من يحارب «داعش»

من يحارب «داعش» ؟

من يحارب «داعش» ؟

 لبنان اليوم -

من يحارب «داعش»

غسان شربل

ليست بسيطة تلك المشاهد التي تتلاحق. شاب يخرج من العتمة ويقف في المسجد الكبير في الموصل. يخاطب الحاضرين بوصفه «الخليفة». يقول بلهجة قاطعة: «ابتُليت بأمانة ثقيلة فأعينوني عليها». فجأة ينشغل العالم بأسره بالبحث عن جذور «الخليفة إبراهيم».
ليس بسيطاً ايضاً أن تسقط الموصل، ثاني المدن العراقية، في يد مئات من أبناء التنظيم. الموصل التي كانت خزان ضباط الجيش العراقي في العقود الماضية. الشق الآخر من المشهد المروع هو انهيار وحدات الجيش العراقي. القائد العسكري الذي كان يثير ذكر اسمه الرعب في النفوس ترك قواته وسلم نفسه الى عناصر البيشمركة. نقلوه الى أربيل ومنها عاد الى بغداد. بعد أربعة أيام دخل المسلحون الى مقر الفرقة الرابعة في بغداد واستولوا على ترسانة من الأسلحة. خلع جنود الجيش ثيابهم وارتدوا الدشاديش وفروا.
ليس بسيطاً ابداً أن يسقط «داعش» الحدود العراقية-السورية. وأن يوسع انتشاره في محافظات كبرى في الدولتين ويستولي على حقول النفط. وأن يطالب السكان بالتوبة أو الجزية. وأن يهجر أهالي مدن وبلدات ليستولي عليها نظيفة في غيابهم ثم يفرض عليهم شروط العودة والطاعة.
أثارت الإطلالة المدوية لـ «داعش» المخيلات. من أين جاء بأسلحة حديثة استخدمها قبل استيلائه على ترسانة الوحدات العراقية التي تبخرت؟ من أين جاء بالأموال الموجودة في حوزته حتى قبل استيلائه على كنز الموصل؟ وكيف تحركت مجموعات «داعش» بمثل هذه الحرية؟ أين معلومات الجيش العراقي والحليف الإيراني؟ وأين طيران الجيش السوري وغاراته؟
لا أحاول أبداً الإيحاء بوجود مؤامرة حيكت في الظلام. إنني أطرح أسئلة أمام مشهد غير مسبوق وشديد الخطورة.
سألت عراقيين كثيرين ولم أعد بجواب شافٍ. كان لا بد من سؤال سياسيين من أبناء المنطقة السنّية التي يفترض أنها تعيش اليوم في كنف «أبو بكر البغدادي». يعتقد هؤلاء أن «داعش» ظاهرة غريبة ومثيرة للتساؤلات. ويرجحون ألا تطول سيطرتها وسطوتها. يقولون إن الإعلام وقع في فخ براعة «داعش» الذي يتعمد إثارة الرعب في نفوس خصومه. وإن الإعلام يتجاهل أن ما حصل في المحافظات السنّية في العراق هو نتيجة تراكم احتجاجات بدأت قبل سنة ونصف السنة «وكانت تعبّر عن رفض المكون السنّي لنهج نوري المالكي وسياسة الإقصاء والتهميش». وأضافوا أن عصب الاحتجاجات كان يتشكل من «مواطنين غاضبين إضافة الى قوى إسلامية وبعثية ووطنية شاركت في مقاومة الاحتلال الأميركي وواصلت بعد انسحابه مقاومة السلطة الطائفية المتحالفة مع طهران».
سألت عن الجهة التي تستطيع محاربة «داعش» فجاء الجواب: «لا يمكن محاربة داعش من الخارج. كل دور أميركي سيعطي هذا التنظيم فرصة لتعميق شرعيته لدى جمهوره. أي دور إيراني في دعم الجيش العراقي سيضاعف الطابع المذهبي للصراع. «داعش» يسقط سريعاً إذا رفع الظلم اللاحق بالمكون السنّي واستعادت العملية السياسية القدر الضروري من التوازن. وهذا يعني عملياً غياب المالكي ونهجه والاعتراف بالقوى الفعلية في الشارع السنّي ومطالبها. الحل ليس بمحاولة إحياء الصحوات. الحل بإعادة التوازن الى العراق وهو ما يضعف نفوذ فريقين هما: القاعدة ومشتقاتها من جهة وإيران من جهة اخرى».
لفتني قول أحدهم إن «داعش» ولد ايضاً من «أزمة دور السنّة في العراق وسورية ولبنان، أي في المنطقة التي صارت توصف بالهلال الشيعي على رغم أن السنّة ليسوا أقلية فيها».
واضح أن المنطقة لا تستطيع احتمال استقرار دولة «الخليفة ابراهيم» في المناطق التي تسيطر عليها. وثمة مؤشرات الى أن أميركا ترعى اتصالات لإسقاط الدولة من داخلها. أغلب الظن أن هوية من سيتولون محاربة «داعش» ستؤثر على صورة المعركة ومسارها ومصيرها.

 

 

 

 

 

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من يحارب «داعش» من يحارب «داعش»



GMT 20:03 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

دومينو نعمت شفيق

GMT 20:01 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

معايير عمل البلدية

GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 19:29 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 19:26 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 19:23 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:05 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 08:54 2022 الخميس ,02 حزيران / يونيو

جينيسيس تكشف عن G70" Shooting Brake" رسمياً

GMT 00:08 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

وزارة الصحة التونسية توقف نشاط الرابطة الأولى

GMT 21:09 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 23:44 2020 الإثنين ,28 كانون الأول / ديسمبر

مارادونا وكوبي براينت أبرز نجوم الرياضة المفارقين في 2020

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 11:03 2022 الأحد ,01 أيار / مايو

إتيكيت طلب يد العروس

GMT 10:04 2021 الإثنين ,10 أيار / مايو

الهلال السعودي يحتفل بمئوية جوميز

GMT 18:43 2022 الإثنين ,09 أيار / مايو

أفضل النظارات الشمسية المناسبة لشكل وجهك
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon