سقوط حماس في غزّة وسقوط اخوان مصر

سقوط "حماس" في غزّة... وسقوط اخوان مصر

سقوط "حماس" في غزّة... وسقوط اخوان مصر

 لبنان اليوم -

سقوط حماس في غزّة وسقوط اخوان مصر

خيرالله خيرالله

هناك هذه الايّام كلام ملفت يصدر من غزّة عن رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة السيد اسماعيل هنية. يؤكّد الرجل أن لا علاقة لـ"حماس" بالعمليات الارهابية التي تستهدف الجيش المصري في سيناء وفي مدن القناة. بعد ذلك، يتحدّث هنيّة، وهو من قياديي "حماس"، عن المصالحة الوطنية الفلسطينية. يبدو فجأة وكأنّه أصبح من أشدّ المتحمسين لهذه المصالحة. يترافق ذلك مع نوع من الغزل بين "حماس" وايران عبر تلميحات صادرة عن رئيس المكتب السياسي للحركة السيّد خالد مشعل. لا يشير ذلك كلّه سوى الى أمر واحد هو المأزق الذي تعاني منه "حماس". تسعى "حماس" من أجل الخروج من هذا المأزق الى اقناع مصر بأنها ليست وراء الارهاب في سيناء. تعمل في الوقت ذاته على الاتيان بغطاء فلسطيني للنظام "الطالباني" الذي أقامته في قطاع غزّة عن طريق اظهار حماستها للمصالحة الوطنية، غير آبهة بأن المصالحة تعني الاقدام على خطوات معيّنة واضحة كلّ الوضوح. لا تعي "حماس" أن ليس هناك مصالحة من أجل المصالحة وأن المصالحة، أيّ مصالحة، لا تعني شيئا من دون مضمون سياسي محدّد. يتمثّل هذا المضمون في القبول بالسلطة الوطنية الفلسطينية من جهة والاعتراف، من جهة أخرى، بوجود برنامج سياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، أقرّه المجلس الوطني في العام 1988، في أساسه حلّ الدولتين وليس أي شيء آخر. أي لا وجود لبرنامج وطني فلسطيني يدعو الى تحرير فلسطين من البحر الى النهر، أو من النهر الى البحر، بصفة كونها "وقفا اسلاميا". من ينادي بمثل هذا البرنامج لا يخدم سوى الاحتلال الاسرائيلي وحكومة بنيامين نتانياهو التي تدّعي أنّ "لا وجود لشريك فلسطيني يمكن التفاوض معه". بكلام أوضح، تعمل "حماس"، وهي جزء لا يتجزّأ من تنظيم الاخوان المسلمين الذي أفلتت مصر من براثنه، على تأكيد أن لا علاقة لها بالارهاب من قريب أو بعيد. انّها تحاول اقناع الحكم في مصر بأنّ الارهاب في سيناء يأتي من السماء وليس مرتبطا بالسلاح الذي يأتي من غزة. ليس معروفا على من تضحك "حماس"، اللهمّ الاّ اذا كانت تعتقد أن الضحك على النفس يمكن أن ينطلي على الاجهزة الامنية المصرية التي تعرف تماما معنى فوضى السلاح في غزّة وانعكاس هذه الفوضى على سيناء، بل على مصر كلّها. هناك وعي لدى المؤسسة العسكرية المصرية ولدى الشعب المصري عموما لخطورة الوضع القائم في قطاع غزّة على الاراضي المصرية كلّها وعلى الأمن المصري. تزداد هذه الخطورة في ضوء الوضع القائم في السودان، حيث لدى ايران تسهيلات عسكرية كبيرة تمكّنها من تهريب الاسلحة الى الاراضي المصرية ومنها الى سيناء وغزّة. ما يزيد هذا الوضع خطورة وجود عصابات ليبية مرتبطة بالاخوان المسلمين، وغير ذلك من التنظيمات الدينية المتطرّفة، التي لا همّ لها سوى تصدير الارهاب الى البلدان المحيطة بهذا البلد. من بين هذه البلدان تأتي مصر التي صار عليها توزيع جيشها على كلّ المناطق والنقاط الحدودية، أي في صحراء سيناء وفي المناطق القريبة من ليبيا والسودان. تعتقد "حماس" أن ايران لا تزال ورقة تستطيع التلويح بها من أجل الحصول على تنازلات من مصر. ولذلك، هناك تسريب لمعلومات عن احتمال قيان مشعل بزيارة لطهران. لم يتردد رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" في الاعتذار ضمنا من النظام السوري عندما أعلن من بيروت أن التغيير في سوريا يجب أن لا يكون عن طريق السلاح. نسي السيّد مشعل أن من لجأ الى السلاح والقتل هو النظام السوري وأنّ ثورة الشعب السوري بقيت سلمية طوال أشهر عدّة. ولكن ما العمل عندما يكون هناك نظام لا يعرف سوى لغة واحدة هي الغاء الآخر، حتى لو كان هذا الآخر الشعب السوري الذي أصبح "مجموعة من الاهابيين"، على حدّ تعبير بشّار الاسد. بالنسبة الى "حماس"، لا مشكلة في التزلّف الى مصر الآن، بعدما كان مطلوبا قبل أشهر قليلة مشاركة الاخوان المسلمين في التآمر عليها. لم تعد هناك شروط تعجيزية لتحقيق المصالحة الفلسطينية. لم تعد هناك مشكلة في العودة الى طهران، في حال كان ذلك يساعد في ابتزاز الدول العربية التي دعمت الثورة المصرية، "ثورة الثلاثين من يونيو" التي انتزعت مصر من الحكم الشمولي الذي سعى الاخوان الى فرضه على الشقيقة الكبرى. تكمن مشكلة "حماس" بكلّ بساطة في أنها لا تريد الاعتراف بأن رهانها على الاخوان المسلمين في مصر سقط. كانت "حماس" جزءا لا يتجزّأ من عملية خطف الاخوان لـ"ثورة الخامس والعشرين من يناير" تمهيدا لوصول محمّد مرسي الى الرئاسة. من يحتاج الى دليل على ذلك، يستطيع العودة الى الدور الذي لعبته الحركة عن طريق مسلحيها في عملية اخراج مرسي من السجن الذي كان محتجزا فيه في أواخر أيّام نظام حسني مبارك. مع سقوط الاخوان المسلمين في مصر، سقطت "حماس" ايضا في غزة. المسألة مسألة وقت ليس الاّ. لا وجود لمشروع سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي أو حضاري لـ"حماس" في غزّة. هناك مشروع أمني ارتدّ على أهل غزة وفقد في الوقت ذاته بعده الحيوي الذي كانت تمثله مصر عندما كانت في قبضة الاخوان. كلّ ما تستطيع "حماس" عمله حاليا، بدل التبرؤ من الارهاب والسعي الى المصالحة مع "فتح" والتلويح بالورقة الايرانية، يتمثّل في الانسحاب من الساحة الغزاوية. يفترض بها الاقدام على هذه الخطوة من دون الاعلان عن حلّ التنظيم الاخواني. تستطيع تسليم مرافق القطاع الى مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية التي حققت بعض النجاح في الضفّة الغربية، خصوصا بفضل حكومة الدكتور سلام فيّاض التي سعت بالفعل الى اقامة مؤسسات. كلّ ما عدا ذلك، يندرج في سياق عملية الهروب المستمرّة الى امام في ضوء سقوط مشروع انتحاري لم يأت على غزّة والغزاويين سوى بالبؤس. انّه الخيار الوحيد المتوافر أمام "حماس" في حال كانت لديها رأفة بالشعب الفلسطيني وقضيّته.    

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سقوط حماس في غزّة وسقوط اخوان مصر سقوط حماس في غزّة وسقوط اخوان مصر



GMT 20:03 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

دومينو نعمت شفيق

GMT 20:01 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

معايير عمل البلدية

GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 19:29 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 19:26 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 19:23 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:05 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تملك أفكاراً قوية وقدرة جيدة على الإقناع

GMT 15:08 2024 الخميس ,11 إبريل / نيسان

هزة أرضية تضرب ولاية تبسة شرقي الجزائر

GMT 16:31 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

الجزائري عسله الأكثر تصديًا للكرات في الدوري

GMT 23:10 2023 الثلاثاء ,09 أيار / مايو

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 9 مايو/ أيار 2023

GMT 19:03 2022 السبت ,14 أيار / مايو

نصائح لاختيار ملابس العمل المناسبة

GMT 18:36 2023 الأربعاء ,05 إبريل / نيسان

حقائب فاخرة لأمسيات رمضان الأنيقة

GMT 15:28 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

الكشف عن قائمة أفضل وجهات سفر عالمية في 2024
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon