روسيا وإيران والقاعدة

روسيا وإيران و"القاعدة"

روسيا وإيران و"القاعدة"

 لبنان اليوم -

روسيا وإيران والقاعدة

غسان شربل

لا يريد باراك أوباما الانخراط في تدخلات ومواجهات. همه أن يستكمل تنفيذ وعوده أي الانسحاب من أفغانستان بعد الانسحاب من العراق. كانت إدارته تفكر في «الصعود الصيني». وأرقام الاقتصاد والإنفاق العسكري. وكان الرئيس مرتاحاً لأن حرائق الشرق الاوسط لم تنجح في استدراجه على رغم قسوة المشاهد وفظاعة الأرقام.
يفر الرئيس من الأزمات لكنها تقتحم مكتبه. فجأة عادت روسيا مصدراً للقلق. حرك فلاديمير بوتين أعماق الروح الروسية وها هو يقرع بوابات العالم معلناً انتهاء المرحلة التي بدأت مع سقوط جدار برلين. بسرعة قياسية أعاد شبه جزيرة القرم الى الحضن الروسي ووضع أوكرانيا على طريق الحرب الأهلية او التفكك او التحول دولة ضعيفة لا تملك القدرة على اتخاذ قرار الانضواء في الاتحاد الأوروبي او حلف الناتو.
تحسست الدول التي فرت من السجن السوفياتي أطرافها. تذكرت برلين ولندن وباريس أن روسيا يمكن أن تسترجع شراهتها وأن تعود مصدراً للأخطار.
المسألة ليست حادثاً مؤسفاً أو عابراً. ثمة خيط واضح يربط بين ما فعلته روسيا في جورجيا ثم في سورية والآن في أوكرانيا. إنها محاولة انقلاب جدية على تفرد أميركا بقيادة العالم منذ انتحار الاتحاد السوفياتي. لا تملك أميركا خيارات كثيرة لمواجهة بوتين على المسرح الأوكراني. ثمة دعوات لمعاقبته في أماكن أخرى. أي هبوط لأسعار النفط والغاز سيرغم روسيا على إعادة التفكير في خوض مبارزة جدية مع الغرب.
ثمة من يعتقد أن سورية هي المكان المناسب لمعاقبة بوتين وعبر تحويل النزاع هناك الى فيتنام لروسيا وايران معاً. ويعتقد هؤلاء أن الغرب قادر في حال تسليح المعارضة السورية على جعل الملعب السوري فرصة لاستنزاف طويل لقدرات موسكو وطهران وهيبتهما ومضاعفة عزلتهما في العالم السنّي.
مواجهة الملف الروسي تطرح السؤال عن الملف الإيراني. هل تريد أميركا مواجهة الدولتين ام تراهن سراً على إبعاد طهران عن موسكو عبر صفقة تسلم لإيران بدور إقليمي غير مسبوق؟ وهل إيران راغبة في مثل هذه الصفقة وهل هي قادرة على دفع ثمن هذا الدور الكبير؟
هناك من يرى أن إيران باتت تملك من الأوراق الإقليمية ما يشكل إغراء فعلياً للولايات المتحدة. إنها الوحيدة القادرة على إخراج العراق من المأزق الذي يتجه إليه بفعل تطلع نوري المالكي الى ولاية ثالثة. إنها قادرة على تسويق شخصية أخرى تضمن غياب شخص المالكي مع استمرار سياسته التحالفية معها. إنها الوحيدة القادرة على تجنيب لبنان كأس الفراغ الرئاسي عبر تشجيع «حزب الله» على السير في تأييد رئيس وفاقي لا يشكل وصوله إخلالاً بالمعادلات القائمة.
وهناك أوراق لا تقل أهمية. رعت إيران عملياً الاتفاق الأخير في حمص وضمنت نجاحه. هل أرادت القول إن المشهد في حمص قابل للتكرار في انحاء أخرى من سورية وأن قدرتها على التأثير على النظام حاسمة وقاطعة؟ وهل أرادت الإيحاء أنها تستطيع لعب دور في ترتيب الوضع في سورية وليس فقط في حمص؟ وماذا لو قالت إيران إنها جاهزة لوضع أوراقها في اليمن والعراق وسورية ولبنان في خدمة تعاون واسع لمواجهة «القاعدة»؟ وماذا عن أمن النفط وأمن اسرائيل؟
منذ إسقاط نظام صدام حسين يعيش الشرق الأوسط على دوي برنامجين يشكل كل واحد منهما محاولة انقلاب على التوازنات الإقليمية وعلى الحضور الدولي في الإقليم. البرنامج الأول هو البرنامج الإيراني لانتزاع زعامة الإقليم وتقدم إيران للحصول على موقع «الشريك الأكبر» لـ «الشيطان الأكبر». والبرنامج الثاني برنامج «القاعدة» الهادف الى إطاحة التوازنات واقتلاع ركائز الاستقرار. ساهم الحريق السوري في كشف محاولات الانقلاب التي اكتملت صورتها عبر الأزمة الأوكرانية. هل يستطيع الغرب مواجهة محاولات الانقلاب مجتمعة انطلاقاً من تحويل سورية الى فيتنام ام يختار مهادنة محاولة لمواجهة أخرى؟

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

روسيا وإيران والقاعدة روسيا وإيران والقاعدة



GMT 20:03 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

دومينو نعمت شفيق

GMT 20:01 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

معايير عمل البلدية

GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 19:29 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 19:26 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 19:23 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 13:48 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 09:47 2021 الأربعاء ,18 آب / أغسطس

إطلالات أنيقة وراقية للفنانة اللبنانية نور

GMT 19:08 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

الجزائري مبولحي يخضع لبرنامج تأهيلي في فرنسا
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon