«حزب الله» والانهيار اللبناني والمكافأة الأميركيّة

«حزب الله» والانهيار اللبناني... والمكافأة الأميركيّة

«حزب الله» والانهيار اللبناني... والمكافأة الأميركيّة

 لبنان اليوم -

«حزب الله» والانهيار اللبناني والمكافأة الأميركيّة

خير الله خير الله
بقلم: خير الله خير الله

ليس ما يدعو إلى الاعتقاد أنّ في الإمكان وضع حدّ للإنهيار الكامل في لبنان، خصوصا بعدما تبيّن أن لا وجود لمن يستطيع وقف هبوط سعر العملة الوطنيّة تجاه الدولار. ليس ما يمنع وصول قيمة الدولار إلى مئة ألف ليرة لبنانية، قريبا جدّا، بعدما كانت قيمته 1507 ليرات لبنانية في خريف العام 2019.

ليس ما يدفع القوّة المهيمنة على البلد إلى وقف الإنهيار ما دامت هذه القوّة، أي «حزب الله»، المستفيد الأوّل من البؤس والفقر وهجرة اللبنانيين، خصوصا المسيحيين منهم. تمتلك هذه القوّة أجندة خاصة بها لا علاقة لها بلبنان واللبنانيين ومستقبل أبنائهم. لدى الحزب أجندة إيرانيّة أعلنها غير المرة الأمين العام للحزب حسن نصرالله الذي لم يخف، بالصوت والصورة، أن كلّ ما لدى «حزب الله»، بما في ذلك أكله وشربه ورواتب العاملين فيه مصدره «الجمهوريّة الإسلاميّة» في ايران.

ما الذي يمكن توقعه من حزب ليس سوى لواء في «الحرس الثوري» الإيراني عناصره لبنانيّة؟ لا يمكن توقع شيء آخر غير الإفلاس. أفلس لبنان ما دامت الجهة المسؤولة عن البلد غير مهتمة بمصيره ورفاه أبنائه. تريده فقط أن يكون ورقة إيرانيّة في أي مفاوضات بين واشنطن و«الجمهوريّة الإسلاميّة».

كان هناك في كلّ وقت أخذ وردّ بين «الجمهوريّة الإسلاميّة» و«الشيطان الأكبر» الأميركي. لا يزال هذا الأخذ والردّ مستمرا. لبنان ليس بعيدا عنه. لا يجوز أن يغيب عن البال أن إيران كانت شريكاً صامتاً في الحرب الأميركية على العراق. كانت من سهّل على القوات الأميركية دخول جنوب العراق ثم السير في إتجاه بغداد. كانت إيران الطرف الوحيد الذي أيّد مجلس الحكم الانتقالي الذي تشكّل على أساس طائفي ومذهبي ومناطقي بعد سقوط النظام العراقي. كان يجب أن يسقط النظام، ولكن ليس بالطريقة التي سقط بها في التاسع من أبريل 2003، على يد الأميركيين وحدهم، بدباباتهم وطائراتهم وجنودهم، بدعم ضمني من إيران وتواطؤ معها.

كذلك، لا يمكن تجاهل أنّ رفيق الحريري اغتيل قبل ثمانية عشر عاما لأنّه جعل من لبنان حصناً عربياً. جعل من لبنان بلداً يؤمن به أهله ويؤمن به العرب ويؤمن به المجتمع الدولي. ولذلك، ليس صدفة بعد كلّ هذه السنوات على إغتيال رفيق الحريري ألا يعود في استطاعة أي عربي المجيء الى لبنان. صار كلّ عربي مهدّدا في لبنان. لم يعد فيه مكان سوى للايراني الذي ينفّذ في غير منطقة لبنانية مشروعاً استعمارياً من منطلق مذهبي. ينفّذ هذا المشروع على حساب كلّ لبناني بغض النظر عن الطائفة التي ينتمي اليها. لا يشبه هذا المشروع الايراني، الذي بدأ، منذ فترة طويلة، بالتوسّع في إتجاه سوريا، سوى مشروع إسرائيل القائم على الاستيطان في القدس والضفّة الغربية وبناء مزيد من المستعمرات فيها وربطها ببعضها البعض.

من أغرب ما حصل في الأيّام القليلة الماضية، عودة حسن نصرالله إلى تهديد إسرائيل. قال الأمين العام للحزب في خطاب حديث له موجها كلامه إلى «الشيطان الأكبر»: «على الأميركيين أن يعلموا أنّه إذا دفعوا لبنان إلى الفوضى وتألّم الشعب اللبناني، فهذا يعني أننا لن نجلس ونتفرج على الفوضى وسنمد يدنا إلى من يؤلمكم حتّى لو أدّى ذلك إلى خيار الحرب مع ربيبتكم إسرائيل».

ماذا وراء مثل هذا الخطاب المفاجئ الذي جاء بعد يوم أو يومين من بدء تصدير إسرائيل النفط والغاز من حقل كاريش الذي بات يُعتبر إسرائيليا في ضوء ترسيم الحدود البحريّة بينها وبين لبنان؟

تعرف واشنطن، قبل غيرها، أن ترسيم الحدود البحريّة اللبنانيّة – الإسرائيليّة لم يكن ممكنا من دون الضوء الأخضر الإيراني، أي من دون موافقة «حزب الله» الذي كان عهد ميشال عون الذي سمّي «العهد القوي»، عهده. من وجهة نظر إيران، هذا العهد يجب ألّا ينتهي. من أجل ألّا ينتهي هذا العهد، كان ترسيم الحدود البحريّة مع إسرائيل.

لا يزال الحزب ينتظر المكافأة الأميركيّة على قرار فرض الترسيم. ليس كلام حسن نصرالله عن «خيار الحرب مع إسرائيل» سوى تذكير للجانب الأميركي بالمكافأة. أظهرت التجارب التي شهدتها السنوات القليلة الماضية، أقلّه منذ الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان في العام 2000 تنفيذا لقرار مجلس الأمن الرقم 425، أن المطلوب مرّة أخرى توفير انتصار للحزب على لبنان وليس على إسرائيل.

يبقى السؤال ما شكل المكافأة التي يريدها «حزب الله»؟

الجواب من شقين. الشق الأوّل أنّ الكلام الكبير عن حرب مع إسرائيل ليس كلاما واقعيا في ضوء ما يمكن ان تسفر عنه أي حرب من هذا النوع. صحيح أن الحزب يستطيع بفضل صواريخه الدقيقة إلحاق خسائر كبيرة بإسرائيل، لكن الصحيح أيضا أن إسرائيل بما تمتلكه من أسلحة وقدرات عسكرية متطورة قادرة على تدمير لبنان عن بكرة أبيه. إلى إشعار آخر، لا استعداد إيرانيا لأي مجازفة بمصير «حزب الله» الذي لديه أدواره المتعددة في المنطقة إنطلاقا من سيطرته الكاملة على لبنان.

يتمثل الشقّ الثاني في التعاطي مع الواقع اللبناني. لدى «حزب الله» مرشحه لرئاسة الجمهوريّة. المرشّح هو زعيم «تيار المردة» سليمان فرنجيّة. يريد الحزب فرض سليمان فرنجيّة على اللبنانيين. الأكيد أن سليمان فرنجيّة أفضل بكثير من ميشال عون أو صهره جبران باسيل، لكنّ العلّة الأساسية فيه تبقى في استعداده لمتابعة دور «العهد القوي» الذي لم يكن سوى غطاء لـ«حزب الله» وسلاحه.

هل يلبي الجانب الأميركي مطلب «حزب الله» ويؤمن له انتخاب سليمان فرنجيّة رئيسا للجمهورية، كما يرغب في ذلك الفرنسيون؟

في إنتظار حصول «حزب الله» على المكافأة الأميركية، سيدفع اللبنانيون ثمن مزيد من الإنهيار الذي تسبب به وضع «الجمهوريّة الإسلاميّة» يدها على البلد بشكل تدريجي منذ اغتيل رفيق الحريري في فبراير 2005.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«حزب الله» والانهيار اللبناني والمكافأة الأميركيّة «حزب الله» والانهيار اللبناني والمكافأة الأميركيّة



GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

GMT 02:02 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

تدليل أمريكي جديد لإسرائيل

GMT 01:56 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

«العيون السود»... وعيون أخرى!

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة - لبنان اليوم
 لبنان اليوم - جراحون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي

GMT 00:05 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 05:12 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 تصرفات يقوم بها الأزواج تسبب الطلاق النفسي

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 17:12 2020 السبت ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الهلال السعودي يربط رازفان لوشيسكو بلاعبيه في الديربي

GMT 12:50 2022 الإثنين ,18 تموز / يوليو

ببغاء يُفاجئ باحثي بممارس لعبة تُشبه الغولف

GMT 14:00 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

أفخم 3 فنادق في العاصمة الايرلندية دبلن

GMT 10:04 2022 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

النظارات الشمسية الملونة موضة هذا الموسم

GMT 18:33 2022 الإثنين ,09 أيار / مايو

ألوان الأحذية التي تناسب الفستان الأسود
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon