أتراك وأكراد حيال «داعش»

أتراك وأكراد حيال... «داعش»

أتراك وأكراد حيال... «داعش»

 لبنان اليوم -

أتراك وأكراد حيال «داعش»

حازم صاغية

راهناً يقتصر التصدّي البرّي لتنظيم «داعش» على المسلّحين الأكراد، على تعدّد بلدانهم، وقد تنضمّ إليهم تركيّا بعد تصويت برلمانها وتفويضه جيشها شنّ عمليّات في الخارج.

وهذا قد يثير، بالنسبة إلى العرب، مسائل عدّة منها ما هو سياسيّ وتنظيميّ وما هو ثقافيّ بالمعنى العريض للكلمة، خصوصاً بعد الانهيارين المريعين لجيشين عربيّين، العراقيّ في الدفاع عن الموصل ثمّ اليمنيّ في الدفاع عن صنعاء. وهذا فضلاً عن أنّ الكثير من المشاعر العربيّة التي تناهض تقليديّاً الأكراد أو الأتراك، قد تسبغ على «داعش» بعض التعاطف، أو تنشئ تقاطعاً بين «داعشيّة» ما وعروبيّة ما. وهو بعض ما شهدنا في العراق على شكل تلاقح بين التركة الصدّاميّة و «الخلافة» الجديدة.

لكنّ الأهمّ بالمعنى السياسيّ المباشر للكلمة، وفي حال نزول القوّات التركيّة على الأرض، أنّ الطرفين المعنيّين، الأتراك والأكراد، يقاتلان بنظريّتين متعارضتين وبنوايا متعارضة: فرجب طيّب أردوغان يريد أوّلاً أن يرى سقوط بشّار الأسد، ولا بأس بسقوط «داعش» في هذه الغضون، فيما الأكراد، الأتراك منهم والسوريّون، يريدون إسقاط «داعش» أوّلاً، ولا يُخفون برودتهم وتردّدهم في ما خصّ إسقاط الأسد.

وثمّة من يجدون أدلّة على هذه الميول المتضاربة. فاستمرار محاصرة مدينة كوباني (عين عرب) تدفع كثيرين إلى الريبة حيال أنقرة، ويصل الأمر بـ «حزب العمّال الكردستانيّ» إلى اتّهامها بما لا يقلّ عن دعم «داعش». أمّا تعاون السنوات القليلة الماضية بين نظام الأسد و «العمّال الكردستانيّ»، بما فيه فرعه السوريّ، فيبقى المأخذ الأوّل على «الكردستانيّ» المصنّف، دوليّاً وتركيّاً، تنظيماً إرهابيّاً.

وهناك، والحال على ما هي عليه، خشيةٌ مبرّرة من أن يحوّل الأتراك مسألة الكرد والعدوان عليهم إلى مجرّد مسألة إنسانيّة عنوانها المهجّرون والنازحون، بحيث يتعاطون معهم بأبويّة ويطالبونهم بامتثال الأبناء وانضباطهم فيما يُترك لهم وحدهم التفكير والقرار. وهناك، في المقابل، خشية مماثلة من أن يغلب على الأكراد سلوك الأبناء حين يعميهم النزاع مع الأب، وهو هنا تركيّ، عن تنظيم «داعش».

ووفق سلوكين كهذين، يغرق الطرفان في شبر ماء. هكذا يغيب عن أردوغان أن الإنجاز الأكبر لتركيّا هو، في آخر المطاف، استئناف العمليّة السلميّة المتعثّرة مع «حزب العمّال الكردستانيّ». أمّا الأكراد فتغيب عنهم حقيقة أنّ لا مستقبل لهم مع الأسد، ليس فقط لأنّ ذلك يضعهم في وجه الأتراك، بل أيضاً لأنّ مشكلة الأقلّيّات غير العربيّة، خصوصاً الكرديّة، لا يحلّها نظام بعثيّ واستبداديّ.

فهل يمكن، في بيئة القتال ووسط آلامه، التوصّل إلى صيغة أرفع من هواجس الجانبين التركيّ والكرديّ، صيغةٍ تقول بمقاتلة الطرفين، الأسد و «داعش»، بحيث تجتمع في خندق واحد الدولة الأمّة الأقرب إلى هذه المواصفات في الشرق الأوسط، والأقلّيّة الأكثر اضطهاداً وسعياً إلى إنشاء نفسها في كيان سياسيّ؟ أم أنّ ذلك كلّه لا يعدو كونه أماني في شرق أوسط لا مكان للأماني فيه؟

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أتراك وأكراد حيال «داعش» أتراك وأكراد حيال «داعش»



GMT 20:03 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

دومينو نعمت شفيق

GMT 20:01 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

معايير عمل البلدية

GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 19:29 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 19:26 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 19:23 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 11:33 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

تنعم بحس الإدراك وسرعة البديهة

GMT 12:56 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 15:46 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

وفاة الممثل السوري غسان مكانسي عن عمر ناهز 74 عاماً

GMT 18:24 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مصطفى حمدي يضيف كوتة جديدة لمصر في الرماية في أولمبياد طوكيو

GMT 15:53 2024 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

بحث جديد يكشف العمر الافتراضي لبطارية "تسلا"

GMT 19:00 2023 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

لصوص يقتحمون منزل الفنان كيانو ريفز بغرض السرقة

GMT 13:02 2022 الثلاثاء ,07 حزيران / يونيو

توقيف مذيع مصري بعد حادثة خطف ضمن "الكاميرا الخفية"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon