15 أيّار في ضوء 7 أيّار المزدوج

15 أيّار في ضوء 7 أيّار المزدوج

15 أيّار في ضوء 7 أيّار المزدوج

 لبنان اليوم -

15 أيّار في ضوء 7 أيّار المزدوج

حازم صياغة

مع الاستعداد للذكرى السادسة والستين لقيام دولة إسرائيل في 15 أيّار (مايو) 1948، ارتفعت الأصوات في مدينتين عربيّتين تكسر المركزيّة الرمزيّة لـ «أيّار».
فأهل بيروت بات «أيّار» يعني لهم يوم 7 أيّار 2008، حين استولى مسلّحو «حزب الله» والأحزاب الدائرة في فلكه على مدينتهم. وبمرارة أكبر كثيراً، بات «أيّار» يعني لأهل حمص يوم نكبتهم في 7 أيّار، قبل أيّام، حيث استُكمل تطهير المدينة من أهلها لتُنصَب طللاً.
وسوى أيّار ومصادفة الوقوع فيه، هناك «حزب الله» قاسماً مشتركاً بين المناسبات الثلاث. فهو قاد اقتحام بيروت في 7 أيّار 2008، وشارك بفعاليّة في تدمير حمص في 7 أيّار 2014. ولأنّ علّة وجود الحزب المذكور مقاومة إسرائيل التي نشأت في 15 أيّار، فإنّ الفعلتين البيروتيّة والحمصيّة تندرجان، في أدبيّاته، في الردّ على ما فعلته إسرائيل.
هكذا، تكسر الأطراف التي تتعهّد «تحرير فلسطين» مركزيّةَ الرمزيّة الفلسطينيّة، فينشأ لكلّ واحد من الأطراف قُدسه ومسجده الأقصى، ومن كلّ صوب يطلع من يعلّق مفتاحاً في عنقه ويتعلّق بـ «عودة» ما إلى مكان أُقصي عنه بالقوّة.
والحال أنّ ما فعله «حزب الله» تتويج لمسار مديد سابق عليه من استخدام الموضوع الفلسطينيّ لإنزال الغلبة أو الإخضاع بجماعة ما أو بشعب ما. ففي 1970 و1975 خرجت من عباءة هذا الموضوع ومن مركزيّته الرمزيّة قطاعات عريضة من الأردنيّين واللبنانيّين، بعدما كانت القضيّة الكرديّة قد أخرجت أكرادها منهما. وعلى نطاق أوسع وأعرض، خرج العراقيّون بعد انتفاضتيهما الكرديّة والشيعيّة على سلطة صدّام حسين إثر تحرير الكويت من غزوه، فيما استكمل الخليجيّون خروجهم ردّاً على محاباة منظّمة التحرير الفلسطينيّة والموقف «القوميّ» عموماً لصدّام وغزوه. وقبل أن تنفجر القضيّة السوريّة انفجارها المدوّي في 2011، وتستقلّ بشعبها وهمومه، تولّى اغتيال رفيق الحريري واتّهام مقاومي إسرائيل بتنفيذه إخراج قطاعات لبنانيّة أخرى من الموضوع والرمز هذين.
ولم يكن بلا دلالة قيام استراتيجيّة النظام السوريّ على هذه المسألة تحديداً، أي على إبقاء مسائل الشعوب والجماعات معلّقة ومجمّدة لمصلحة الصراع مع إسرائيل وتمدّد رمزيّته إلى سائر مجالات الثقافة والمخيّلة. وهذا لا يعني أنّ النظام المذكور كان صادقاً في خوضه الصراع المذكور، إلّا أنّ المسألة هذه ليست مهمّة في آخر المطاف: فحتّى لو كان صادقاً لن يعفيه صدقه ممّا ارتكبه في كلّ مجال آخر، بما فيه هذا المجال ذاته، هذا فضلاً عن أنّ الأكلاف التي رتّبها كانت ستكون أكبر في ما لو كان صادقاً.
أهمّ من هذا، أنّ التصنيع الأسديّ للقضيّة الفلسطينيّة، والذي اعتنقه سائر «القوميّين» و «اليساريّين»، أحبّوا النظام السوريّ أم كرهوه، جعلها تشترط وحدة مستحيلة بين الجماعات والفئات والطبقات والأديان والطوائف والإثنيّات والبلدان. وهذا ما لا يتحقّق على أرض الواقع، خصوصاً أنّه واقع ينضح بتناقضات تستدعي الاستقرار والمعالجة الهادئة المديدة لرأبها. مع ذلك، فإنّ نظاماً استبداديّاً كنظام الأسدين هو وحده ما يفرض اصطناعيّاً مثل هذه الوحدة، عبر كبت الواقع وإضعاف قدرة الشعوب والجماعات، بمن فيها الفلسطينيّون، على تطوير مخيّلاتهم ورموزهم المجعولة أقرب إلى «خيانة قوميّة».
فالمطلوب ألّا يكتشف أيٌّ كان بلده، وإلّا كيف أمكن أن تصير حدود إيران هي حدود لبنان الجنوبيّة، كما قال الجنرال رحيم صفوي الذي يريد، هو الآخر، أن يردّ على نشأة إسرائيل في 15 أيّار؟!

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

15 أيّار في ضوء 7 أيّار المزدوج 15 أيّار في ضوء 7 أيّار المزدوج



GMT 03:22 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

ليست إبادة لكن ماذا؟

GMT 03:11 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

دستور الكويت ودستور تركيا... ومسألة التعديل

GMT 02:58 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

أبعد من الشغور الرئاسي!

GMT 02:51 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

ليس مبعوثاً واحداً وإنما ثلاثة

GMT 20:03 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

دومينو نعمت شفيق

GMT 20:01 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

معايير عمل البلدية

GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

سلمى أبو ضيف تطل كالعروس على السجادة الحمراء في "كان"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 11:27 2022 الثلاثاء ,14 حزيران / يونيو

تحضير بخاخ ماء الورد للعناية بالبشرة والشعر

GMT 17:31 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

غوغل تعرض أحدث نظارات الواقع المعزز

GMT 11:19 2022 الجمعة ,11 آذار/ مارس

إتيكيت استقبال الضيوف في المنزل

GMT 10:45 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

التصرف بطريقة عشوائية لن يكون سهلاً

GMT 21:10 2021 الثلاثاء ,14 أيلول / سبتمبر

طنجة عروس شمال المغرب افضل وجهات شهر العسل لصيف 2021
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon