التحالف و«داعش» والثمن

التحالف و«داعش» والثمن

التحالف و«داعش» والثمن

 لبنان اليوم -

التحالف و«داعش» والثمن

غسان شربل

موقف باراك أوباما شديد الوضوح. لن يرسل الجنود الأميركيين ليقاتلوا في الفلوجة أو الرقة. الجيش الأميركي ليس قوة للإيجار. الرئيس غير راغب وغير قادر أيضاً. لن يحرر المحافظات السنية العراقية من « داعش » لتستأنف إيران الإمساك بالقرار في بغداد. لن يسترجع المحافظات السورية من « داعش » لتعود مجدداً إلى قبضة النظام السوري. المساهمة في اقتلاع «داعش» مشروطة بتغييرات فعلية في المسرح الذي شهد إطلالتها وتمددها.

يخاطب أوباما أهل المنطقة بما معناه هذه مشكلتكم أولاً وأنتم أول ضحاياها. لسنا على استعداد للقتال نيابة عنكم. سندافع عن مصالحنا لكننا لن نتطوع لدفع الأثمان الباهظة. نحن نساعدكم وندعمكم. وقبل ذلك عليكم اتخاذ قرارات واضحة مهما كانت صعبة أو مكلفة.

يذهب أوباما أبعد في التفاصيل. ولد « داعش » في المناطق السنية. لمكافحته لا بد من دور نشط لأبناء البيئة نفسها. السني المعتدل يجب أن يحارب السني المتطرف. شيء يشبه فكرة الصحوات العراقية مع اختلاف الظروف. الحكومات في مسرح القتال يجب أن تكون حكومات جامعة. أي أن تكون جزءاً من الحل لا من المشكلة. لا يساعد في المعركة استقدام ميليشيات شيعية لتحرير مدن سنية من « داعش ». الجيوش التي ستشارك يجب ألا تكون متهمة بأنها من لون واحد أو أنها تقاتل لتكريس هيمنة مكون على مكون آخر. إشراك الجيوش المتهمة سيُعطي التنظيم فرصة الحصول على تعاطف في البيئة التي عانت سابقاً من ارتكابات الجيوش الفئوية.

لن يجد التحالف الدولي صعوبة في العثور على شركاء من الدول السنية الرئيسية في المنطقة. موقف مجلس التعاون الخليجي واضح في هذا السياق. الموقف السعودي شديد الوضوح عكسته تحذيرات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لدى استقباله عدداً من السفراء. ندد بممارسات الإرهابيين ولفت إلى أن خطرهم مرشح للامتداد سريعاً إلى أوروبا وأميركا. مصر والأردن شريكان طبيعيان في مثل هذا التحالف. وتركيا التي سهلت تدفق المتطرفين إلى سورية ستكون مضطرة إلى التعويض عما فعلته. لكن السؤال هو ماذا سيطلب جون كيري من الحلفاء السنة وما هي حدود أدوارهم ومسؤولياتهم؟.

الحرب الجدية على «داعش» لا بد أن تشمل ملاذه الآمن في سورية. هنا العقدة. تباطأت أميركا في دعم «الجيش الحر» وتباخلت عليه. لم يعد قادراً أن يكون شريكاً أساسياً في الحرب على «داعش». إعادة تأهيله تستلزم وقتاً بعدما التهم «داعش» الكثير من مواقعه فضلاً عن « جبهة النصرة ». الجيش النظامي هو القوة الرئيسية القادرة على المشاركة في الحرب ضد «داعش». لكن هل سيأتي التحالف لإنقاذ النظام الذي كان اعتبره فاقداً للشرعية وليقدم بذلك هدية إلى إيران وروسيا؟ وهل يقبل النظام بحل سياسي كان يرفضه ليتمكن من تقديم أوراق اعتماده للتحالف الجديد؟. واضح أن عدم إشراك الجيش النظامي السوري في الحرب على « داعش » يعني أن الحرب في الحلقة السورية ستكون طويلة. واضح أيضاً أن الدعوات إلى إشراكه تصطدم حتى الآن بمعارضة أميركية وأوروبية علاوة على صعوبة عودته إلى مناطق أخرج منها وعاقبها.

لإيران مصلحة في اقتلاع « داعش ». لكن شروط اقتلاعه تقلص بالضرورة من نفوذ إيران في المنطقة. أي حكومة متوازنة وواسعة التمثيل في العراق تقلص قدرة إيران على إدارة العراق. أي حل سياسي في سورية يقلص قدرة إيران على التفرد بإدارة الوضع السوري خصوصاً أنه يعني بالضرورة تغييراً في موقع سورية فضلاً عن خروج «حزب الله» من الأراضي السورية. لهذا ليس سهلاً إشراك إيران وليس بسيطاً تجاهلها.

التحالف لاقتلاع « داعش » مستحيل من دون قيادة أميركية كاملة. هذا يعني نهاية الانكفاء الأميركي الذي أعقب الانسحاب من العراق. التحالف نفسه يشكل هزيمة لروسيا التي لم تنجح في التحول جزءاً من الحل وظلت جزءاً من المشكلة. يضاف إلى ذلك أن فلاديمير بوتين خلع حديثاً الأقنعة التي ارتداها طويلاً. إصراره على زعزعة استقرار أوكرانيا ووحدة أراضيها أيقظ صورة روسيا العدوانية ووتر علاقاتها بالاتحاد الأوروبي وحلف الأطلسي وأميركا.

مهمة اقتلاع « داعش » ليست مستحيلة لكنها ليست سهلة. فعملية الاقتلاع ستؤدي في حال نجاحها إلى تعديل في المشهد على مستوى الهلال الملتهب وداخل خرائطه الممزقة. والخيار جلي إما كارثة استمرار « داعش » وإما دفع الثمن الضروري لاقتلاعه. السؤال مطروح على مستوى المنطقة لكنه شديد الإلحاح على طاولات المرشد الإيراني والرئيس السوري ورئيس الوزراء العراقي المكلف فضلاً عن طاولة زعيم « حزب الله ».

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التحالف و«داعش» والثمن التحالف و«داعش» والثمن



GMT 20:03 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

دومينو نعمت شفيق

GMT 20:01 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

معايير عمل البلدية

GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 19:29 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 19:26 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 19:23 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:05 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 08:54 2022 الخميس ,02 حزيران / يونيو

جينيسيس تكشف عن G70" Shooting Brake" رسمياً

GMT 00:08 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

وزارة الصحة التونسية توقف نشاط الرابطة الأولى

GMT 21:09 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 23:44 2020 الإثنين ,28 كانون الأول / ديسمبر

مارادونا وكوبي براينت أبرز نجوم الرياضة المفارقين في 2020

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 11:03 2022 الأحد ,01 أيار / مايو

إتيكيت طلب يد العروس

GMT 10:04 2021 الإثنين ,10 أيار / مايو

الهلال السعودي يحتفل بمئوية جوميز

GMT 18:43 2022 الإثنين ,09 أيار / مايو

أفضل النظارات الشمسية المناسبة لشكل وجهك
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon