من يريد الانتهاء من الكيان السوري

من يريد الانتهاء من الكيان السوري؟

من يريد الانتهاء من الكيان السوري؟

 لبنان اليوم -

من يريد الانتهاء من الكيان السوري

خيرالله خيرالله

ليس مهمّا انعقاد مؤتر جنيف 2. المهمّ أكثر موازين القوى التي سينعقد في ظلها هذا المؤتمر. نتائج المؤتمر ستحدد مستقبل سوريا التي هي حاليا بين خيارين لا ثالث لهما. يتمثّل الخيار الاوّل في استمرار الحرب التي يخوضها نظام في مواجهة مع شعبه. وهذا يعني في طبيعة الحال بلوغ وضع لا يعود امام سوريا سوى التفكك. أمّا الخيار الثاني، فيتمثّل في ايجاد صيغة لحلّ سياسي يرحل بموجبه بشّار الاسد عن السلطة في أسرع وقت وتشكّل في الوقت ذاته حكومة انتقالية تسعى الى نقل سوريا الى مستقبل أفضل. يفترض في هذه الحكومة أن تمثّل كل فئات الشعب السوري وأن تمتلك كلّ الصلاحيات التي تسمح لها بوضع الاسس لسوريا جديدة على علاقة بما يدور في العالم والمنطقة. اي سوريا ديموقراطية فيها مجتمع مدني وتجري فيها انتخابات ولا تحكمها احزاب شمولية من نوع الاخوان والمسلمين وما شابه ذلك من بعث تحوّل الى نظام عائلي لا علاقة له من قريب أو بعيد سوى بالاجهزة الامنية التي تسيطر على كلّ مفاصل الدولة. سوريا الحديثة، كما يجب أن تكون، هي دولة موحّدة بعيدة كلّ البعد عن حكم الاجهزة الامنية وعن حلف الاقليات الذي تشجّع عليه ايران التي تخدم من حيث تدري أو لا تدري التوجه الاسرائيلي. يمثّل الخيار الثاني، الذي يبدأ برحيل رمز النظام، الأمل. لا أمل لسوريا الموحدة الاّ اذا رحل النظام الطائفي الذي تحوّل في السنوات الثلاث عشر الاخيرة الى نظام عائلي لا همّ له سوى نهب خيرات البلد واذلال شعبه باسم "المقاومة" و"الممانعة". و"المقاومة" و"الممانعة" هما في نهاية المطاف الغطاء المستخدم منذ ما يزيد على نصف قرن، أيّ منذ ما قبل وصول البعث الى السلطة في العام 1963 من أجل حماية نظام، يهرب دائما الى الخارج السوري، ويقوم على الغاء ارادة الشعب وتطلعه الى مستقبل أفضل. ما نشهده حاليا محاولة ايرانية- روسية لفرض أمر واقع قبل انعقاد مؤتمر جنيف 2. هذا كلّ ما في الأمر. انه التمهيد المباشر لاستمرار الحرب الاهلية الدائرة حاليا في سوريا. بكلام أوضح، انّ الهمّ الاوّل للايراني والروسي يختصر بالاصرار على توريط "حزب الله" بعناصره اللبنانية في الحرب السورية وزيادة كمّيات الاسلحة التي ترسل الى النظام السوري لمتابعة مهمّة قتل شعبه. في مرحلة لاحقة، يبدو أن ايران ستجد نفسها مضطرة الى التورط أكثر في الحرب التي يتعرّض لها الشعب السوري من أجل الحؤول دون خروج النظام من دمشق في اتجاه السلحل. والخروج الى الساحل هو بمثابة الخيار الأخير للنظام، أي خيار الدولة العلوية المربوطة بالبقاع اللبناني وغير القابلة للحياة. يعني ذلك، بين ما يعني اللجوء الى عمليات تطهيرعرقي في طول الساحل وعرضه، خصوصا في اللاذقية والمدن الكبرى الأخرى، بما في ذلك مدينة غير ساحلية مثل حمص. ولذلك ثمة أنباء شبه أكيدة عن اعداد ايران لعشرات آلاف المقاتلين كي ينتقلوا الى سوريا، وكي تصبح جزءا لا يتجزّأ من عملية الدفاع عن النظام السوري وحربه على شعبه. هل يقف العالم متفرّجا أمام ما تتعرّض له سوريا؟ الجواب أن كلّ شيء سيتوقف على الاسس التي سينعقد جنيف 2 في ظلّها. هل ينعقد المؤتمر فيما النظام قادر على استخدام سلاح الجوّ والمقاتلين التابعين لـ"حزب الله" من أجل المحافظة على مواقع معيّنة تقطع خطوط الامداد عن "الجيش الحر" أم لا؟ في هذه الحال، سيكون هناك قرار دولي بالقضاء على سوريا الموحّدة. فما لا يفهمه الايراني والروسي وما يفهمه الاسرائيلي جيّدا هو أن استمرار الحرب في سوريا يعني أوّل ما يعني القضاء على وحدة البلد. ربّما يفهم الايراني والروسي ذلك أكثر من الاسرائيلي، ويفهمان خصوصا أنّ لا مستقبل لنفوذهما في سوريا في حال بقاء البلد موحّدا. هل من تواطؤ أميركي مع هذا التوجّه؟ يمكن الحديث عن مثل هذا التواطؤ لدى التمعّن في مواقف ادارة الرئيس باراك أوباما التي ترسم للنظام السوري خطوطا حمر ولا تلبث أن تعتبرها لاغية عند تجاوزها. هذه مهزلة المهازل، لا أكثر ولا أقلّ. ما تقوم به الادارة الأميركية يدلّ على شيء واحد. هذا الشيء هو الرغبة في تفتيت سوريا بحجة أنّ المعارضة غير قادرة على أن تتوحد من جهة وأن هناك ما يسمّى "جبهة النصرة" من جهة أخرى. من سهّل استمرار الحرب السورية، عن طريق تفادي اقامة منطقة حظر جوّي واحدة والامتناع عن تزويد "الجيش الحر" باسلحة متطورة الى حدّ ما، هو الحليف الاساسي غير المعلن لما يسمّى "جبهة النصرة" وكلّ التنظيمات المتطرفة التي على شاكلتها. يمكن أن يمثّل جنيف 2 الامل بالنسبة الى سوريا والسوريين. كذلك، يمكن ان يمثّل ذروة الفشل في حال انعقاده في ظلّ الظروف الراهنة وفي غياب الرغبة في التصدي على الارض لما يقوم به الحلف الايراني- الروسي. من الواضح أنّ لا هدف لهذا الحلف سوى تدمير سوريا. فتدمير سوريا، والانتهاء من الكيان السوري بشكله الحالي، هو الفرصة الوحيدة المتاحة له كي يحافظ على نفوذه في جزء من البلد. مرّة أخرى. السؤال ليس هل ينعقد جنيف 2 ، بل في أي ظروف سينعقد المؤتمر وفي ظل أي توازنات؟ هل ينعقد فيما هناك من يسعى الى احياء الاموات، أي النظام السوري الحالي وذلك من أجل تأكيد أن سوريا سائرة نحو التفتيت حتما؟ أم ينعقد من أجل تكريس الانتهاء من نظام لا شرعية له من أي نوع كان وقف دائما في وجه انتماء الشعب السوري الى ثقافة الحياة والحرية والكرامة؟

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من يريد الانتهاء من الكيان السوري من يريد الانتهاء من الكيان السوري



GMT 20:03 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

دومينو نعمت شفيق

GMT 20:01 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

معايير عمل البلدية

GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 19:29 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 19:26 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 19:23 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 11:33 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

تنعم بحس الإدراك وسرعة البديهة

GMT 12:56 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 15:46 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

وفاة الممثل السوري غسان مكانسي عن عمر ناهز 74 عاماً

GMT 18:24 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مصطفى حمدي يضيف كوتة جديدة لمصر في الرماية في أولمبياد طوكيو

GMT 15:53 2024 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

بحث جديد يكشف العمر الافتراضي لبطارية "تسلا"

GMT 19:00 2023 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

لصوص يقتحمون منزل الفنان كيانو ريفز بغرض السرقة

GMT 13:02 2022 الثلاثاء ,07 حزيران / يونيو

توقيف مذيع مصري بعد حادثة خطف ضمن "الكاميرا الخفية"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon