الهدف الإقليمي من توريط لبنان

الهدف الإقليمي من توريط لبنان

الهدف الإقليمي من توريط لبنان

 لبنان اليوم -

الهدف الإقليمي من توريط لبنان

بقلم : وليد شقير

يعود لبنان إلى الانخراط مجدداً في تداعيات الأزمة السورية على أرضه وأمنه وسياسة قواه الحزبية والطائفية المتعارضة المواقف من هذه الأزمة، وعلى علاقة سلطاته بالنازحين السوريين.

وإذا كانت بلدة القاع الحدودية دفعت ثمن فيض الانتحاريين من «داعش» خارج الحدود السورية، رداً على تطهير الفلوجة العراقية ومنبج السورية منه وتكثيف القصف على الرقة، ومحاولة استعادة معبر البوكمال (على رغم فشلها)، فإن هذا الفيض بلغ تركيا والأردن وقبلها أورلاندو في ولاية فلوريدا الأميركية. وهو مرشح لأن يبلغ أوروبا التي تستنفر أجهزتها الأمنية لمواجهة الاحتمالات الداهمة التي تنتظرها.

على رغم هول الجريمة على البلدة الوادعة في أقصى البقاع الشمالي الشرقي، فإن الارتباك لدى الطبقة السياسية اللبنانية طغى على ذلك الذي فرض نفسه في القاع، بين الدعوة إلى التسلح وقيام أمن ذاتي، وترك حفظ الأمن للجيش الذي سارع إلى تدابيره التي تغني عن قيام «حشد شعبي» في المنطقة أو «شبيحة» يتولون الدفاع عنها.

وإذا كان لا بد من خطة جديدة للقوات المسلحة اللبنانية وأجهزة الأمن، للتعاطي مع هذا الفيض الجديد لانتحاريي «داعش» في المرحلة المقبلة، فإن ما لا يحتاجه لبنان هو أن يندفع إلى سياسات تزيد من ارتباط أمنه بالوضع السوري الداخلي عن طريق مطالبة الجيش اللبناني بالهجوم على مواقع المسلحين «الداعشيين» في الجرود البقاعية، بالتعاون مع الجيش السوري النظامي. فأكثر الخطوات أذية أن يواجه الفيض الإرهابي من الداخل السوري بفيض لبناني من الأرض اللبنانية نحو الأرض السورية (أو تلك الهضاب المتداخلة بين البلدين)، مثلما يفعل «حزب الله» منذ عام 2013، حين جعل الحدود مفتوحة مع سورية ليشارك في الحرب الداخلية التي أخذتها إلى الدمار والتفتيت. وهو ما تحمّل لبنان تداعياته السلبية من اقتصاده وأمنه واستقرار مؤسساته، وصولاً إلى ربط ملء الشغور الرئاسي فيه بالضمانات للحزب، لتشريع انغماسه في الصراع الإقليمي الدولي على بلاد الشام.

فالمعادلة الإقليمية- الدولية التي أقحم الحزب نفسه فيها، ومعه لبنان، لا تتيح للبلد الصغير أن يقفز إلى حلبتها التي يديرها الكبار الذين يمكنهم امتصاص الإخفاقات والخيبات، أو توظيف النجاحات، لأن دولهم تحكمها مؤسسات متينة وأنظمة سياسية تحفظ نسيجها الاجتماعي مهما كان معقداً. وبمعنى آخر، فإن خسائر «حزب الله» البشرية والعسكرية والسياسية جراء التورط في المحرقة السورية تحتسب في خانة إيران التي قد تكون قادرة على استيعابها أو على التعويض عنها في ساحة إقليمية أخرى، أو على قلبها، وليس في خانة الحزب. لكن خسارة الجيش اللبناني من الانخراط في المحرقة السورية، ستحتسب على لبنان وعلى نسيجه الطائفي الهش المهدد في كل لحظة بالانفراط، لولا وجود ذلك القرار الدولي والإقليمي بالحفاظ عليه.

وإذا كانت دول أكثر تماسكاً لديها جيوش أقوى وأكثر فعالية امتنعت عن الانخراط في سورية، مثل الجيشين الأردني والتركي، بفعل المعادلة الإقليمية الدولية، فأين الحكمة من دفع لبنان الرسمي إلى ذلك؟

تزداد أسباب الخشية من التهور في هذا المجال لأن فيض الانتحاريين يتزامن مع تغييرات في الخريطة الجيو سياسية المحيطة بالمحرقة السورية، وأحدثها تطبيع العلاقات التركية-الإسرائيلية والعلاقات التركية-الروسية.

وإذا كان «حزب الله» يستخدم مأساة القاع الجريحة من أجل دفع حكومته إلى الانحياز إلى حكم بشار الأسد وانتزاع الاعتراف بنظامه، فإنه كمن يدعو إلى أن يحشر لبنان رأسه بين الرؤوس من دون امتلاكه قدرات الدول التي تخوض المناورات والمغامرات والتغييرات في توجهاتها.

تكفي مراقبة مفاعيل أهداف حركة رجب طيب أردوغان حيال إسرائيل وروسيا، وإصرار الأخيرة على منع إيران من إحداث أي تغيير جديد في موازين القوى على الأرض السورية (احتلال حلب)، نتيجة اتفاقها مع أميركا على قدر من التوازن يسمح بالعودة إلى الحل السياسي. ويكفي النظر إلى ما أتاحته الخطوات التركية الأخيرة لأنقرة من موقع أفضل في الحلبة السورية، وفي علاقتها مع أوروبا وموسكو، مقابل الموقع الإيراني، للتوجس من أي مغامرة تجعل لبنان جزءاً من محور.

مع صحة الترجيحات بأن المجتمع الدولي يتجه إلى محاربة «داعش» بجدية أكبر، فإن حصة لبنان من هذه الحرب هي حماية حدوده، المفتوح جزء منها لحساب «حزب الله»، وكذلك حماية الداخل. ولا تشير وقائع الميدان السوري إلى أن نظام الأسد، الذي اشترك في صنع «داعش»، يقوم بقسطه منها.

ملاحظة أخيرة: لبنان عضو في التحالف الدولي لمحاربة «داعش»، وانخراطه في عمليات عسكرية كبرى على الحدود يتطلب تنسيقاً مع هذا التحالف، وقراراً يبدأ في واشنطن ولا ينتهي في موسكو.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الهدف الإقليمي من توريط لبنان الهدف الإقليمي من توريط لبنان



GMT 05:51 2017 الجمعة ,26 أيار / مايو

الشرق الأوسط «الإيراني» والتنف السوري

GMT 05:10 2017 الجمعة ,12 أيار / مايو

الجمباز الروسي في سورية

GMT 05:56 2017 الجمعة ,05 أيار / مايو

مناطق آمنة للدول أم للسوريين؟

GMT 05:53 2017 الجمعة ,28 إبريل / نيسان

روسيا المرتبكة تنتظر ترامب

GMT 06:15 2017 الجمعة ,21 إبريل / نيسان

جنرالات ترامب وإيران وسورية واليمن

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 18:07 2023 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

منافسة قوية بين ريال مدريد وأرسنال على ضم فلاهوفيتش

GMT 14:58 2021 الثلاثاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

هيفاء وهبي تضج أنوثة بملابس كاجوال ناعمة

GMT 07:33 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

ابتكار إطارات ذكية تقرأ مشاكل الطريق وتحذر

GMT 21:43 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

الأهلي المصري يعلن شفاء بانون من كورونا

GMT 15:59 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تأجيل أولمبياد طوكيو يكلف اليابان 2 مليار دولار

GMT 05:55 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

هزة أرضية قوية تضرب وهران الجزائرية

GMT 13:25 2022 الخميس ,02 حزيران / يونيو

طرق لإضافة اللون الأزرق لديكور غرفة النوم

GMT 18:56 2022 الإثنين ,03 كانون الثاني / يناير

متزلجو لبنان يستعدون لأولمبياد الصين الشتوي

GMT 15:58 2023 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل العطور الرجالية لهذا العام

GMT 15:41 2022 الأربعاء ,01 حزيران / يونيو

أحذية مسطحة عصرية وأنيقة موضة هذا الموسم
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon