عبد الله اسكندر

عبد الله اسكندر

عبد الله اسكندر

 لبنان اليوم -

عبد الله اسكندر

غسان شربل

 ما أصعب أن يطرق الموت المكتب المجاور لمكتبك. وأن يسرق ساكنه. وأن يكون الساكن زميلك وصديقك. وأن تكون أيامك اختلطت بأيامه من حبر «النهار» في بيروت إلى حبر «الحياة» في لندن. يبقى لهذه المهنة طعم الحبر حتى ولو أرغمت التكنولوجيا الأقلام والأوراق على التقاعد.

ما أصعب أن يصبح المكتب المجاور شاغراً. ومعتماً. لا تدخله الأخبار ولا تخرج. ولا تدخله أنت ولا تخرج. وأن الحوار الطويل انقطع. ولم يعد ثمة مجال للتداول والنقاش والجدل قبل أن تبحر الصفحة الاولى من «الحياة» إلى المطابع.

كنت في عاصمة بعيدة. أغلقت الهاتف لساعات احتراماً لاجراءات الأمن لدى من ذهبت لمحاورته. بعد الخروج راودتني رغبة غريبة في إبقاء الهاتف مغلقاً. كأنني كنت أخشى خبراً مؤلماً. كنت أعرف أن عبد الله اسكندر، مدير تحرير «الحياة»، يصارع المرض الخبيث وفي أكثر من مكان في جسده. لكنني كنت أراهن أن يكون عبد الله على سرير المرض عنيداً كما كان دائماً. إنه السرطان. لا يقبل أقل من الضربة القاضية.

في قاعة القسم العربي والدولي في «النهار» التقينا. وكان من حسن حظنا أننا كنا طلاباً في زمن الأساتذة. وإن مرجعنا كان حارس ميزان الصحيفة أستاذنا فرنسوا عقل. لا تساهل ولا استسهال. الصحافة ولاء للمهنة لا لغيرها. ومراس. ومتابعة. وموضوعية. وحياد. ونزاهة. وفي تلك الأيام اعتنق عبد الله اسكندر هذه المدرسة الصارمة وحمل قواعدها إلى كل مكان عمل فيه.

كان أول من يئس من بيروت وانهياراتها المتعاقبة. غادر إلى فرنسا. عمل في «الحوادث» و»اليوم السابع». وفي النصف الاول من التسعينات استقر في لندن منتسباً إلى «الحياة» بعد مرور في «الوسط».

لم يبخل عبد الله على «الحياة» بجهد أو تضحية. وكثيراً ما بادر إلى إلغاء إجازاته حين تتدافع الأحداث. كان صارماً في تعامله مع المواد التي تمر تحت يديه وكان صارماً مع نفسه أيضاً. وكان دائماً من مدرسة الصحافة النبيلة التي لا تتسع للمداحين والمزورين. لا أبالغ إن قلت إن «الحياة» مدينة له في نجاحها في التمسك بالموضوعية في التعامل مع الأحداث والأخبار.

في الأعوام الأخيرة هجم اليأس على المقيم في المكتب المجاور. وكنا نتناقش ونتجادل. وكان مصراً أن بلداننا تذهب إلى التفكك والحروب الأهلية وأنها غير جاهزة للتغيير الذي يحلم به شبان الميادين والساحات. وكان يعتقد أن بلداننا تفر من ظلم مستبد لتقع في قبضة فكرة مستبدة. وكان هذا واضحاً في مقالاته.

قبل سبعة أشهر هاجمه الزائر الخبيث. أقلقه ثم أتعبه ثم أقعده. كان يتحامل على جسده ويزور «الحياة». كأنه كان يراهن على إرجاء موعد الاستحقاق.

بغياب عبد الله اسكندر تفقد «الحياة» ركناً من أركانها. شعورها بالخسارة يضاعف رغبتها في التمسك بالقيم التي عاش من أجلها وعمل في ضوئها.

باسم القيمين على الصحيفة والعاملين فيها، وباسمي الشخصي، نعزي عائلته الكريمة ومحبيه.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عبد الله اسكندر عبد الله اسكندر



GMT 20:03 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

دومينو نعمت شفيق

GMT 20:01 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

معايير عمل البلدية

GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 19:29 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 19:26 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 19:23 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:05 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 08:54 2022 الخميس ,02 حزيران / يونيو

جينيسيس تكشف عن G70" Shooting Brake" رسمياً

GMT 00:08 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

وزارة الصحة التونسية توقف نشاط الرابطة الأولى

GMT 21:09 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 23:44 2020 الإثنين ,28 كانون الأول / ديسمبر

مارادونا وكوبي براينت أبرز نجوم الرياضة المفارقين في 2020

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 11:03 2022 الأحد ,01 أيار / مايو

إتيكيت طلب يد العروس

GMT 10:04 2021 الإثنين ,10 أيار / مايو

الهلال السعودي يحتفل بمئوية جوميز

GMT 18:43 2022 الإثنين ,09 أيار / مايو

أفضل النظارات الشمسية المناسبة لشكل وجهك
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon