لبنان الاستقرار عند اللحظة الجنبلاطيّة

لبنان: الاستقرار عند اللحظة الجنبلاطيّة

لبنان: الاستقرار عند اللحظة الجنبلاطيّة

 لبنان اليوم -

لبنان الاستقرار عند اللحظة الجنبلاطيّة

حازم صاغيّة

حسناً. تشكّلت أخيراً حكومة لبنانيّة سبق تشكيلَها عشرة أشهر من الانتظار والمكابدة والتوقّع. العناوين التي أملت خروجها إلى النور، على ما يقول لنا الشرّاح، ثلاثة: ضرورة إجراء انتخابات رئاسيّة في موعدها المقرّر، وضغوط إقليميّة ودوليّة حضّت على التشكيل، ومكافحة الإرهاب. لكنّ في جمهوري الفريقين الكبيرين، أي 8 و14 آذار، من لم يرق لهم هذا «النوم مع العدوّ» في سرير واحد. هؤلاء، في معظمهم، هم الذين صدّقوا ما صدر عن قادتهم من أقوال ومواقف في السنوات القليلة الماضية، ثمّ داهمهم واقع الحكومة الذي كذّب ما صدّقوه. لقد بدوا على شيء من البله فاحتجّوا على معاملتهم كبلهاء. ذاك أنّ حكومات «الائتلاف الكبير» التي عرفتها وتعرفها دول ديموقراطيّة غربيّة عريقة في ديموقراطيّتها لا تصحّ عندنا لسبب بسيط: فلا الاشتراكيّون الديموقراطيّون الألمان، مثلاً لا حصراً، يخوّنون شركاءهم المسيحيّين الديموقراطيّين، ولا الأخيرون يخوّنون الأوّلين. عندنا، وعلى ما أشار غير معلّق ومراقب، يختلف الأمر: فوفقاً لـ8 آذار، رُسم الوزير أشرف ريفي راعياً لمَحاور التكفيريّين في طرابلس، كما يُعدّ الوزير نهاد المشنوق، أقلّه بالنسبة إلى أحد نوّاب «حزب الله»، خائناً. أمّا الوزيرة أليس شبطيني فتُعتبر متواطئة مع عملاء إسرائيل سبق لها كقاضية أن عملت على إخلاء سبيلهم. وإذا كانت «الحقيقة» قضيّة 14 آذار الأولى، فإنّ المحكمة الدوليّة المولجة كشفها هي، في عرف 8 آذار، شيطان رجيم. ووفقاً لـ14 آذار، في المقابل، لا تبدو صورة 8 آذار أفضل حالاً من صورتها في عيني 8 آذار. ذاك أنّ «حزب الله»، العمود الفقريّ للأخيرة، أداة إيرانيّة قاتلة، معطّلة للدولة، مانعة لاحتكارها السلاح الشرعيّ، متطاولة على قراري الحرب والسلم، في جنوب البلد كما في شماله وبقاعه. والخطاب الأخير لحسن نصرالله آخر برهان على أنّ الحزب ماضٍ في معركته السوريّة، شاء من شاء وأبى من أبى. لا بل كانت واضحة في خطبة الأمين العامّ جرعة سخرية من «الشراكة» في الحكومة، قياساً بجدّيّة المشاركة في القتال في يبرود وسواها. يستقرّ لبنان كلّه، إذاً، عند لحظة من السلوك الجنبلاطيّ السينيكيّ. فما يعلنه الزعيم الدرزيّ يضمره الزعماء الآخرون، وما يسرع فيه يتباطأون فيه. ذاك أنّ وليد جنبلاط ليس فقط متحرّراً من «القضايا»، وهذا ما يتساوى فيه معهم، بل ساخر ومهزّئ لتلك القضايا، وهذا ما يتفوّق عليهم فيه. لا يقال هذا بوصفه هجاء آخر للطائفيّة أو تقزّزاً منها، بل لتعيين الممكن والمتاح في ظلّ هذه الطائفيّة التي ستبقى صلبةً وقويّةً حتّى إشعار بعيد آخر. وحين تُكشف الحدود الفعليّة لـ «لبنان الطائفيّ»، لا يبقى إلاّ بؤس الذين يصدّقون أنّ ثمّة قضايا، أسمّيت «مقاومة» أم سمّيت «سيادة». لقد جاءت الحكومة الأخيرة تعلن أنّ البلد استقرّ على لحظة جنبلاطيّة، أي استقرّ على قول الواقع كما هو الواقع. عسى الآخرون يصعدون إلى سويّة الصراحة هذه، فيقولون إنّهم يمثّلون طوائفهم فحسب، وإنّهم يستجيبون، من الموقع هذا، لما يريده الخارج، وإنّهم سوف يسعون، بصفتهم تلك، إلى تحسين شروط طوائفهم لبلوغ سلم أهليّ متواضع ومتحلّل من كذب القضايا.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان الاستقرار عند اللحظة الجنبلاطيّة لبنان الاستقرار عند اللحظة الجنبلاطيّة



GMT 20:03 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

دومينو نعمت شفيق

GMT 20:01 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

معايير عمل البلدية

GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 19:29 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 19:26 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 19:23 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 11:33 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

تنعم بحس الإدراك وسرعة البديهة

GMT 12:56 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 15:46 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

وفاة الممثل السوري غسان مكانسي عن عمر ناهز 74 عاماً

GMT 18:24 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مصطفى حمدي يضيف كوتة جديدة لمصر في الرماية في أولمبياد طوكيو

GMT 15:53 2024 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

بحث جديد يكشف العمر الافتراضي لبطارية "تسلا"

GMT 19:00 2023 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

لصوص يقتحمون منزل الفنان كيانو ريفز بغرض السرقة

GMT 13:02 2022 الثلاثاء ,07 حزيران / يونيو

توقيف مذيع مصري بعد حادثة خطف ضمن "الكاميرا الخفية"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon