هلال ما بعد «داعش»

هلال ما بعد «داعش»

هلال ما بعد «داعش»

 لبنان اليوم -

هلال ما بعد «داعش»

غسان شربل

لا تعتبر إيران نفسها دولة مهمة في الإقليم. تعتبر نفسها «الدولة المهمة» أي الدولة الأهم. هذا ما سمعه عدد من السياسيين والمبعوثين الذين زاروا طهران وبينهم الأخضر الإبراهيمي. تريد ايران الاعتراف بها بوصفها «الدولة المهمة». وتريد حصة في المنطقة متناسبة مع هذا الموقع. وتعتبر ان ترتيبات الامن والاحجام يجب ان تُبلور في النهاية باتفاق بينها وبين «الشيطان الأكبر».

قال الابراهيمي لعلي لاريجاني (الرئيس الحالي لمجلس الشورى): «لا يمكن ان تتركوا العراق على هذا الحال، انتم الدول الكبيرة في المنطقة، وأقصد ايران وتركيا والسعودية، لا يمكن ان تتركوا البلد يحترق بهذه الطريقة». رد لاريجاني: «معك حق لكن يمكن ان يساعد في العراق من لديه نفوذ، اي الاميركيون ونحن».

تريد ايران اعترافاً اميركياً صريحاً بأنها الدولة المهمة في الإقليم وانها معبر الزامي لبلورة الترتيبات المتعلقة بالامن والاستقرار. لكن الصفقة التي تكرس ايران «الشريك الأكبر للشيطان الأكبر» في الشرق الاوسط لم تبرم. وثمة من يعتقد ان ايران البارعة أضاعت فرصة إنجاز مثل هذه الصفقة «يوم كانت في أوج قوتها».

في هذا الإطار يمكن فهم الانتقادات الشديدة اللهجة التي وجهها المرشد علي خامنئي الى الولايات المتحدة. ليس بسيطاً عقد «مؤتمر الامن والسلام في العراق» بحضور دولي وعربي واسع ومن دون توجيه دعوة الى طهران. ان تغييب ايران عن لقاء يوفر مظلة دولية لضرب «داعش» في العراق وترميم المشهد السياسي في هذا البلد يشكل دليلاً جديداً على استمرار رفض الاعتراف بأنها «الدولة المهمة» في الاقليم. يشبه تغييب ايران عن مؤتمر باريس سحب الدعوة التي كانت وجهت اليها للمشاركة في مؤتمر»جنيف 2» في سويسرا والذي كان مخصصاً للسعي الى حل سياسي في سورية. استبعاد ايران يعني في الحالين عدم الاعتراف بأنها «الدولة المهمة» ويبطن انطباعاً بأنها «دولة مهمة لكنها جزء من المشكلة وليس من الحل».

كانت ايران في «اوج قوتها» عشية اندلاع «الربيع العربي». كانت صاحبة الكلمة الأولى في بغداد ودمشق وبيروت. أعطت الانطباع انها الوحيدة القادرة على التأثير في الملفين الأهم في المنطقة وهما أمن النفط وامن اسرائيل. افادت من غياب الدور المصري وانتقلت الى محاصرة الدور السعودي عبر اسقاط حكومة سعد الحريري في بيروت ودعم الحوثيين في اليمن وأحداث البحرين.

تعرض النجاح الايراني الواسع لانتكاستين. الأولى حين عجز النظام السوري عن حسم المعركة ضد معارضيه على رغم نجاح طهران في منع سقوطه. الثانية حين فشلت الحكومة الموالية لها في بغداد في منع «داعش» من الاستيلاء على مساحات واسعة من العراق. اصطدم الدور الايراني في الهلال بانتفاضة سنّية في العراق وسورية وكانت لها بعض الاصداء حتى في لبنان.

استجارت السلطة العراقية بأميركا لمواجهة خطر «داعش». اشترط باراك اوباما قيام حكومة جامعة في بغداد. والمقصود اعطاء المكون السني صفة الشريك الفعلي وانهاء سياسات الغلبة والتهميش وانهاء السياسات الكيدية في التعامل مع الاقليم الكردي. وليس سراً ان قيام حكومة من هذا النوع يحرم ايران من صفة اللاعب الوحيد على المسرح العراقي. وبدا واضحاً ان ادارة اوباما ليست في وارد اقتلاع «داعش» لاعادة تقديم العراق هدية الى ايران.

الافتراق في سورية اكثر وضوحاً وخطورة. أكد اوباما استهداف «داعش» ايضاً في سورية لكنه رفض اي تنسيق مع النظام السوري. ذهب ابعد من ذلك بإعلان عزمه على تمويل «الجيش الحر» وتدريبه. وهذا يعني ان أميركا ستحرم النظام السوري من فرصة ذهبية كان يعول عليها لإعادة تأهيله دولياً. اعتبرت واشنطن ان نظام الرئيس بشار الاسد جزء من المشكلة ولا يستطيع ان يكون جزءاً من الحل. لا تنوي ادارة اوباما اقتلاع النظام السوري لكنها تنوي ممارسة الضغوط عليه لإجباره على السير في حل سياسي. وواضح ان اي حل سياسي في سورية سيقلص الدور الايراني فيها وهو أمر لا بد ان يترك بعض الآثار على التوازنات الحالية في لبنان.

اقتلاع «داعش» من العراق وسورية لا يقل عن جراحة جدية ومؤلمة للوضع في دولتين عربيتين اساسيتين. فشل الجراحة يعني استمرار الحروب الأهلية والمواجهات بين المكونات. نجاحها سيؤدي الى قيام هلال مختلف ودور ايراني مختلف. لا بد من الانتظار لمعرفة خيارات ايران. هل تتمسك باسترجاع الهلال كاملاً من قبضة «داعش» والجراح الاميركي وهل هي قادرة على معركة بهذا الحجم ام ستفضل خيارات اقل من الخرائط لتكون صاحبة الكلمة الوحيدة في اقاليم تشبهها؟ ولا بد هنا من الالتفات الى رجل اسمه فلاديمير بوتين دفع اوكرانيا الى التفكك ولم يرف له جفن.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هلال ما بعد «داعش» هلال ما بعد «داعش»



GMT 20:03 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

دومينو نعمت شفيق

GMT 20:01 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

معايير عمل البلدية

GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 19:29 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 19:26 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 19:23 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:05 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 08:54 2022 الخميس ,02 حزيران / يونيو

جينيسيس تكشف عن G70" Shooting Brake" رسمياً

GMT 00:08 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

وزارة الصحة التونسية توقف نشاط الرابطة الأولى

GMT 21:09 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 23:44 2020 الإثنين ,28 كانون الأول / ديسمبر

مارادونا وكوبي براينت أبرز نجوم الرياضة المفارقين في 2020

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 11:03 2022 الأحد ,01 أيار / مايو

إتيكيت طلب يد العروس

GMT 10:04 2021 الإثنين ,10 أيار / مايو

الهلال السعودي يحتفل بمئوية جوميز

GMT 18:43 2022 الإثنين ,09 أيار / مايو

أفضل النظارات الشمسية المناسبة لشكل وجهك
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon