عيون وآذان أوكرانيا بين شرق وغرب

عيون وآذان (أوكرانيا بين شرق وغرب)

عيون وآذان (أوكرانيا بين شرق وغرب)

 لبنان اليوم -

عيون وآذان أوكرانيا بين شرق وغرب

جهاد الخازن

ربما كنا نشهد في أوكرانيا آخر فصول الحرب الباردة، وفي حين أن الصراع ليس بين المعسكرَيْن الاشتراكي والرأسمالي، فانه يبقى بين شرق وغرب، حتى أن هذه القسمة موجودة داخل أوكرانيا نفسها، فشرق البلاد يتطلع شرقاً، وغربها يفضِّل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بعده. الرئيس فكتور يانوكوفيتش غامر، أو قامَر، وخسر فالأزمة التي انتهت بتركه العاصمة بدأت في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي عندما قدَّم الاتحاد الأوروبي عرض شراكة وتجارة رفضه الرئيس واختار الاعتماد على المساعدة الروسية. ربما رأى يانوكوفيتش أن العرض الأوروبي، على المدى القصير، سيؤدي إلى ارتفاع البطالة مع تضمنه شرط إغلاق الشركات والمصانع الخاسرة، وهو كان يستعد ليرشح نفسه لولاية ثانية في 2015، والبطالة ستؤثر سلباً في شعبيته. النتيجة يعرفها القارئ فقوات الأمن استهلكت واستنفدت، وتخلت عن وسط العاصمة كييف للثوار من الشعب، وعقد اتفاق بين الطرفين نصَّ على العودة إلى دستور 2004 الذي يقلص من سلطات الرئيس ويوجد توازناً أفضل بين الرئيس والحكومة والبرلمان، وعلى إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في أيار (مايو) المقبل بدل الانتظار سنة أخرى. المعارضة ليست أفضل من يانوكوفيتش فهي لم تكد تسيطر على كييف حتى خرجت على الاتفاق وعزلت الرئيس الذي انتقل إلى شرق البلاد ويصر على أنه يبقى الرئيس المُنتَخَب شرعياً. روسيا عندها أوراق كثيرة تستطيع استعمالها في أوكرانيا ووزير خارجيتها سيرغي لافروف اتصل بوزراء الاتحاد الأوروبي الذين عقدوا الاتفاق محتجاً، وقال إن المعارضة الأوكرانية مثل المتطرفين الإرهابيين في كل مكان، ووعد، أو أوعد، بأن بلاده لن تسكت. وفي حين حذر الغرب روسيا من التدخل العسكري في أوكرانيا، فإنني لا أجد هذا الاحتمال قائماً، وإنما لروسيا أسلحة كثيرة تستعملها. هناك غالبية من الأوكرانيين من أصل روسي في شبه جزيرة القرم حيث جرت تظاهرات تؤيد روسيا ويانوكوفيتش، وفي جنوب أوسيتا وأيضاً مولدوفا. وهناك حديث علني الآن عن انفصال إقليم شبه جزيرة القرم. يانوكوفيتش لم يستخدم القوات المسلحة في المواجهة مع المعارضة لأنه على ما يبدو لم يكن يثق بولاء الجيش وخشي أن ينضم بعض أفراده ووحداته إلى المعارضة. أو هو خشي حرباً أهلية يطلقها التدخل العسكري. غير أن الوضع الآن ينذر بحرب أهلية إذا لم ينفذ الاتفاق الذي رعاه وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي كما هو، وليـــس كما انتهكت المعارضة بنوده، فشــعب أوكرانيا منقسم على نفسه، وبذور الحرب الأهلية موجودة في تكوينه، وشرق البلاد مع تأييد روسيا لن يقبل هزيمة أمام غربها. ربما استطاع الرئيسان باراك أوباما وفلاديمير بوتين الوصول إلى تفاهم ينتهي بلا غالب أو مغلوب. وكان الرئيس أوباما ألغى الصيف الماضي اجتماعاً مع الرئيس بوتين وذلك للمرة الأولى في السنوات الخمسين الأخيرة من العلاقات بين البلدين. غير أنه هذه المرة اتصل بالرئيس الروسي في نهاية الأسبوع ودامت المحادثة بينهما ساعة ركزت على أوكرانيا ثم تجاوزتها إلى قضايا أخرى، وقال مسؤولون أميركيون إن الحديث كان إيجابياً. العلاقات بين أميركا وروسيا ليست طيبة هذه الأيام فقبل أوكرانيا كانت هناك خلافات على سورية وإيران، وعلى إعطاء ادوارد سنودن لجوءاً في روسيا بعد أن سرَّب أسرار وكالة الأمن القومي. بل إن البلدين غير متفقين على الخطوة التالية في برنامج نزع التسلح النووي. الرئيس بوتين قادر على التصرف بحرية، فعنده برلمان طيِّع، أما الرئيس أوباما فمقيَّد مع وجود جمهوريين متطرفين في مجلسي الكونغرس على استعداد لتخريب اقتصاد البلاد، بل برامج الرعاية الصحية والاجتماعية، لمنع باراك أوباما من النجاح رئيساً. في مثل هذا الوضع لا أطلب لأهل أوكرانيا أكثر من تجنب حرب أهلية لينجوا من مصير شعبنا في سورية.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عيون وآذان أوكرانيا بين شرق وغرب عيون وآذان أوكرانيا بين شرق وغرب



GMT 21:51 2024 الأحد ,26 أيار / مايو

لبنان المؤجَّل إلى «ما بعد بعد غزة»

GMT 20:10 2024 السبت ,25 أيار / مايو

مفكرة القرية: السند

GMT 20:02 2024 السبت ,25 أيار / مايو

الإصغاء إلى «رواة التاريخ»

GMT 19:58 2024 السبت ,25 أيار / مايو

القضية الفلسطينية في لحظة نوعية

GMT 19:56 2024 السبت ,25 أيار / مايو

الدولة الفلسطينية ودلالات الاعترافات

GMT 19:51 2024 السبت ,25 أيار / مايو

ذكريات العزبى!

GMT 19:49 2024 السبت ,25 أيار / مايو

حوارات إستراتيجية !

GMT 19:45 2024 السبت ,25 أيار / مايو

«شرق 12»... تعددت الحكايات والحقيقة واحدة!

إطلالات الملكة رانيا في المناسبات الوطنية تجمع بين الأناقة والتراث

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 08:00 2022 الأحد ,08 أيار / مايو

طرق ارتداء الأحذية المسطحة

GMT 07:11 2019 الأربعاء ,08 أيار / مايو

المسحل ينسحب من الترشح لرئاسة اتحاد القدم

GMT 07:22 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

مرسيدس تكشف النقاب عن نسختها الجديدة GLC

GMT 11:13 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4.2 درجة يضرب بحر إيجة جنوب غربي تركيا

GMT 10:32 2021 الأربعاء ,11 آب / أغسطس

جرعة أمل من مهرجانات بعلبك “SHINE ON LEBANON”

GMT 12:25 2022 الإثنين ,04 تموز / يوليو

أفضل العطور للنساء في صيف 2022

GMT 12:53 2021 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

67 كتاباً جديداً ضمن "المشروع الوطني للترجمة" في سورية

GMT 12:13 2024 السبت ,25 أيار / مايو

نانسي عجرم بإطلالات شبابية مرحة وحيوية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon