كلمة السرّ من الاردن

كلمة السرّ من الاردن

كلمة السرّ من الاردن

 لبنان اليوم -

كلمة السرّ من الاردن

خيرالله خيرالله

هل من كلمة سرّ تساعد في استشفاف المستقبل السوري؟ ما قاله الملك عبدالله الثاني لدى استقباله الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند قبل أيّام قليلة في عمان يمكن أن يساعد في فهم تعقيدات الوضع السوري وانعكاسه على دول المنطقة، بما في ذلك لبنان. كذلك، يمكن لكلام العاهل الاردني انارة الطريق أمام الذين ما زالوا يعتقدون أنّ هناك أملا في انقاذ سوريا التي عانى شعبها طويلا من الذل والاستعباد والقهر على يد نظام طائفي- امني لا طموح له سوى نشر البؤس والخوف في كلّ انحاء البلد كي يسهل عليه السيطرة على المواطن السوري والتحكّم بحاضره ومستقبله وتحويله الى مجرّد كائن يبحث عن السلامة الشخصية ولقمة العيش ولا شيء غير ذلك. قال عبدالله الثاني لدى استقباله هولاند أن الاردن وفرنسا "يؤمنان بأنّه كلّما طال أمد النزاع في سوريا، ستكون هناك تداعيات وخيمة في المدى البعيد. ولذلك، تعمل الاردن وفرنسا وتجهدان من أجل التوصل الى عملية انتقال سياسي شاملة في سوريا تضمّ الجميع". وحذّر من أنّ "استمرار الازمة السورية سيزيد من احتمال انهيار الوضع هناك". من الواضح أن العاهل الاردني يعرف تماما ما الذي يتحدث عنه. كانت كلّ كلمة قالها في موضعها. هناك تقاعس دولي في ممارسة الضغوط اللازمة كي يرحل بشّار الاسد عن السلطة من جهة وكي تقوم حكومة انتقالية تمتلك كامل الصلاحيات، على أن تضمّ هذه الحكومة ممثلين حقيقيين للطائفة العلوية التي ربّما تخشى على مستقبلها في حال سقط النظام القائم. في الواقع، انّ كلمة السرّ ليست كلمة واحدة انّها جملة مفيدة هي الآتية:" عملية انتقال سياسي شاملة في سوريا تضمّ الجميع". هل هناك من يسمع، أم أن الهدف من اطالة الازمة السورية أكثر ما يمكن، هو تفتيت البلد تأكيدا للنظرية القائلة أن ازمة سوريا ليست ازمة نظام فقط، بل هي أزمة كيان أيضا. يمكن اختصار ما قصده عبدالله الثاني من كلامه بأنّ للاردن مصلحة في انهاء الازمة السورية...ناهيك عن أنّ هناك مصلحة عربية في ذلك، حماية للامن الاقليمي الذي تعتبر المملكة الهاشمية نفسها معنية به مثلها مثل أي دولة عربية أخرى...بل أكثر. على ارض الواقع، هناك خطان لا ثالث لهما يتواجهان في سوريا. هناك خطّ يؤمن بأن من الضروري استمرار الازمة واطالتها نظرا الى أن ذلك سيؤدي الى الانتهاء من سوريا التي عرفناها. وهناك خط عربي يؤمن بأنه لا يزال في الامكان انقاذ ما يمكن انقاذه من البلد ومن مؤسساته. من يدفع في اتجاه اطالة الازمة يدعم النظام السوري بالرجال والمال والعتاد العسكري كي يلحق أكبر مقدار من الدمار بسوريا ويزداد عدد المهجّرين. وهذا ما يفسّر الى حد كبير كميات السلاح الروسي التي وصلت الى النظام اخيرا عن طريق البحر والتورط الكامل لـ"حزب الله" اللبناني، وهو لواء في "الحرس الثوري" الايراني، في الحرب التي يشنها النظام على شعبه. فضلا عن ذلك، لا يمكن تجاهل وجود المستشارين الايرانيين في كلّ انحاء سوريا ووصول آلاف المقاتلين العراقيين اليها وذلك من منطلق مذهبي بحت. الاكيد أن اسرائيل لم تكن يوما معارضة لهذا التوجه الذي يصب في مصلحة تفتيت بلد عربي من منطلق عرقي ومذهبي ومناطقي. انه حلم اسرائيلي لم تتردد روسيا في العمل على تحقيقه بدليل عرض موسكو ارسال قوات الى الجولان المحتل كي تطمئن الدولة العبرية الى أن كلّ كلام عن احياء هذه الجبهة أقرب الى شعارات طنانة فارغة من نوع "المقاومة" و"الممانعة". من يراقب عن قرب كلّ تلك الجهود من أجل اطالة الازمة السورية لا يستطيع الاّ ان يقلق. ما تفعله الاردن هو اتخاذ الاحتياطات اللازمة لتبديد هذا القلق واقامة خط دفاع عن المملكة. من هذا المنطلق يمكن فهم كلام عبدالله الثاني لدى استقباله الرئيس الفرنسي ومضمون الخطاب المهمّ الذي القاه في السادس عشر من الشهر الجاري في جامعة مؤتة- الجناح العسكري. في خطاب مؤتة، لدى تخريج فوج من العسكريين والامنيين، تطرّق الى التحديات التي تواجه الاردن. تطرّق حتى الى "ظاهرة العنف" التي انتشرت في بعض الجامعات والمناطق وسبل معالجتها. لكنّه أكّد في الوقت ذاته أن "الاردن قويّة وقادرة على حماية ارواح ابنائها وممتلكاتهم، وقادرة في أي لحظة على فرض سيادة القانون". أكّد أيضا أنّه "لا يوجد أحد أقوى من الدولة. ولكن نحن دولة حضارية قائمة على مبدأ العدالة وسيادة القانون واحترام حرية الانسان وكرامته". بغض النظر عما سيؤول اليه الوضع في سوريا، لا مجال آخر امام الاردن سوى اتخاذ الاحتياطات اللازمة كي لا تدفع المملكة ثمن رهان حلف قويّ يمتلك امكانات كبيرة على تفتيت سوريا. لم يكتف عبدالله الثاني بالدعوة الى نقلة نوعية قد تحصل أو قد لا تحصل في سوريا، لكنّه لجأ الى كلّ ما يمكن أن يساعد في افهام الاردنيين أن عليهم تحصين الجبهة الداخلية أوّلا. شدّد على أن ذلك لا يعني في أي شكل أن الاصلاحات ستتوقف وأن الاردن سترفض مساعدة اللاجئين السوريين أو أنها سترضخ للتلميحات الاسرائيلية  الى أن المملكة "الوطن البديل". حسم موضوع "الوطن البديل" و"التوطين" و"الخيار الاردني" نهائيا، كذلك موضوع "الكونفيديرالية". هناك خط دفاع أوّل عن الاردن. هذا الخط اسمه عبدالله الثاني...هل من يريد أن يفهم ويستوعب بعيدا عن الشعارات والمزايدات التي لا طائل منه؟    

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كلمة السرّ من الاردن كلمة السرّ من الاردن



GMT 20:03 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

دومينو نعمت شفيق

GMT 20:01 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

معايير عمل البلدية

GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 19:29 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 19:26 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 19:23 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 11:33 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

تنعم بحس الإدراك وسرعة البديهة

GMT 12:56 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 15:46 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

وفاة الممثل السوري غسان مكانسي عن عمر ناهز 74 عاماً

GMT 18:24 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مصطفى حمدي يضيف كوتة جديدة لمصر في الرماية في أولمبياد طوكيو

GMT 15:53 2024 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

بحث جديد يكشف العمر الافتراضي لبطارية "تسلا"

GMT 19:00 2023 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

لصوص يقتحمون منزل الفنان كيانو ريفز بغرض السرقة

GMT 13:02 2022 الثلاثاء ,07 حزيران / يونيو

توقيف مذيع مصري بعد حادثة خطف ضمن "الكاميرا الخفية"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon