خيبة فلسطينية من الربيع العربي

خيبة فلسطينية من الربيع العربي

خيبة فلسطينية من الربيع العربي

 لبنان اليوم -

خيبة فلسطينية من الربيع العربي

حسن البطل

كانوا .. وصاروا. كانوا يشكون من "تابو" (محرّم) ثلاثي: الله. المرأة .. والنظام. الأخير تحطّم بالاحتقار أولاً، ثم بالهتاف في الساحات، ثم بقعقعة السلاح. لكن عظم شأن "تابو" الله أولاً و"تابو" المرأة: خطوة واحدة للأمام .. وخطوتان للوراء .. وهذه، أيضاً، قصة الربيع العربي وتابواته.. وسريعاً قالوا: خريفاً ديمقراطياً وقالوا شتاء إسلامياً. هل "القتل أنفى للقتل" كما قال الإمام علي؟ على العكس من قصة الأم وولاداتها، فإن ولادة الربيع في تونس الخضراء كانت الأسهل وتلتها ولادة الربيع في مصر الكنانة، وكانت مشهدياً هي الأجمل، وأما الربيع السوري القصير فالولادة قيصرية وصعبة، وقد تنتهي اما بوفاة الوليد، وأما بوفاة الوالدة .. وإما بوفاة الاثنين .. والبلد معهما! ما هي القصة؟ ربما سنجدها عند لينين والثورة البلشفية ضد القيصرية، وصراع بين الأقلية (مونشفيك) والاغلبية (بولشفيك) علماً ان الشيوعيين البولشفيك كانوا الأقلية، وصاروا الأغلبية بـ "كاريزما" لينين ودهائه ومؤامراته، وقسوته على آخر القياصرة وعائلته .. بلا مبرر! أو ربما نجدها في مطلع ثورات الربيع العالمية المعاصرة، اي ثورة "الكومونة" الفرنسية، والأعظم منذ ثورة سبارتاكوس وثواره، البلاشفة نجحوا، ولكن بعد سبعين سنة فشلوا وانهاروا، وأما الثورة الفرنسية ضد الملكية المطلقة فقد انتكست الى "المقاصل" والى الإمبراطور نابليون، ثم غيرّت وجه أوروبا والعالم. وجه العالم العربي كان مع ماكياج عسكري وصار مع ماكياج إسلامي. او ربما نجدها في بلاد السور العظيم، و"المسيرة الكبرى" لماو ضد الكومنتانع. هل تعرفون ماذا قال ماو؟ ليست الثورة على هذه الرقة وهذا النبل وهذه الرومانسية. الثورة عمل فظيع ودموي ومؤلم.. في المسيرة نحو فجر آخر جديد. الآن يبدأ فجر الصين الجديدة حقاً. ماذا يسجل من ربيع في ثورات الربيع العربي؟ لقد انتهت حقبة التغيير بالانقلابات العسكرية، وبدأ التغيير من القاعدة الشعبية .. الانقلاب شيء ولو تسمى ثورة، لكن الثورة شيء آخر اعمق من حراثة عميقة للتربة. الآملون - المتفائلون صاروا خائبين، وليس من ثورات الربيع، لكن من مسارها ومن سيطرة اتباع تابو المرأة وتابو الله عليها .. الذين يجاهدون للنكاح في الاخرة .. وفي الدنيا معاً. الحديث المر- الحلو، او الحلو - المر يطول، لكن الفلسطينيين يعانون الأمرّين، فهم عرب وهم فلسطينيون تحت النارين: نار احتلال طال في البلاد، ونار اضطهاد في بلدان الربيع العربي. ربيع سورية هو الأقسى على السوريين والعرب .. واللاجئين الفلسطينيين العرب في سورية. أين المفر من الكويت الى العراق، ومن العراق الى صحراء سورية، ومن سورية الى هذا المخيم، وذاك، او هذا البلد المجاور او ذاك .. وفي كل الحالات من هذا اللجوء لشعب اللاجئين، لا بد من صدّ ومن اضطهاد الإقصاء والنبذ و"كراهية الآخر" الفلسطيني المختلف، كأن اللجوء الى المخيمات لا بد ان تتبعه حروب المخيمات، والحروب على المخيمات. يقال: العرب يحبون فلسطين .. ويكرهون الفلسطينيين؟ الفلسطينيون، في البلاد وفي شتات الشعب، هم الربيع العربي الحق، فهم ثوار ضد خطر النكبة، وهم ضحايا النكبة، هم ثوار ضد النكبة منذ ١٩٦٥ وهم ضحايا النكسة وأنظمة النكسة والنكبة معاً، وهم يدفعون ثمن كل خيبة أمل عربية .. وحتى عندما وضعوا أقدامهم على أول بلادهم، سرعان ما تحول ربيع الانتفاضة الأولى، الى ربيع خادع في أوسلو. البلاد المجاورة لبلاد الربيع العربي تستقبل لاجئي الطبقة الثالثة من الربيع العربي في سورية، ولو على مضض، ولو بنية الاستقلال .. لكن تغلق ابوابها في وجه اللاجئين الفلسطينيين. *** مخيم النيرب بوابة مدينة حلب ومطارها، ومخيم اليرموك بوابة مدينة دمشق .. لكن ماذا عن مخيمات حمص ودرعا؟ قنابل من مدفعية النظام وشبيحته ومجازر من "ثوار الجيش الحر" .. وشبيحته! .. والآن دور مخيم خان الشيخ، وهو ثاني اكبر المخيمات الفلسطينية في سورية. لا مصلحة للنظام، على ظلمه وجوره، في جرّ المخيمات الى الحرب الأهلية، لكن ما هي مصلحة فوضى ألوية "الجيش الحر" في إيقاع الأذى باللاجئين. آخر الأنباء أن مجموعة من مجاميع الجيش الحر اختطفت صهريج وقود لتشغيل فرن المخيم، وسرقت ٥٠٠٠ ربطة خبز .. والسرقة والسطو تكررا، والقتل أيضا للذين يتصدون للسرقة. سوف ينتفض المخيم ضد "الجيش الحر". من أين أتسقط أخبار مخيم خان الشيخ؟ من المثقف الشاعر رائد وحش صديق المثقف في البلاد طارق العربي، وهو يقول على صفحته في الفيسبوك: "الثورة ايضاً ان تكون ضد الجيش الحر". ماذا يختلفون عن شبيحة النظام؟ بين الكوليرا والطاعون، بين الحنظل والعلقم خرج الفلسطينيون من العالم العربي، وهذا لم يخرج من الفلسطينيين.  نقلاً عن جريدة " الأيام الفلسطينية"

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خيبة فلسطينية من الربيع العربي خيبة فلسطينية من الربيع العربي



GMT 20:03 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

دومينو نعمت شفيق

GMT 20:01 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

معايير عمل البلدية

GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 19:29 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 19:26 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 19:23 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 08:41 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

مكياج مناسب ليوم عيد الأم

GMT 10:32 2021 الأربعاء ,11 آب / أغسطس

جرعة أمل من مهرجانات بعلبك “SHINE ON LEBANON”

GMT 07:32 2022 الأحد ,10 إبريل / نيسان

نصائح للحفاظ على الشعر الكيرلي

GMT 04:56 2022 الثلاثاء ,05 تموز / يوليو

نصائح للاستمتاع بالجلسات الخارجية للمنزل

GMT 12:53 2021 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

67 كتاباً جديداً ضمن "المشروع الوطني للترجمة" في سورية

GMT 20:56 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

وقفات تضامنية أمام قصور العدل في زحلة

GMT 22:38 2023 الإثنين ,06 آذار/ مارس

مجوهرات أساسية يجب أن تمتلكها كل امرأة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon