أبعد من منع حزب الله تشكيل حكومة

أبعد من منع "حزب الله" تشكيل حكومة...

أبعد من منع "حزب الله" تشكيل حكومة...

 لبنان اليوم -

أبعد من منع حزب الله تشكيل حكومة

خيرالله خيرالله

ليس في موقف "حزب الله" من تشكيل حكومة لبنانية برئاسة الرئيس تمّام سلام أي نوع من البراءة. يستعيد الحزب ما يعتبر انه فقده في العام 2005 عندما تشكلت حكومات ذات تركيبة أو شكل معيّن برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة ثم حكومة برئاسة الرئيس سعد الحريري بعد نجاح قوى التحرر والسيادة في لبنان في انتخابات 2009. كان رهان الحزب، وهو رهان ايراني، على نيل أكثرية نيابية نتيجة انتخابات نيابية، على أن تتولى هذه الاكثرية عملية تغيير ذات طابع جذري تشمل كلّ المؤسسات اللبنانية وتُفضي الى وضع اليد على البلد...بعد الانتهاء من اتفاق الطائف الذي يكرّس المناصفة بين المسيحيين والمسلمين. كان فشل الحزب في تلك الانتخابات فشلا عظيما. لم يستطع قلب الطاولة على اللبنانيين وعلى لبنان على الرغم من كلّ الجهود التي بذلت، بما في ذلك استخدام ادوات مسيحية لتغطية عملية السطو على الدولة اللبنانية وضرب اتفاق الطائف وتفريغه من محتواه...أو ما بقي من محتواه. يسعى "حزب الله"، بطلب ايراني واضح الى اعادة عقارب الساعة الى خلف، أي الى عهد الوصاية السوري. وقتذاك، لم تكن لديه حاجة الى المشاركة في الحكومات اللبنانية ما دام السوري يمسك بمفاصل الدولة، فيما لم يكن يسمح للرئيس الشهيد رفيق الحريري بممارسة أي دور باستثناء التركيز، وبحدود معينة ضيّقة، على اعادة بناء البنية التحتية والقيام ببعض مشاريع الاعمار التي بقيت دون طموحاته اللبنانية الممتدة على مساحة الوطن، أي على العشرة آلاف واربعمئة واثنين وخمسين كيلومترا مربّعا. ولذلك، يمكن اعتبار ما تحقق قبل العام 2005 وفي ظروف فرضت على الحريري الأب القتال على غير جبهة، أقرب الى معجزة أكثر من أي شيء آخر. من يتذكّر أنه كان ممنوعا على رفيق الحريري ارسال الجيش اللبناني الى جنوب لبنان كي يبقى الجنوب خارج سيطرة الدولة اللبنانية، تماما كما كانت الحال مع سيطرة المقاتلين الفسطينيين عليه بعد توقيع اتفاق القاهرة المشؤوم في العام 1969. الجديد الآن، أن على الحزب التابع لايران التعاطي بشكل مباشر مع الوضع اللبناني وذلك لسببين. الاوّل اضطرار القوات السورية الى الانسحاب من لبنان والآخر طموح ايران الى الامساك أكثر فأكثر بالوطن الصغير عن طريق فرض معادلة جديدة بقوة السلاح وعزله عن محيطه العربي. يحدث ذلك عن طريق تهديد الخليجيين بالخطف في حال أتوا الى لبنان! كان لا بدّ من انقلاب على مراحل. فشلت المرحلة الأولى منه بعدما خرج "حزب الله" بعد اغتيال الرئيس الحريري بتظاهرة الثامن من آذار تحت شعار "شكرا سوريا". هل كان مطلوبا وقتذاك شكر سوريا، سوريا- النظام وليس سوريا الشعب طبعا، على تغطيتها جريمة اغتيال الشخص الذي اعاد وضع لبنان على خريطة الشرق الاوسط بدءا باعادة بناء بيروت وتحويل وسطها الى مكان يلتقي فيه اللبنانيون من كل الطوائف والمذاهب والمناطق والطبقات الاجتماعية؟ نعم، يتعرّض لبنان حاليا لانقلاب ينفّذ على مراحل، انقلاب لم يتوقف تنفيذه في لحظة من اللحظات. انه الانقلاب الذي بدأ بالتمديد لاميل لحود برغم صدور القرار 1559 عن مجلس الامن التابع للامم المتحدة. انه انقلاب كان مفترضا أن يحقق نتائجه المبتغاة بمجرد التخلص من رفيق الحريري. لم يتوقّع منفذو الانقلاب خروج الشعب اللبناني عن بكرة ابيه الى الشارع لاخراج القوات السورية من لبنان. كانت تلك المفاجأة الاولى. استمرّت المفاجآت. بقي اللبنانيون يقاومون على الرغم من فرض حرب صيف العام 2006 عليهم وعلى الرغم من اختلاق النظام السوري لاحداث مخيّم نهر البارد وعلى الرغم من الاعتصام في وسط بيروت استكمالا للعدوان الاسرائيلي على لبنان. صمد اللبنانيون على الرغم من مسلسل الاغتيالات الذي طاول أشرف اللبنانيين العرب... قاوم اللبنانيون وما زالوا يقاومون نتائج "غزوة بيروت والجبل" في ايّار- مايو من العام 2008. ما زالوا يقاومون محاولة ايران وضع يدها على وطنهم الصغير عن طريق تشكيل حكومة برئاسة نجيب ميقاتي وتدجين وليد جنبلاط والدروز... ثم منع تشكيل حكومة برئاسة تمّام سلام. الهدف تغيير طبيعة لبنان بعد النجاح في تغيير طبيعة المجتمع الشيعي. ما نشهده حاليا يتجاوز تشكيل حكومة برئاسة شخصية سنّية معتدلة مقبولة من الاكثرية الساحقة للبنانيين. ما نشهده يتجاوز الرهان على أن ولاية رئيس الجمهورية الماروني ستنتهي بعد أقل من ثمانية أشهر ولن يكون في الامكان بعد ذلك انتخاب رئيس مسيحي جديد للجمهورية. ما نشهده أيضا محاولة لتجاوز الطائف من منطلق أن موازين القوى تغيّرت وأن ثمة حاجة الى نظام جديد في لبنان يأخذ في الاعتبار أن البلد صار من وجهة نظر بعضهم مستعمرة ايرانية. الدليل على ذلك أن دويلة "حزب الله" الذي ليس سوى لواء في "الحرس الثوري" الايراني أقوى بكثير من الدولة اللبنانية التي لم تعد قادرة حتى على منع تمدد شبكة الاتصالات التي اقامهتها ايران داخل الاراضي اللبنانية. ما نشهده حاليا بكلّ بساطة هو سعي لتحويل مسيحيي لبنان الى أهل ذمّة كما حال ما بقي من أقليات مسيحية وغير مسيحية في ايران. هناك بكل بساطة محاولة لالغاء لبنان الذي عرفناه وجعله تابعا لايران لا أكثر. يبقى سؤالان: هل هذا ممكن؟ هل صحيح أن هناك توازنات جديدة تجعل من الضروري الانتهاء من اتفاق الطائف، بايجابياته وسلبياته؟ الجواب عن السؤالين أن اللبنانيين قاوموا الاحتلال السوري عندما كان كلّ لبناني مهددا... وأن ليس ما يشير الى أن موازين القوى تغيّرت. موازين القوى القائمة في غير مصلحة "حزب الله" واسياده في ايران، لا لشيء سوى لانّ النظام السوري الفئوي لا يمكن أن ينتصر على شعبه. في استطاعة لبنان الانتظار. ما يدعو اليه "حزب الله"، بلسان امينه العام أو غيره من الناطقين باسمه، في ما يتعلّق بـ"مؤتمر تأسيسي"، هراء بهراء. لبنان الصغير، بمساحته طبعا، أكبر من أن يكون مستعمرة ايرانية. لا يمكن الانتصار على لبنان بتغليب طائفة على أخرى. لبنان لا يعيش الا بكلّ طوائفه التي تتكامل في ما بينها بعيدا عن لغة السلاح التي لا تبني وطنا ولا تؤمن مثالثة بديلا من المناصفة ولا تجعل من لبناني، بفضل مذهبه وسلاحه الايراني، مواطنا من الدرجة الاولى ثانيا وأخيرا. فكل اللبنانيين متساوون في ما بينهم. كل طائفة لبنانية أقلّية وكلّ طائفة أكثرية متى كان ولاؤها للوطن الصغير وليس للوليّ الفقيه في أيران...أو لبابا الفاتيكان!

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أبعد من منع حزب الله تشكيل حكومة أبعد من منع حزب الله تشكيل حكومة



GMT 21:51 2024 الأحد ,26 أيار / مايو

لبنان المؤجَّل إلى «ما بعد بعد غزة»

GMT 20:10 2024 السبت ,25 أيار / مايو

مفكرة القرية: السند

GMT 20:02 2024 السبت ,25 أيار / مايو

الإصغاء إلى «رواة التاريخ»

GMT 19:58 2024 السبت ,25 أيار / مايو

القضية الفلسطينية في لحظة نوعية

GMT 19:56 2024 السبت ,25 أيار / مايو

الدولة الفلسطينية ودلالات الاعترافات

GMT 19:51 2024 السبت ,25 أيار / مايو

ذكريات العزبى!

GMT 19:49 2024 السبت ,25 أيار / مايو

حوارات إستراتيجية !

GMT 19:45 2024 السبت ,25 أيار / مايو

«شرق 12»... تعددت الحكايات والحقيقة واحدة!

إطلالات الملكة رانيا في المناسبات الوطنية تجمع بين الأناقة والتراث

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:12 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

لا رغبة لك في مضايقة الآخرين

GMT 10:18 2021 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

نيويورك تايمز" تعلن الأعلى مبيعا فى أسبوع

GMT 13:52 2022 السبت ,02 إبريل / نيسان

أفضل المطاعم الرومانسية في جدة

GMT 12:43 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 11:21 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

نجم تشيلسي أندي تاونسند يعتقد أن صلاح فقد الشغف

GMT 17:47 2022 الأحد ,03 تموز / يوليو

أفكار لارتداء إكسسوارات السلاسل

GMT 16:12 2021 الجمعة ,10 كانون الأول / ديسمبر

ميريام فارس تحتفل بذكرى زواجها مع أسرتها بفستان جريء

GMT 06:15 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

روسية تدفن 11 زوجا لها

GMT 11:31 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

تنفرج السماء لتظهر الحلول والتسويات

GMT 11:21 2022 الإثنين ,18 تموز / يوليو

أبرز اتجاهات الموضة لفساتين السهرة هذا الموسم

GMT 11:29 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

أعشاب تساعد على خفض الكوليسترول خلال فصل الصيف
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon