ego نكبوية

EGO نكبوية!

EGO نكبوية!

 لبنان اليوم -

ego نكبوية

حسن البطل
بقلم : حسن البطل

أنا ابن نكبة .. عندما ضرب آخر الرمادي إلى أول السواد. وأنا ابن عودة عندما يضرب آخر الرمادي إلى أول البياض. هل سأكون ابن موت عندما يزدهر البياض؟ هل للعودة لون الأرجوان؟سفر البر؟ سفر البحر؟ سفر الجو .. وأخيراً سفر الجسر. أهذا مشوار ابن نكبة؟ أو هذا مشوار ابن عودة؟ أو أن المشوارين محاولة أخرى لـ «جيب تمام» في الرياضيات الأولى. في أول «الجبر» غير التعسفي؟
لم أحب الرياضيات المدرسية لأنها تبدأ بالعد والعدد والمعدود، وأحببت الفيزياء - الكيميائية لأنها علم تحويل العناصر الخاملة إلى عناصر نشيطة. كنت عدداً في سفر المنفى وصرت عنصراً في سفر العودة.
*      *      *
ضربتني النكبة في المفصل القاتل بين آخر الوعي الغريزي وأول الوعي المكتسب. كنت بين الثالثة والرابعة من عمري. الذاكرة نقاط بيض تسبح في محيط أسود.مستني العودة، مثل شرارة كهربائية تحوّل عناصر الفيزياء إلى عناصر الكيمياء، في المفصل الزمني المناسب .. آخر زمن النبوة الأربعيني وأول زمن الكهولة الخمسيني.على سفوح جبل الكرمل، خريف العام ١٩٩٥، سأرى شيئاً آخر غير ما رآه الرسول بولس الذي رأى رؤياه «في الطريق الى دمشق». كان هناك غبش واحد على سفح الجبل وشاطئ البحر. كانت هناك «زغللة» في عيني. كانت هناك رؤيا:

هذه رؤياي التي تفسر الحنين الأبدي إلى «مسقط الرأس». حديد الدم فيزياء يسبح في الكيمياء. عندما يسقط رأسك (تلدك أمك من رحمها) يسجل حديد الدم إحداثيات المكان المغناطيسية. بعض الطيور تهتدي بإحداثيات المكان. بعض الأسماك تهتدي .. والإنسان لا يهتدي .. إلا إذا عاد إلى مسقط رأسه بعد خمسين عاماً.سأقول: لذاكرة المكان في حديد الدم جناحا طائر النورس وزعانف سمكة السولومون. سأقول إن الذاكرة ليست نفقاً تحت الأرض. ليست جسراً فوق الأرض. كما يحاولون وصل أوصال فلسطين.سأقول: كيف حصل أن شعب كنعان هو شعب عرق النعنع وشعب أوراق الصبر؟ «نحن ما نأكل» كما يقول الأميركيون. ونحن شعب كنعان أكلنا من نبات الأرض ترابها، ومن تراب الأرض حديدها، ومن حديد الأرض إحداثيات المكان!
*      *      *
كيف حصل أن يتبعثر مليون فلسطيني في سبعين مخيماً في المنفى؟ وكيف حصل أن ينتشر ربع مليون مستوطن في ٤٥٠ مستوطنة؟ القطيع يلتم على نفسه إذا ضربته عاصفة، والسرطان ينتشر. حالتان مختلفتان للعد والعدد والمعدود. حالتان مختلفتان لشعب الزيتون المعمر وشعب غابات الكينا سريعة النمو.
*      *      *
في خمسينية النكبة تواجدت في مكاني المكان في يومين متتاليين. كنت في حيفا في ١٤ أيار ١٩٩٨، وعدت إلى رام الله في ظهيرة ١٥ أيار ١٩٩٨.
في تلك الخمسينية شربت القهوة على شاطئ البحر في حيفا، وعدت لأتشرب خطاب أبو عمار الحماسي في ساحة المنارة، ولأرتوي من خطاب محمود درويش القلبي: ها نحن هنا، خريجو النكبة.
*      *      *
كنت أحب الفلسفة قليلاً لأنني كنت عدداً ومعدوداً .. وكان على ضمير المتكلم الذي هو «أنا» أن يتحول فيزيائياً وكيمياويا ليصير الضمير «نحن».في منفاي الإغريقي، صرت أحب الأساطير والفلسفة. الأساطير لأن سفر البر لا يكتمل بلا سفر البحر. وأحب الفلسفة لأن ضمير المتكلم صار «ايغو Ego».«الأنا» في المنفى مجرد عدد ومعدود يطمح إلى الـ «نحن» وأما في البلاد فإن «الأنا» تعني: لقد ولدت .. ولقد نفيت.. ولقد عدت .. ولقد شربت القهوة في حيفا، وأكلت ثمار الصبير في مقبرة طيرة حيفا، وأعدت إحياء الخارطة المغناطيسية لحديد الدم. نحن وما نأكل. نحن وما نعيش. نحن وما نريد.. وعندما أموت سوف أُبعث حياً.
*   *  *
سيخطبون خطاب العودة للمرة الـ ٥٠. أمس كانوا، عشرات آلاف الفلسطينيين، يجوسون حقولهم في القرى المدمرة والمهجورة.. هم ونحن فيزياء الزمان وكيمياء المكان.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ego نكبوية ego نكبوية



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:43 2022 الإثنين ,09 أيار / مايو

أفضل النظارات الشمسية المناسبة لشكل وجهك

GMT 16:11 2023 الإثنين ,10 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الاثنين 10 أبريل / نيسان 2023

GMT 17:41 2020 الجمعة ,11 كانون الأول / ديسمبر

تعرفي على أنواع الشنط وأسمائها

GMT 00:08 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

وزارة الصحة التونسية توقف نشاط الرابطة الأولى

GMT 09:34 2024 الخميس ,04 كانون الثاني / يناير

بريطانيا تُحقق في اغتصاب جماعي لفتاة بعالم ميتافيرس

GMT 12:31 2022 الأحد ,10 تموز / يوليو

أفضل أنواع الماسكارا المقاومة للماء

GMT 08:54 2022 الخميس ,02 حزيران / يونيو

جينيسيس تكشف عن G70" Shooting Brake" رسمياً

GMT 20:21 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

توقعات الأبراج اليوم الأربعاء 3 مايو/ أيار 2023

GMT 08:48 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

أبرز العطور التي قدمتها دور الأزياء العالمية

GMT 10:23 2022 الثلاثاء ,17 أيار / مايو

توبة يتصدر ترند تويتر بعد عرض الحلقة 26

GMT 08:47 2024 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

قائمة المنتخبات العربية الأكثر حصاداً للقب أمم أفريقيا
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon