اثنا عشر كوكباً

اثنا عشر كوكباً؟!

اثنا عشر كوكباً؟!

 لبنان اليوم -

اثنا عشر كوكباً

حسن البطل
بقلم : حسن البطل

يشتكي فتحاوي قديم، من الحلقة الوسطى، بأن «فتح لا تحبّ مثقّفيها». ربّما قرأ هذا قراءته الخاصة به للرفيق غرامشي عن المثقّف والثورة.. ولكن حياة فتحاوية، حافلة ومنتجة، للأخ صخر حبش جعلته، ربّما، من الأكثر شعبية في الحركة.

الذي عاصر حركة «الأبوات» من بدايتها العاصفة لم يتكنّ بالأبوية، والذي واروه ثرى مقبرة الشهداء ــ البيرة لعلّه «الأخ كاكي» الأخير في الحركة، وفي وفاته، أو في نعيه بالأحرى، اكتشف الفتحاويون القدامى، دون سؤال زائد، أن «الأخ صخر» هو يحيى عبد السلام.

كنتُ أحدس أن «صخر» اسمه الحركي، أو كنتُ أظنّ أنه، وهو الشاعر الشعبي المباشر، أنه استعار اسمه الحركي من شقيق الخنساء.. ولكن كلاّ.. بل استعاره استعارة مكنيّة من دراسته كخرّيج كلية الهندسة الجيولوجية ــ جامعة أريزونا الأميركية.

يمكنك، إذاً، أن تقول: ولكن «فتح» أسّسها، في البدايات، أكاديميون مهندسون وطلاّب جامعات، شعراء ومثقّفون.. فكيف لا تحبّ «فتح» مثقّفيها.. على ما يشتكي ذلك المثقّف القيادي، من الحلقة الفتحاوية الوسطى.

ما الذي جعل من المهندس الجيولوجي شاعراً شعبياً و»منظّراً» لأدبيات الحركة، وثائراً مؤسّساً. لصالح «صخر» أن نقول إنه كان بسيطاً بساطة الماء، وكان صديقاً فعلاً للمقاتل والقائد والمثقف معاً.

هذا ما جعله واحداً من أكثر قادة «فتح» شعبية، أي أنه أدرك ــ على ما يقول درويش ــ حالة «التوازن بين ما يجب وما لا يجب».
درجة تلو الدرجة صعد «صخر» سلّم المسؤوليّات في الحركة.. التي ترك اختصاصه الجيولوجي من أجلها، وترك منصبه مسؤولاً عن سلطة المصادر الطبيعية في الأردن.
من مؤسّس «مفوّضية الأشبال والزهرات» العام 1967 إلى عضو المجلس الثوري المنتخب في العام 1971، فإلى أمين سرّ المجلس الثوري في الفترة 1980 - 1989.. ومن عضو لجنة إقليم الأردن 1967 - 1970 إلى معتمد إقليم لبنان 1973.. وأخيراً، عضو اللجنة المركزية للحركة 1989 - 2009.

كان له من العمر 9 سنوات وقت النكبة الوطنية (أي عمر أبو جهاد)، وحياة الولد الفلسطيني اللاجئ يحيى عبد السلام هي حياة مجايليه من الأولاد، أي الانخراط، أوّلاً، في «الثورة التعليمية» لأولاد اللاجئين، بما أوصله العام 1962 إلى حيازة الماجستير من جامعة أريزونا.
كلاّ، فتح لا تكره مثقّفيها، لأنها بدأت حركة مثقّفين مثل أغلب الفصائل.. شرط أن يبقى المثقف الفتحاوي صديقاً وأخاً للمقاتل وللقائد.. وللمثقّف أيضاً.

كل من زار مكتبه القديم ثم مكتبه الجديد وجد على الحائط صوراً ورسومات لجميع شهداء اللجنة المركزية، الذين ماتوا بالرصاص، والذين، وهم القلّة، خطفهم المرض العادي من المسؤوليات الحركية.. والعبارة هي: «أحد عشر كوكباً».. والآن، جاء دور الكوكب الثاني عشر، وهو الوحيد من أعضاء اللجنة المركزية الذي استقال من العضوية، وقدم استقالته إلى المؤتمر السادس.. والذريعة هي المرض، الذي لم يمهله طويلاً بعد استقالته.

«الأخ كاكي» هو الأخ «صخر» هو المواطن يحيى عبد السلام حبش، وهو الذي، كما يتذكرون في مسيرات مطلع الانتفاضة الثانية، من كان يتصدّر الصف الأول ذاهباً إلى «الجبهة» القريبة، متأبّطاً ذراع قادة الفصائل، في مسيرة الاحتجاج ــ الاشتباك على ومع جنود الاحتلال قرب مستوطنة «بيت إيل»، أي في دوّار فندق «سيتي إن».
بالنيران والمصفّحات اقتحم العدو المحتل ــ الغازي «عمارة النتشة» حيث كان المقرّ القديم لمفوّضية الشؤون الفكرية والدراسات.. ورأيناه على التلفاز، يرفض الركوع لأوامر جنود الاحتلال.

قصّة حياة صخر هي قصة حياة الولد اللاجئ، والشاب الأكاديمي الثائر.. والفتحاوي القيادي.. وقد رأيته، آخر مرّة، يتقبّل العزاء بالمخرج مصطفى أبو علي، الذي درس الهندسة المدنية بأميركا.. ثم تحوّل إلى السينما، كما تحوّل صخر من الجيولوجيا إلى الثورة.
سيتقبّلون العزاء بصخر حيث تقبّل العزاء بمصطفى. لقد كبرنا. هرمنا.. وهزمنا الموت العادي والمرض المبكّر والعادي.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اثنا عشر كوكباً اثنا عشر كوكباً



GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

GMT 02:02 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

تدليل أمريكي جديد لإسرائيل

GMT 01:56 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

«العيون السود»... وعيون أخرى!

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 10:05 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

عمرو يوسف يتحدث عن "شِقو" يكشف سراً عن كندة علوش
 لبنان اليوم - عمرو يوسف يتحدث عن "شِقو" يكشف سراً عن كندة علوش

GMT 15:06 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يجعلك هذا اليوم أكثر قدرة على إتخاذ قرارات مادية مناسبة

GMT 15:46 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

وفاة الممثل السوري غسان مكانسي عن عمر ناهز 74 عاماً

GMT 15:43 2021 الخميس ,23 أيلول / سبتمبر

أعلى 10 لاعبين دخلاً في صفوف المنتخب الجزائري

GMT 12:14 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالإرهاق وكل ما تفعله سيكون تحت الأضواء

GMT 09:07 2024 الخميس ,04 كانون الثاني / يناير

صفقة نفطية لشركات أجنبية تُفجر خلافاً واسعاً في ليبيا

GMT 10:20 2023 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

الجينز واسع والألوان الجريئة أبرز صيحات الموضة لعام 2024

GMT 19:00 2023 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

لصوص يقتحمون منزل الفنان كيانو ريفز بغرض السرقة

GMT 19:50 2023 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة السيدة الأميركية الأولى السابقة روزالين كارتر

GMT 00:54 2023 الخميس ,27 إبريل / نيسان

أفضل الإكسسوارات والمجوهرات لهذا الموسم

GMT 16:06 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

دكتوراه لراني شكرون بدرجة جيد جدا من جامعة الجنان
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon