هل يستعيد السنّة «قضيّة فلسطين»

هل يستعيد السنّة «قضيّة فلسطين»؟

هل يستعيد السنّة «قضيّة فلسطين»؟

 لبنان اليوم -

هل يستعيد السنّة «قضيّة فلسطين»

حازم صاغية

مع قيام الثورة الإيرانيّة، قبل ثلاث سنوات على الضربة القاتلة التي وُجّهت إلى المقاومة الفلسسطينيّة، وبعد تسع سنوات على رحيل جمال عبد الناصر مهزوماً، بدا كأنّ الشيعيّة السياسيّة شرعت تستولي على القضيّة الفلسطينيّة التي عاشت طويلاً بوصفها القضيّة السنّيّة الأولى.
لم تكن تسمية الأمور على هذا النحو تسميةً مقبولة في ظلّ الإيديولوجيّات الوطنيّة والقوميّة واليساريّة، أي الحداثيّة على أنواعها. لكنّ الواقع كان يشي بهذه الحقيقة على مستويات عدّة. فمقاومة «حزب الله» الشيعيّة صفّت المقاومات اللبنانيّة التي ترعرعت في كنف منظّمة التحرير الفلسطينيّة، فيما كانت سوريّة، مباشرةً في طرابلس ومداورةً عبر حركة «أمل» في المخيّمات، تستكمل الإجهاز على المقاومة الفلسطينيّة. وإذ استطاعت دمشق، الموصوف نظامها بالفئويّة العلويّة، أن تقود الخطّ الممانع، لا سيّما وهي الحاضرة والمتمكّنة في «الساحة اللبنانيّة»، ذهبت طهران خطوة أبعد. فهي، بعد إنشائها «حزب الله»، وعلى إيقاع «يوم القدس»، وضجيج «يا قدس عائدون»، وجدت في الحرب التي شنّها عليها صدّام حسين فرصتها لانتزاع القرار «القوميّ» من بغداد ذات السطوة السنّيّة آنذاك، واستطراداً من القاهرة التي كانت كامب ديفيد قد نفتها إلى خارج تلك «القوميّة» وقرارها.
الآن ثمّة عناصر تتغيّر. ولئن كان من الصعب الجزم بوجهتها النهائيّة، فليس من الصعب الجزم بحدوثها. فحركة «حماس» السنّيّة والإخوانيّة، القريبة من تركيّا وقطر، لا من إيران وسوريّة هذه المرّة، تعيد القضيّة الفلسطينيّة إلى دائرة الضوء عبر غزّة وحربها. أمّا النظام السوريّ فمشغول بهمّه، وهو أصلاً لم يخض معارك القضيّة الفلسطينيّة إلاّ مداورةً وعبر وسطاء. وبدوره فـ»حزب الله» مستغرق في حروب النظام المذكور، ماضٍ، منذ توقيع القرار الدوليّ 1701، في عزوفه عن مقاومةٍ يُفترض أنّها علّة وجوده. وثمّة تقديرات، قد تصحّ وقد لا تصحّ، بأنّ إيران ما بعد تسوية الملف النوويّ، في حال تسويته، ستعزل نفسها عن الموضوع الإسرائيليّ، وقد تعيد تدوير دورها فيه على نحو قليل التذكير بدعم المقاومة. وفي هذا المعنى، ستغدو دعوات كدعوة خامنئي الأخيرة إلى «نهاية الدولة الصهيونيّة» أشبه بتكبير الحجر لعدم استخدامه في الضرب.
وإذا صحّ أنّ «داعش»، النجم السنّيّ الصاعد، يمرحل ويؤخّر «قتال اليهود»، فإنّ خصمه نوري المالكي أبعد عن الموضوع الفلسطينيّ من حكّام باكستان وبنغلادش.
والأمر الآخر أنّ المصائر البائسة التي دُفعت إليها ثورات «الربيع العربيّ»، لا سيّما، في ما يعنينا هنا، الثورة السوريّة، قد تعزّز الوجهة هذه. فبعد الصواريخ التي انطلقت أخيراً من لبنان، قد يتراءى لفلسطينيّين كثيرين كانوا من مؤيّدي الثورة السوريّة أنّ طاقتهم يمكن أن تصبّ في المكان «الأصليّ»، وأنّ العائد قد يكون أكبر ممّا في مخيّم اليرموك.
والحال أنّ هذا الاسترداد السنّيّ للقضيّة الفلسطينيّة سيكون، في حال حصوله واكتماله، أوضح الأدلّة على الإحباط بالثورات العربيّة، وأقصر الطرق إلى العودة مجدّداً من حيث بدأنا ذات مرّة. لكنّ النكوص إلى ذاك الزمن سينطوي، في ظلّ «داعش»، على أكلاف أكبر كثيراً من أكلاف «الحركات الجماهيريّة» وعهدها. فإذا ما توسّع ضمّ العراق وسورية، ليشمل قضيّة فلسطين ويحضنها، فهذا إنّما يفضي إلى اعتصار الأردن ولبنان ودفع المشرق كلّه لأن يغدو هباء منثوراً.
بطبيعة الحال يمكن دائماً التسلّل إلى نواقص وغوامض هذا التقدير الاحتماليّ بهدف دحضه، خصوصاً أنّ مصر لا تزال في وارد آخر. لكنْ من الذي يضمن ألاّ تتراكم في وجه السيسي إخفاقات تجعله، على جاري العادة، مقاوماً لإسرائيل، خصوصاً أنّ المراكز السنّيّة اليوم مستعدّة لإزعاج أميركا المتّهمة بالتودّد لإيران؟
أمّا إدخال «حماس» حلبة السياسة، بعد حرب غزّة، فقد يتكفّل فرملة هذه الوجهة وربّما طيّ هذا الملفّ. لكنّ المؤكّد أنّ إسرائيل التي تفعل في غزّة ما تفعله لا تتمنّى لنا كلّ هذا الخير!

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل يستعيد السنّة «قضيّة فلسطين» هل يستعيد السنّة «قضيّة فلسطين»



GMT 03:22 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

ليست إبادة لكن ماذا؟

GMT 03:11 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

دستور الكويت ودستور تركيا... ومسألة التعديل

GMT 02:58 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

أبعد من الشغور الرئاسي!

GMT 02:51 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

ليس مبعوثاً واحداً وإنما ثلاثة

GMT 20:03 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

دومينو نعمت شفيق

GMT 20:01 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

معايير عمل البلدية

GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

سلمى أبو ضيف تطل كالعروس على السجادة الحمراء في "كان"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 11:27 2022 الثلاثاء ,14 حزيران / يونيو

تحضير بخاخ ماء الورد للعناية بالبشرة والشعر

GMT 17:31 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

غوغل تعرض أحدث نظارات الواقع المعزز

GMT 11:19 2022 الجمعة ,11 آذار/ مارس

إتيكيت استقبال الضيوف في المنزل

GMT 10:45 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

التصرف بطريقة عشوائية لن يكون سهلاً

GMT 21:10 2021 الثلاثاء ,14 أيلول / سبتمبر

طنجة عروس شمال المغرب افضل وجهات شهر العسل لصيف 2021
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon