الأثمان المبكرة لما بعد «داعش»

الأثمان المبكرة لما بعد «داعش»

الأثمان المبكرة لما بعد «داعش»

 لبنان اليوم -

الأثمان المبكرة لما بعد «داعش»

بقلم ـ وليد شقير

هل هي صدفة أن تشهد الدول الغارقة في الحروب على أشكالها، سواء مع الإرهاب، وتحديدا مع «داعش»، والمبتلاة بالتناقضات المناطقية والطائفية، والخاضعة لنفوذ إيراني بهذا القدر أو ذاك، حراكاً سياسياً جديداً قد يمهد لمشهد سياسي في كل منها؟

بين ما يجري في العراق من انفتاح قوى رئيسة فيه على دول الخليج، وفتح الحدود مع المملكة العربية السعودية لمناسبة موسم الحج، بموازاة تهيؤ سلطات كردستان للاستفتاء على استقلاله، وما يجري في سورية من قيام إدارات محلية في مناطق خفض التوتر مع ترجيح بقاء بشار الأسد في السلطة، وفي لبنان من ضغوط لحمل حكومته على التطبيع مع النظام السوري، بموازاة تهيؤ الجيش اللبناني لطرد مسلحي «داعش» من الحدود مع سورية، هناك عوامل تربط بين ما تشهده الدول الثلاث، أبرزها الاستعداد لمكاسب مرحلة ما بعد التخلص من «داعش» وقبض أثمان المشاركة في تحقيق هذه الأولوية.

لطالما قيل إن واحداً من عوائق إنهاء وجود «داعش» في المنطقة، هو الاتفاق على المعادلة الأمنية السياسية التي ستحل مكانه، وما هي المكاسب التي ستنالها الأطراف التي شاركت في إنهاء هذا الوجود. هكذا في العراق، حيث حددت القيادة الكردية في أربيل موعداً للاستفتاء على استقلال الإقليم بعد تحرير الموصل من «داعش»، فالمكون الكردي يسعى إلى نيل مقابل مشاركة «البيشمركة» في دحر التنظيم المتطرف. وإنهاء التنظيم في الموصل كان حافزاً لتحرك قوى شيعية، سواء زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أو السيد عمار الحكيم، للانفتاح على السعودية والمطالبة بإنهاء استقلالية «الحشد الشعبي» ووضع حد لوجود «جيشين» في بلاد الرافدين. تراجع تهديد «داعش» للنسيج العراقي، الذي أوجب الاستعانة بالميليشيات الشيعية وبالدعم الإيراني الذي سمح بتدخل طهران غير المسبوق في الداخل العراقي، يفترض أن يتراجع أيضاً بما يتيح تصحيح المعادلة التي تحكمت بالسلطة تحت غطاء هذا التهديد. والعراق مقبل على انتخابات عامة وتنافس بين الذين استفادوا من موالاة طهران لكسب النفوذ، وبين من دفعوا ثمن التهميش والمطالبين بالإصلاحات.

في سورية يركَب النظام، الذي لطالما استظل وحلفاءه الإيرانيين، شعار «محاربة الإرهاب» في صراعه مع المعارضين لحكم بشار الأسد، سفينة التخلص من «داعش» و «جبهة النصرة»، اللذين هادنهما في السنوات الماضية لمصلحة أولوية قتاله الرافضين حكمه (المعتدلين). انضم مع طهران إلى القوى المحاربة تنظيم «الدولة الإسلامية»، ليكون شريكاً مقبولاً من المجتمع الدولي في أولوية القضاء على الإرهاب، وليحصد اعترافاً دولياً بدوره وببقائه. هذا فضلاً عن سعيه إلى تحسين موقعه في توزيع مناطق النفوذ التي ترسم حدودها موسكو وواشنطن على الخريطة السورية المتعددة الألوان، تحت عنوان «مناطق خفض التوتر» عبر آستانة والتفاهمات بين الدولتين الكبريين. وهي تفاهمات اهتمت بمراعاة إسرائيل عبر إبعاد القوات الإيرانية من المنطقة الجنوبية الغربية، وتعطيل جيوب «داعش» فيها، وإيكال إدارة الحدود مع الأردن إلى فصائل من «الجيش السوري الحر» من جهة درعا، على حساب الجيش النظامي والميليشيات الإيرانية، ما يفسر توسع قوات الأسد نحو هذه الحدود من جهة محافظة السويداء، لعلها تكون شريكاً في التحكم بالعلاقة مع الأردن. وبموازاة استرجاع الأميركيين السلاح الثقيل من «الجيش الحر»، أوكل تفاهم موسكو وواشنطن القتال لإخراج «داعش» من الرقة في الشمال، إلى المكون الكردي الذي استبق تحرير المدينة بالمطالبة بضمها إلى الإقليم الكردي في الفيدرالية السورية المفترضة، ثمناً لدور الأكراد بطرد «تنظيم الدولة» منها، فيما يعمل النظام على أخذ دوره في إخراج «داعش» من دير الزور لمشاركة الأكراد في النفوذ المفترض مستقبلاً.

وعلى مساحة الجغرافيا اللبنانية- السورية، جهد «حزب الله» للإمساك بمبادرة إخراج «النصرة» من جرود عرسال، المتداخلة بين البلدين، وسيشترك مع الجيش اللبناني في إخراج «داعش» مما تبقى من جرود، لكن من الأراضي السورية، لتكريس نفوذ إيران في المنطقة الممتدة من دمشق نحو القلمون وصولاً إلى الطرق المؤدية إلى حمص والبادية... والثمن الذي يطمح إليه الحزب في المقابل، بالإضافة إلى تقوية موقع إيران في الميدان السوري مقابل سعي دونالد ترامب إلى إخراجها منه، هو حمل الحكومة اللبنانية على التطبيع مع النظام. وإذا كان صحيحاً أن الأسد ليس في حاجة إلى اعتراف معارضيه اللبنانيين، فإن مصلحة الحزب في الحصول على أثمان تدخله في سورية وتكريس نفوذه فيها، تدفع المعادلة التي يقوم عليها الحكم في لبنان حالياً إلى الاهتزاز، داخلياً وعربياً. فلا شيء ثابتاً في سورية، فضلاً عن أن اللبنانيين الآخرين شركاء في قتال «داعش».

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأثمان المبكرة لما بعد «داعش» الأثمان المبكرة لما بعد «داعش»



GMT 20:58 2024 الخميس ,04 إبريل / نيسان

مواجهة الإرهاب بعمليات اغتيال استباقية!

GMT 07:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

تغيّر معنى القضيّة الفلسطينيّة: لمَ الاستغراب؟

GMT 10:30 2020 الإثنين ,25 أيار / مايو

اللامعقول القطري ـ الغربي!

هيفاء وهبي بإطلالات باريسية جذّابة خلال رحلتها لفرنسا

القاهرة - لبنان اليوم
 لبنان اليوم - موناكو وجهة سياحية مُميّزة لعشاق الطبيعة والتاريخ

GMT 10:02 2020 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 11:31 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

تنفرج السماء لتظهر الحلول والتسويات

GMT 13:23 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 17:53 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 12:09 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

يسود الوفاق أجواء الأسبوع الاول من الشهر

GMT 13:58 2024 السبت ,13 إبريل / نيسان

موضة المزهريات الدارجة في عام 2024

GMT 19:52 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

إصابة 17 مشجعاً إثر حادث تصادم جماعي في بريطانيا

GMT 14:50 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

موديلات أحذية العرائس المزينة بالعقدة الأمامية

GMT 15:39 2022 الخميس ,20 كانون الثاني / يناير

طريقة إزالة آثار الحبوب السوداء من الجسم
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon