انسحبت إسرائيل وبقي اللبنانيون يضحكون على أنفسهم

انسحبت إسرائيل... وبقي اللبنانيون يضحكون على أنفسهم

انسحبت إسرائيل... وبقي اللبنانيون يضحكون على أنفسهم

 لبنان اليوم -

انسحبت إسرائيل وبقي اللبنانيون يضحكون على أنفسهم

خير الله خير الله
بقلم: خير الله خير الله

بعد 23 عاماً على الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان لم يبقَ شيء من لبنان. لا يزال مطلوباً، أكثر من أي وقت، استخدام الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان كورقة في عملية تدمير ممنهجة للبلد، عبر تهجير أكبر عدد ممكن من أبنائه، خصوصاً الشبان المسيحيين منهم.

لم يعد سرّاً أن لبنان الذي عرفناه انتهى إلى غير رجعة، كما تغيّرت طبيعة مجتمعه التي كانت مرتبطة بثقافة الحياة أوّلاً. حصل ذلك بعد مراحل ثلاث مرّ بها البلد.

تمثلت المرحلة الأولى في النشاط الفلسطيني المسلّح الذي تسبّب به، خصوصاً السياسيين الذين وقفوا مع «اتفاق القاهرة» الموقع في العام 1969 والذي أوصل لاحقاً إلى الاجتياح الإسرائيلي صيف العام 1982.

خلّف الاجتياح كوارث على كلّ المستويات.

لم يكن النظام السوري يوماً بعيداً عن النشاط الفلسطيني المسلّح. إذ كان جزءاً لا يتجزأ منه، وقد استخدمه، قبل العام 1976 وبعده لتبرير السيطرة العسكرية على معظم الأراضي اللبنانيّة بموافقة أميركيّة وضوء أخضر إسرائيلي في الوقت ذاته.

جاءت المرحلة الثانية في شكل وصاية سورية مباشرة وكاملة بعدما سلّم ميشال عون قصر بعبدا ووزارة الدفاع اللبنانية في اليرزة إلى القوات السوريّة في 13 أكتوبر1990.

كان عون يقيم في القصر الرئاسي بصفة كونه رئيساً لحكومة موقتة ذات مهمّة محصورة بانتخاب رئيس جديد للجمهورية خلفاً للرئيس أمين الجميّل الذي انتهت ولايته في سبتمبر1988.

أمّا المرحلة الثالثة من عملية القضاء على لبنان، وهي عمليّة ما زالت مستمرّة، فإنّها بدأت مع الانسحاب الإسرائيلي من جنوبه في 25 مايو 2000 تنفيذا لقرار صادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في مارس من العام 1978.

انسحبت إسرائيل من الشريط الحدودي في ظلّ تفاهم غير مباشر مع «حزب الله»، الذي ليس سوى لواء في «الحرس الثوري» الإيراني. كان التفاهم بوساطة المانية. لعبت برلين دور الوسيط بين الجانبين.

أمّنت إسرائيل انسحاباً آمناً لجنودها بعدما بقيت تتكبد خسائر بشريّة طوال سنوات عدّة.

وجد ايهود باراك، رئيس الوزراء وقتذاك، أنّ ليس ما يدعو إلى تحمّل خسائر في جنوب لبنان، خصوصاً أنّ مثل هذه الخسائر لا تؤمّن أي مردود سياسيّ.

على العكس من ذلك، كانت في إسرائيل أكثريّة شعبيّة مؤيدة لقرار الانسحاب من جنوب لبنان الذي ليس هضبة الجولان السوريّة المحتلّة في 1967 والتي تصر كلّ الحكومات الإسرائيلية، بغض النظر عن طبيعتها وتوجهاتها، على الاحتفاظ بها إلى ما لا نهاية لدواع أمنيّة.

بعد 23 عاماً على الانسحاب الإسرائيلي، يتبيّن أنّ اللبنانيين ما زالوا يضحكون على أنفسهم.

لا يريد اللبنانيون الاقتناع بأن الانسحاب الإسرائيلي كان خطوة أولى على طريق وضع اليد الإيرانيّة على البلد.

حصل ذلك بالفعل بعد اغتيال رفيق الحريري في 14 فبراير 2005.

انسحب الجيش السوري من لبنان نتيجة اغتيال الحريري، وهو اغتيال معروف من نفّذه في ضوء ما توصلت إليه المحكمة الدوليّة.

استغل «حزب الله» الفراغ الأمني لملئه على طريقته الخاصة. فرض سلاحه على لبنان واللبنانيين.

كان في استطاعة اللبنانيين رفض أن تغريهم الشعارات التي تتحدث عن دحر الاحتلال في العام 2000.

كان في استطاعتهم استغلال هذا الانسحاب وتحويله لمصلحة بلدهم.

فعلوا عكس ذلك. لعبوا كلّ الأدوار المطلوبة منهم كي يتفادوا الاعتراف بالحقيقة المرّة.

تتمثل هذه الحقيقة في أنّ لا خلاص لبلدهم ما دام سلاح «حزب الله» موجوداً على الأرض اللبنانيّة.

يستحيل التفاوض مع طرف يرفض التخلي عن سلاحه ويعترف أنّه في خدمة المشروع التوسّعي الإيراني الذي يشكّل لبنان جزءاً منه وهدفاً من أهدافه المعلنة... حتّى لو تظاهر المسؤولون الإيرانيون بأنّهم يريدون مساعدة لبنان وتحقيق الوفاق فيه.

هل توجد دولة قابلة للحياة في العالم تعيش في ظلّ سلاح ميليشيوي يدعو إلى تعايش مع سلاح الجيش النظامي؟

يتوجب على المواطن اللبناني صباح كلّ يوم ألّا يضيع وقته بأسئلة مرتبطة بأسباب انهيار البلد الباحث عن رئيس للجمهوريّة. هناك سؤال واحد يختزل كلّ الأسئلة، بما في ذلك لماذا كلّ هذا الإصرار لدى إيران على فرض من هو رئيس الجمهوريّة اللبنانيّة المسيحي؟

يكمن هذا الإصرار في رغبة واضحة وصريحة، وهي رغبة أن يكون لبنان جرماً يدور في فلك «الجمهوريّة الإسلاميّة».

لا فائدة من كلّ الأسئلة الأخرى. اختارت «الجمهوريّة الإسلاميّة» ميشال عون رئيساً للجمهوريّة وامنت انتخابه في مجلس النواب في 31 أكتوبر 2016.

لم يكن وقوع خيار ايران على عون رئيساً للجمهوريّة صدفة. استطاع الرئيس السابق للجمهوريّة، بشراكة مع صهره جبران باسيل ونواب «التيّار» التابعين له، تنفيذ المهمّة التي عليهم تنفيذها وصولاً إلى تأمين انهيار النظام المصرفي اللبناني الذي لن تقوم له قيامه في المستقبل القريب.

كان يمكن للانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان أن يوظّف في خدمة لبنان. وظّف في عملية تدمير ممنهجة للبلد.

بدأ ذلك باختلاق قضية مزارع شبعا لتبرير احتفاظ «حزب الله» بسلاحه. ينطبق على مزارع شبعا القرار 242، الذي لإسرائيل تفسيرها له نظراً إلى تمسكها باحتلال الضفّة الغربية والقدس والجولان.

نفذت إسرائيل القرار 425 وانسحبت من جنوب لبنان. أكّدت الأمم المتحدة ذلك. لكنّ اللبنانيين مصرّون على الضحك على أنفسهم والذهاب في ذلك إلى النهاية.

ليس ما يشير إلى الانهيار اللبناني الذي بدأ من الانسحاب الإسرائيلي من الشريط المحتلّ سيتوقف قريباً.

لن يتوقف إلّا في اليوم الذي لن يعود فيه لبناني يتجرّأ على فتح موضوع سلاح «حزب الله»، رمز الاحتلال الإيراني للبلد.

يوجد على أجندة «حزب الله» في هذه الأيام موضوع انتخاب رئيس للجمهوريّة يكمل ما بدأه عون وباسيل ولا شيء آخر. مطلوب خطوة أخرى على طريق الاستسلام نهائياً أمام المشروع الإيراني...

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انسحبت إسرائيل وبقي اللبنانيون يضحكون على أنفسهم انسحبت إسرائيل وبقي اللبنانيون يضحكون على أنفسهم



GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

GMT 02:02 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

تدليل أمريكي جديد لإسرائيل

GMT 01:56 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

«العيون السود»... وعيون أخرى!

أيقونة الجمال كارمن بصيبص تنضم لعائلة "Bulgari" العريقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:24 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
 لبنان اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 20:08 2024 الخميس ,04 إبريل / نيسان

مولود برج الحمل كثير العطاء وفائق الذكاء

GMT 11:04 2024 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

لاعب برشلونة مارتينيز يشتبك مع مشجع خارج الملعب

GMT 04:53 2022 الإثنين ,04 تموز / يوليو

مكياج العيون من وحي الفنانة بلقيس

GMT 19:17 2022 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

التيشيرت الأبيض يساعدك على تجديد إطلالاتك

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 07:32 2022 الأحد ,10 إبريل / نيسان

نصائح للحفاظ على الشعر الكيرلي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon