الأحادية الروسية بعد فشل الأميركية
أخر الأخبار

الأحادية الروسية بعد فشل الأميركية

الأحادية الروسية بعد فشل الأميركية

 لبنان اليوم -

الأحادية الروسية بعد فشل الأميركية

وليد شقير

يكشف الفصل الجديد من فصول الحرب - المحرقة في سورية عن وجه لروسيا لم يسبق أن بلغ درجة القباحة، حتى أيام الستالينية في الاتحاد السوفياتي، بسبب رعاية موسكو التطهير العرقي والإثني والطائفي لمناطق واسعة في سورية، تحت ستار محاربة الإرهاب تارة، وبحجة استعادة الدور الروسي على المسرح الدولي مع حنين إلى شعارات محاربة الإمبريالية العالمية كما يقول مسؤولون روس، تارة أخرى.

فمشهد النازحين السوريين بعشرات الآلاف على الحدود السورية - التركية شمالاً، هرباً من القصف الروسي، ومن الفتك الإيراني بقرى ومناطق يدل على أن القيادة الروسية تتعطش لإثبات قوتها متوسلة قتل المزيد من المدنيين وتهجير من يسلم منهم على يد حلفائها من ميليشيات إيرانية وحليفة لطهران في شمال سورية، تعيث في الأرض فساداً وتطرد السكان من بيوتهم، لدفعهم إلى تركيا، تمهيداً لتعميق مشكلة اللاجئين في أوروبا التي تهدد كياناتها واقتصاداتها. كانت الحجة الروسية في الدفاع عن نظام بشار الأسد، في وجه المطالبة الغربية والعربية برحيله ضمن آلية قيام حكم انتقالي كامل الصلاحية وفق وثيقة جنيف 2012، أن من سيملأ الفراغ بذهابه هم المتطرفون و «داعش»، لذلك وجب القضاء على الإرهابيين قبل ذلك. إلا أن التدخل العسكري الروسي والإيراني في سورية كانت وجهته المعارضة المعتدلة التي كان يمكن الحل السياسي أن يشكل منها فريقاً مع بقايا النظام والمؤسسات بديلاً لنظام العائلة التي أنهكت سورية خلال أكثر من 4 عقود. وظهر جلياً أن ما قام به تحرك قوات النظام (القليلة العدد) بالاعتماد على الوجود الإيراني الميليشيوي الذي يشكل أساس القوات المدافعة عن الأسد، تحت غطاء الطيران الروسي هو تجنب الصدام مع «داعش»، والقضاء على الفصائل المقاتلة واجتياح المناطق التي توجد فيها. حتى أن هذه الميليشيات كانت تمر في طريقها إلى ريف حلب أمام أعين «داعش»، من دون الاشتباك مع الأخير.

لم تقتصر المفارقات في الخديعة الروسية على تلك الحجة الممجوجة حول من يحل مكان الأسد في حال رحيله. فموسكو تدعو منذ عام 2011 إلى حل سياسي لا بديل منه، ثم تمارس الحل العسكري. رفضت تدخل أي دولة عسكرياً على الأرض السورية حتى لو كان لفرض منطقة آمنة للنازحين، إذا لم تكن تحت مظلة الشرعية الدولية، لكنها أباحت لنفسها التدخل وبناء القواعد العسكرية من دون قرار دولي بزعم الاتفاق مع الحكومة السورية، وأخذت تهجّر السوريين من أرضهم، أصرت على أن مفاوضات الحل السياسي يجب أن تتم بحوار سوري - سوري من دون تدخل خارجي، وحين شكلت المعارضة وفداً موحداً إلى جنيف أخذت تتدخل في طبيعة الوفد لتملي من يشارك ومن لا يشارك. ادعت الحرص على وحدة سورية وحفظ مؤسساتها، لا سيما الجيش، لكنها ساندت لتقاطع مصالحها مع أميركا، القوات الكردية في الشمال، كي يقتطع الأكراد منطقة نفوذ، موازية لمنطقة نفوذ «داعش»، واستبدلت بمؤسسة الجيش جحافل الميليشيات الآتية من الفضاء الإيراني، وتولى الضباط والخبراء الروس قيادة هؤلاء في الجنوب والشمال، لاستعادة مناطق من الفصائل المقاتلة غير المصنفة إرهابية...

وحين أعلنت المملكة العربية السعودية استعدادها لإرسال قوات ضمن التحالف الدولي لمقاتلة «داعش» على الأرض السورية، من أجل أخذ العرب دورهم في القضاء على الإرهاب، بدلاً من استخدام هذه الحجة لبقاء الإيرانيين وأذرعتهم في بلاد الشام، لم يجد سيرغي لافروف حجة لإجهاض الفكرة سوى اتهام «بعض الدول بأنها تنطلق من كراهية شخصية للرئيس بشار الأسد». وهو يتكل بذلك على فقدان الذاكرة لدى مستمعيه، بأنه سبق له ولفلاديمير بوتين أن روّجا بأن بلادهما لا تدافع عن شخص الأسد وأنها لا تتمسك به. ذهب الاستعلاء به إلى الحديث عن 3 سيناريوات: حل وسطي عبر مفاوضات جنيف (يقصد به استسلام المعارضة لميزان القوى على الأرض)، أن ينتصر النظام عسكرياً، أو اندلاع حرب كبيرة يشارك عدد من الدول الأجنبية فيها، وهو يدرك أن ما من دولة في المنطقة تريدها باستثناء روسيا وإيران.

تطمح القيادة الروسية من وراء الخدع والتناقضات في سلوكها إلى «أحادية» سيطرتها على سورية، تحت ستار التمسك بالقانون الدولي، في زمن تراجع الأحادية الأميركية، ولو كان ذلك على حساب تدمير سورية. فإذا كانت الأخيرة فشلت بعد حرب العراق كيف يمكن أن تنجح الأحادية الروسية إذا كانت ستغرق في مستنقع يستولد الحروب على مراحل؟

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأحادية الروسية بعد فشل الأميركية الأحادية الروسية بعد فشل الأميركية



GMT 10:02 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

... والدفرسوار الخليجي؟

GMT 08:26 2020 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مخاض عسير للحكومة اللبنانية

GMT 09:32 2020 الثلاثاء ,23 حزيران / يونيو

لبنان وخيار التوجّه نحو الشرق

GMT 17:41 2020 السبت ,13 حزيران / يونيو

أخبار عن أبحاث وسورية ومبيعات السلاح

GMT 11:05 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

حزيران الرابع .. تركي أردوغاني!

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:39 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك
 لبنان اليوم - البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك

GMT 19:31 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة
 لبنان اليوم - نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة

GMT 09:03 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السيارات الكهربائية في طريقها لتراجع كبير

GMT 08:47 2024 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

قائمة المنتخبات العربية الأكثر حصاداً للقب أمم أفريقيا

GMT 07:03 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

أشهر 5 مواقع للتزلج في أميركا الشمالية

GMT 18:54 2021 الخميس ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

رحمة رياض تعود إلى الشعر "الكيرلي" لتغير شكلها

GMT 04:56 2022 الثلاثاء ,05 تموز / يوليو

نصائح للاستمتاع بالجلسات الخارجية للمنزل

GMT 10:04 2022 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

النظارات الشمسية الملونة موضة هذا الموسم

GMT 13:24 2023 الإثنين ,03 إبريل / نيسان

أفضل عطور الزهور لإطلالة أنثوية

GMT 22:52 2020 الثلاثاء ,28 تموز / يوليو

"فولكسفاغن" تبحث عن "جاسوس" داخل الشركة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon