عيون وآذانحقيقة سحب السفراء 1

عيون وآذان(حقيقة سحب السفراء -1)

عيون وآذان(حقيقة سحب السفراء -1)

 لبنان اليوم -

عيون وآذانحقيقة سحب السفراء 1

جهاد الخازن

أكتب من الذاكرة، أو أغوص في أعماقها، وأنا أسجل ما كنت أسمع طفلاً على حدود المراهقة من جدّي ورفاقه عن رحلات بلاد الشام عندما كان لا فرق بين سوري ولبناني وأردني وفلسطيني. أسجل ما سمعت وما راجعت أخيراً مع أصدقاء، ولا بد أن تكون هناك أخطاء، إلا أن الأساس صحيح عندما كان الرجال رجالاً والوطن للجميع. لا أقدم بطلاً على آخر وإنما أبدأ بالرئيس شكري القوتلي لأنه سبب هذا المقال، بعد أن كتبت أنه لم يملك ما يكفي من المال لبناء بيت في أرضٍ ورثها عن والدته في الغوطة وحكى قصتها الحاج بدر الدين الشلاح، رئيس غرفة تجارة دمشق، رحمه الله، في مذكراته وراجعتها معه. اتصل بي صديق بعد نشري الكلام السابق وقال إنه سمع والده، وكان من المناضلين، يقول إن شكري القوتلي اغتنى ثلاث مرات وأفلس ثلاث مرات، فهو ورث عن أبيه وعن أمه وعن أخيه، وأنفق كل ماله على ثورة 1925. هذه الثورة كان قائدها السياسي عبدالرحمن الشهبندر، وقائدها العسكري سلطان باشا الأطرش. والرئيس القوتلي عرض على سلطان باشا في 1946 بيتاً بعد الثورة فأخذه ولم يسكن فيه. وعرض الرئيس القوتلي على والد الصديق الفلسطيني بعد 1948 الجنسية السورية وسكناً وسفارة سورية في أي بلد عربي أو أجنبي يختاره، فقبِل الجنسية لأنها شرف، واعتذر عن السكن والوظيفة الديبلوماسية. في تلك الأيام كان من أركان الحزب الوطني القوتلي وجميل مردم بك وصبري العسلي، وكان الحزب يفضل علاقة تعاون بعد الاستقلال مع مصر والمملكة العربية السعودية. وكان ينافسه حزب الشعب ومن أركانه ناظم القدسي ورشدي الكيخيا وسامي كبارة، وكان يفضل التعاون مع الهاشميين بعد الاستقلال. في تلك الأيام لم يكن هناك فرق بين مسلم سنّي وشيعي وكان المسيحيون العرب في مقدم النشاط الوطني. كلنا يعرف أن أول رئيس وزراء لسورية بعد الاستقلال كان فارس الخوري من الكْفير في لبنان. ما أذكر من تلك الأيام أن عمّي فؤاد فضيل الخازن عاد من إنكلترا سنة 1945 بشهادة مهندس، وعُيِّن في السنة التالية رئيساً لدائرة الأشغال العامة في سورية قبل أن تصبح وزارة. وبعض الأصدقاء ذكّرني بأن توفيق حيدر، الشيعي اللبناني، عُيِّن قائم مقام جونيه، عاصمة الموارنة، وأن إبن عمه سعيد حيدر أصبح رئيساً لبرلمان سورية بعد الاستقلال. وكان لهما إبن عم أصبح وزير مالية العراق. ما هو الفرق الأساسي بين الزعماء السابقين ممَنْ أوردت أسماءهم في الفقرات السابقة وزعماء الزمن الرديء الذين ابتُليَ بهم جيلي وكل جيل لاحق؟ الزعماء السابقون عملوا للوطن، وليس لأي كسب شخصي، فلم يكسب أحد منهم مالاً بالحرام أو الحلال لأنه لم يكن مطلبه، وإنما أورثوا أبناءهم وبناتهم الصيت الحسن. وعشنا لنرى سياسيين فاسدين يسرقون اللقمة من فم طفل جائع ويبيعون الوطن والمواطن لمَنْ يشتري وبأرخص ثمن. عندما حكم الفرنسيون على عبدالرحمن الشهبندر بالإعدام هرَّبه والد صديقي إلى يافا وأسكنه مع زوجته وأولاده في بيته. وعندما طلب الفرنسيون عادل أرسلان (أعتقد أنه عمّ المير مجيد أرسلان) وتوفيق حيدر هربهما المناضل الفلسطيني إلى مصر، حيث استضافهما باشا ووقع توفيق حيدر في غرام بنت الباشا وتزوجها. الكل ساعد، والكل كان هدفه خدمة الوطن. ومرة أخرى لم يُثرِ أحد، ولم يبنِ أحد قصوراً وقلاعاً. ولن أهين ذكراهم العطرة بأي مقارنة، فأختتم مع حلول الذكرى الثالثة للأزمة السورية اليوم، بهذه الكلمات: «أيها الشعب الكريم: حقناً لدماء الشعب الذي أحبه، والجيش الذي أفتديه، والوطن العربي الذي أردت أن أخدمه بتجرد وإخلاص، أقدم استقالتي من رئاسة الجمهورية إلى الشعب السوري العزيز الذي انتخبني ومنحني ثقته الغالية، راجياً أن يكون في ذلك خدمة لبلادي، سائلاً الله أن يقيها كل مكروه وأن يحقق وحدتها ومِنعَتَها وأن يأخذ بيدها إلى قمة المجد والرِفعة». هكذا قدَّم الرئيس أديب الشيشكلي استقالته للشعب في كلمة في 25 شباط (فبراير) 1954 عندما شعر بأن هناك انقساماً في البلاد بسبب سياسته.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عيون وآذانحقيقة سحب السفراء 1 عيون وآذانحقيقة سحب السفراء 1



GMT 21:51 2024 الأحد ,26 أيار / مايو

لبنان المؤجَّل إلى «ما بعد بعد غزة»

GMT 20:10 2024 السبت ,25 أيار / مايو

مفكرة القرية: السند

GMT 20:02 2024 السبت ,25 أيار / مايو

الإصغاء إلى «رواة التاريخ»

GMT 19:58 2024 السبت ,25 أيار / مايو

القضية الفلسطينية في لحظة نوعية

GMT 19:56 2024 السبت ,25 أيار / مايو

الدولة الفلسطينية ودلالات الاعترافات

GMT 19:51 2024 السبت ,25 أيار / مايو

ذكريات العزبى!

GMT 19:49 2024 السبت ,25 أيار / مايو

حوارات إستراتيجية !

GMT 19:45 2024 السبت ,25 أيار / مايو

«شرق 12»... تعددت الحكايات والحقيقة واحدة!

إطلالات الملكة رانيا في المناسبات الوطنية تجمع بين الأناقة والتراث

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 08:00 2022 الأحد ,08 أيار / مايو

طرق ارتداء الأحذية المسطحة

GMT 07:11 2019 الأربعاء ,08 أيار / مايو

المسحل ينسحب من الترشح لرئاسة اتحاد القدم

GMT 07:22 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

مرسيدس تكشف النقاب عن نسختها الجديدة GLC

GMT 11:13 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4.2 درجة يضرب بحر إيجة جنوب غربي تركيا

GMT 10:32 2021 الأربعاء ,11 آب / أغسطس

جرعة أمل من مهرجانات بعلبك “SHINE ON LEBANON”

GMT 12:25 2022 الإثنين ,04 تموز / يوليو

أفضل العطور للنساء في صيف 2022

GMT 12:53 2021 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

67 كتاباً جديداً ضمن "المشروع الوطني للترجمة" في سورية

GMT 12:13 2024 السبت ,25 أيار / مايو

نانسي عجرم بإطلالات شبابية مرحة وحيوية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon