عيون وآذان في سورية خاسران

عيون وآذان (في سورية خاسران)

عيون وآذان (في سورية خاسران)

 لبنان اليوم -

عيون وآذان في سورية خاسران

جهاد الخازن

إطاحة صدام حسين أو ألف ديكتاتور مثله لا تساوي دماء مليون عراقي، وسقوط النظام السوري أو المعارضة له، أو سقوط الاثنين معاً، لا يساوي تدمير حلب ثم دمشق فهما واسطة العقد في حضارة العالم. واليوم أقرأ ان النظام يدك حمص بالمدفعية. ماذا بقي من حمص ليدك؟ النظام مسؤول ولا جدال، وقناعتي مطلقة انه كان يستطيع تجنب القتل الفظيع التالي، والمعارضة بدأت سلمية وطنية، وتسلل اليها مقاتلون أجانب إرهابيون يفاخرون بأن يسجلوا جرائمهم على الفيديو وان يوزعوها بعد ذلك. (وأنا لم اقل أبداً، كما زعم قارئ، ان الجيش الحر ارتكب مجازر، وانما تحدثت بوضوح عن الارهابيين المستوردين). اليوم النسيج الاجتماعي السوري مزق أو كاد، والبنية التحتية للدولة دمرت، ومعها 2600 مدرسة، ومساجد وكنائس ومستشفيات. والسلاح الاستراتيجي الذي كان يفترض ان يستعمل ضد اسرائيل استعمل ضد المواطنين، وفقدت سورية دورها الاقليمي، واصبحت اليونيسيف تتحدث عن ضياع جيل كامل من أطفال سورية. هناك اصحاب اختصاص سوريون يكتبون الآن تقارير عن الخسائر في الحرب الاهلية، وعن سورية المستقبل. والفريق تحت اشراف الأخ عبدالله الدردري، كبير الاقتصاديين في اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (اسكوا). ما أقول شخصياً هو ان الحرب الجارية ستنتهي بخاسرَيْن، فسواء بقي النظام أو خلفته المعارضة سيجد «المنتصر» نفسه امام دمار شامل اصلاحه يحتاج الى عقود لتعود سورية الى ما كانت عليه سنة 2010، وهو وضع لم يكن عظيماً في جميع الاحوال. حفظت لنا الكتب القديمة قول الملك بايروس، أحد ملوك الاغريق، «نصر آخر من هذا النوع وتكون نهايتنا»، فقد انتصر في معركة كانت خسائر قواته فيها هائلة، فأصبح حذراً من نصر آخر باهظ النفقات. في سورية الطرفان يخسران، ولا أحد يفكر في اليوم التالي. عندي مصادر سورية أثق بها، بعضها نشط في صفوف المعارضة وبعضها مستقل، والكل يقول انه اذا لم يقدم العقلاء مصلحة البلد على فرديتهم فالنزاع سيطول والدمار والقتل سيزيدان اضعافاً. المعارضة تتلقى سلاحاً من دول خليجية، الا ان اوروبا لم تقدم شيئاً بعد رغم ان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ووزير خارجية بريطانيا وليام هيغ، يريدان رفع الحظر الاوروبي على تسليح المعارضة، وهذه بحاجة الى سلاح نوعي يواجه ما في ترسانة النظام وانصاره اذا كان لها ان تنتصر. في غضون ذلك تؤكد مصادري في المعارضة ان هناك الوف المقاتلين الايرانيين المسلحين والمدربين في سورية، وقال مصدر اثق به انه سمع من قادة في المعارضة ان الجيش اللبناني انسحب من مناطق الحدود مع سورية، وان مقاتلي «حزب الله» على جانبي الحدود. وسألته عن مدى ثقته بهذه المعلومات فأكد انه ينقلها اليّ كما سمعها من دون ان يملك دليلاً مستقلاً على صحتها. المصدر نفسه قال لي انه يسمع اخباراً خاصة من المعارضة يوماً بعد يوم، ويثبت احياناً صدق هذه الاخبار، الا انه يحدث ايضاً ان تظهر تطورات لاحقة ان ما سمع كذب او مبالغ فيه كثيراً. ما ليس عليه خلاف ابداً هو ان سورية تدمر وشعبها يذبح، ولا حل سريعاً في الافق. وتقديرات الاخ عبدالله الدردري وفريقه من الخبراء ان اعادة اعمار سورية ستحتاج الى 80 بليون دولار اقول انها حتماً غير متوافرة لأي نظام في دمشق. اخيراً، جريدتنا «الحياة» نشرت قبل يومين خريطة مفصلة وملونة في صفحتها الاولى تظهر المناطق التي لا يزال النظام يسيطر عليها بالكامل، والمناطق التي تحتلها المعارضة المسلحة منه والمناطق المتنازع عليها. الخريطة تظهر بوضوح ان المعارضة تسيطر على شمال البلاد، والنظام على معظم الجنوب، وهو ما تحدثت عنه في السادس من هذا الشهر في هذه الزاوية، وسألت نقلاً عن مصادر المعارضة: هل نحن أمام سودان جديد؟ كل ذرة في جسمي تقول لا، إلا انني أخشى ان أكون أقدم تمنياتي، أو آمالي، على الواقع. نقلا عن جريدة الحياة

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عيون وآذان في سورية خاسران عيون وآذان في سورية خاسران



GMT 20:03 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

دومينو نعمت شفيق

GMT 20:01 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

معايير عمل البلدية

GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 19:29 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 19:26 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 19:23 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:04 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:28 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

هالة سرحان سفيرة معرض أبوظبي الدولي للكتاب

GMT 00:49 2023 الخميس ,27 إبريل / نيسان

موديلات حقائب بأحجام كبيرة

GMT 21:55 2020 الأربعاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس الاتحاد التونسي للطائرة يعلن تأجيل نهائي الكأس

GMT 07:22 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

مرسيدس تكشف النقاب عن نسختها الجديدة GLC

GMT 20:09 2021 الإثنين ,26 تموز / يوليو

مهرجان الرقص في دورته الثانية في صور

GMT 17:08 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

ربيع سفياني يكشف أسباب تألقه مع التعاون
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon