخمه من التدخل الروسي فيها في النصف الثاني من 2015، لأن موسكو تنوي تثمير ما عدلته في ميزان القوى الميداني بعد أن كاد نظام بشار الأسد يتهاوى، فإن 2016 سيظل يشهد محاولات تصحيح هذا الميزان من فريقي الصراع الدائر في بلاد الشام وعليها، بالتوازي مع مساعي الحل السياسي. ولا يعني ذلك سوى أننا سنشهد محطات يبدو فيها أن جهود الحل تتقدم، ومحطات أخرى تنبئنا بأن السكين ستعمل في الخرائط والبشر لإخضاع التفاوض لمنطق الميدان.

على رغم أن موسكو خطت خطوة إلى الأمام بتخليها عن الفيتو في مجلس الأمن، يصعب تصور ترتيب جدي للحل السياسي في ظل تصاعد الصراع الروسي- التركي في سورية وعليها. وتستحيل رؤية بوادر الحل في ظل تعدد أشكال تدخل الدول في الأزمة الأكثر دموية في التاريخ الحديث، فقيام التحالفات تحت عناوين محاربة الإرهاب أو السعي إلى التسوية السياسية بوجود بشار الأسد أو بتنحيه، دليل على استمرار التباعد العميق بين الدول في شأن مفهومها للإرهاب والقوى الإرهابية، ولتصورها للتسوية. وفي داخل كل محور تفتقد الدول المعنية وحدة الأهداف تحت مظلة التحالف بينها: يتطلب الأمر وضع ضوابط للتنافس التركي- العربي في ما يخص الدول التي تنضوي تحت سقف العمل من أجل تغيير جوهري في النظام السوري ودور دمشق الإقليمي. وهذه هي حال التحالف الإسلامي الجديد لمحاربة الإرهاب الذي يفتقد توحيد الأهداف والمصالح بمقدار أهمية انعكاس نشوئه على عملية استعادة العرب موقعهم، سواء في الصراع الدائر أم في أي صفقة. كما يحتاج التقدم في التسوية إلى أن تتمكن موسكو من الحد من نفوذ طهران ودورها لتستقيم العملية السياسية المستحيلة إذا لم تشمل إعادة سورية إلى الحظيرة العربية.

وإذا كان العنصر الجوهري في كل الجهود للحل في سورية هو التوافق الأميركي- الروسي، فإن التقارب بين الدولتين العظميين لا يشمل التفاهم على دور إيران. موسكو ما زالت تعتمد على دور طهران المباشر في القتال في سورية، مع أن تدخلها أكل من النفوذ الإيراني. وواشنطن تسعى إلى الحد من توسع طهران الإقليمي انطلاقاً من سورية.

بين التعقيدات الكثيرة التي تقف في وجه الحل السياسي في سورية، بدءاً بالعوائق التي سيضعها نظام بشار الأسد، مروراً بتناقض المصالح الإقليمية، يبدو العام 2016 فسحة زمنية لواشنطن من أجل تطويع الموقف الإيراني مع صفقة تتناول المنطقة برمتها، انطلاقاً من سورية. وتبين أن ما قاله الأميركيون والإيرانيون عن أن الاتفاق على النووي مع طهران لا يشمل الأزمات الإقليمية، هو الصحيح، خلافاً لمخاوف القلقين من أن يهدر الاتفاق مصالحهم.

فيما تربط طهران تسهيل الحلول في سورية بأوراق نفوذها في المنطقة برمتها، وتتجه واشنطن إلى تقليص هذا النفوذ وتمتنع عن رفع العقوبات في حقها المتعلقة بما تسميه «تهديدها استقرار جيرانها في الإقليم ودعمها للإرهاب»، وتنوي التشدد في مراقبة تنفيذها اتفاق الحد من برنامجها النووي، كيف يمكن القيادة الإيرانية أن تسهل التسوية في سورية؟

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترتيب أوراق التسوية السورية  بالسكين ترتيب أوراق التسوية السورية  بالسكين



GMT 20:03 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

دومينو نعمت شفيق

GMT 20:01 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

معايير عمل البلدية

GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 19:29 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 19:26 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 19:23 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 18:07 2023 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

منافسة قوية بين ريال مدريد وأرسنال على ضم فلاهوفيتش

GMT 14:58 2021 الثلاثاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

هيفاء وهبي تضج أنوثة بملابس كاجوال ناعمة

GMT 07:33 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

ابتكار إطارات ذكية تقرأ مشاكل الطريق وتحذر

GMT 21:43 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

الأهلي المصري يعلن شفاء بانون من كورونا

GMT 15:59 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تأجيل أولمبياد طوكيو يكلف اليابان 2 مليار دولار

GMT 05:55 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

هزة أرضية قوية تضرب وهران الجزائرية

GMT 13:25 2022 الخميس ,02 حزيران / يونيو

طرق لإضافة اللون الأزرق لديكور غرفة النوم

GMT 18:56 2022 الإثنين ,03 كانون الثاني / يناير

متزلجو لبنان يستعدون لأولمبياد الصين الشتوي

GMT 15:58 2023 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل العطور الرجالية لهذا العام

GMT 15:41 2022 الأربعاء ,01 حزيران / يونيو

أحذية مسطحة عصرية وأنيقة موضة هذا الموسم
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon