الأكراد الحالة الصاعدة

الأكراد: الحالة الصاعدة

الأكراد: الحالة الصاعدة

 لبنان اليوم -

الأكراد الحالة الصاعدة

حازم صاغيّة

قامت الحركة القوميّة العربيّة، في تأويلها الأبسط، على الدعوة إلى دمج الكيانات العربيّة القائمة في كيان موعود وموحّد يُفترض أن يكون «بعثاً» لما كان قائماً في ماضٍ ما. ومع أنّ الحركة القوميّة الكرديّة لم تفارقها الدعوة إلى «بعث» أمّة كرديّة، عابرة للأوطان، إلاّ أنّ الوقائع جعلت تركيزها الفعليّ يذهب في وجهة أخرى هي كسر مركزيّة الكيانات القائمة، إمّا للحصول على دولة كرديّة مستقلّة، أو لإحلال لون من الحكم الذاتيّ للأكراد داخل تلك الكيانات. وقد جاءت ثورات «الربيع العربيّ»، بما تحمله ضمناً من تشكيك بالتراكيب المركزيّة للدول، إن لم يكن بخرائطها نفسها، لتنصر النظريّة القوميّة الكرديّة، وهي لم تعد عمليّاً قوميّة جدّاً، على النظريّة القوميّة العربيّة. فالحالم وحده هو الذي «يفكّر» اليوم بكيان جامع عابر للدول – الأمم العربيّة فيما الحريق مشتعل داخل كلّ واحدة من هذه الدول – الأمم، مع ما يشي به ذلك من حضّ عنيف ومتواصل على إعادة التفاوض في ما خصّ تقاسم السلطات، وربّما إعادة ترسيم الحدود ذاتها. واستناداً إلى خلفيّة كهذه تبدو القضيّة الكرديّة، أو بالأحرى القضايا الكرديّة، هي الصاعدة اليوم في المنطقة، مقابل هبوط يطاول قضايا القوميّة العربيّة، أو القضايا المحسوبة عليها، لا سيّما قضيّة فلسطين السيّئة الحظّ، والموصوفة طويلاً بأنّها الطريق إلى التوحيد العربيّ. مثل هذا الصعود يُلحظ في العراق أوّلاً، حيث بات الأكراد، أقلّه منذ 2003، يتمتّعون بمنطقة حكم ذاتيّ موسّع، ويتحوّلون عنصر التحكيم الأهمّ في توازن العلاقة المضطربة بين الشيعة والسنّة العرب. لكنّ أحداً لا يستطيع الجزم بأنّ الحكم الذاتيّ هو ما سيقف عنده طموح أكراد العراق فيما العلاقات الأهليّة في البلد الأخير تتفسّخ وتتراجع معها احتمالات قيام حكم مركزيّ فاعل. وتطوّر كهذا إنّما ترتفع حظوظه في ظلّ التحسّن الكبير الذي أصاب العلاقة بين شمال العراق وتركيا بعد سنوات من الحذر والتوتّر. لكنّ أكراد تركيا، بعد الرسالة الأخيرة التي وجّهها من سجنه عبدالله أوجلان، قد ينضمّون أيضاً إلى تلك القاطرة الصاعدة. فكيف وأنّ الأتراك أنفسهم بدأوا يقتنعون بأنّ أيّ تحوّل إيجابيّ يصيب علاقتهم بالـ15 مليون كرديّ المقيمين في جنوب بلادهم وجنوبها الشرقيّ سيرتدّ إيجاباً على تركيّا نفسها، ابتداء بتعزيز سياستها المناهضة للنظام في سوريّة وانتهاء بتعبيد طريقها المعقّد إلى أوروبا. أمّا أكراد سوريّة الذين كانوا السبّاقين في 2004 إلى مصادمة النظام الأسديّ، فلم يوفّروا أيّة فرصة لتوكيد حرصهم على استقلاليّتهم وخصوصيّتهم من ضمن الثورة. وإذا صحّ أنّ الاتّفاق التركيّ – الكرديّ الأخير سيُضعف المتعاطفين الأكراد مع النظام السوريّ، صحّ أيضاً أنّ أيّ مستقبل سوريّ سيتّسع لحضور كرديّ كبير، حضورٍ تبقى أشكاله التنظيميّة والإداريّة موضوعاً للنقاش والتكهّن. وهذه، في عمومها، أخبار سيّئة بالنسبة إلى دمشق، عاصمة الجمهوريّة «العربيّة» السوريّة، لكنّها قد تكون، على مدى أبعد، أسوأ لطهران التي يبقى أكرادها وحدهم خارج الحدث وخارج الاحتمال. نقلاً عن جريدة "الحياة"

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأكراد الحالة الصاعدة الأكراد الحالة الصاعدة



GMT 20:03 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

دومينو نعمت شفيق

GMT 20:01 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

معايير عمل البلدية

GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 19:29 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 19:26 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 19:23 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 11:33 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

تنعم بحس الإدراك وسرعة البديهة

GMT 12:56 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 15:46 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

وفاة الممثل السوري غسان مكانسي عن عمر ناهز 74 عاماً

GMT 18:24 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مصطفى حمدي يضيف كوتة جديدة لمصر في الرماية في أولمبياد طوكيو

GMT 15:53 2024 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

بحث جديد يكشف العمر الافتراضي لبطارية "تسلا"

GMT 19:00 2023 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

لصوص يقتحمون منزل الفنان كيانو ريفز بغرض السرقة

GMT 13:02 2022 الثلاثاء ,07 حزيران / يونيو

توقيف مذيع مصري بعد حادثة خطف ضمن "الكاميرا الخفية"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon