عيون وآذان الشارقة والكتاب

عيون وآذان (الشارقة والكتاب)

عيون وآذان (الشارقة والكتاب)

 لبنان اليوم -

عيون وآذان الشارقة والكتاب

جهاد الخازن

مرة أخرى أحضر معرض الشارقة الدولي للكتاب. هو في سنته الثانية والثلاثين، وأنا في سنتي الخامسة معه، والمعرض يعكس خبرة السنين ففيه كل ما يطلب القارئ، أو ما يخطر ببال وبعض ما لا يخطر ببال، مع جلسات عدة تحدث فيها ناشرون ومؤلفون. المعرض كبير حجماً وقدراً ففيه حوالى ألف دار نشر موزعة على ست صالات أو أكثر كل منها بحجم معرض في بلد آخر، وبعض الكتب المتوافرة للباحث المختص، ما لا يمكن أن يثير إهتمام «درويش» مثلي، وكل قاعة تبدأ بشابات على الجانبين لمساعدة الزوار وإرشادهم الى ما يريدون. دخلت من الباب الرئيسي ووجدت الى اليسار زاوية أكثر الكتب مبيعاً، وهي بحسب تجربتي في لندن كتب الطبخ، فتجاوزتها لأجد جناحاً كاملاً لكتب هندية، بالانكليزية ولغة الهند أو لغاتها. وبما أن معرفتي بـ «الأردو» مضعضعة فقد إنتقلت الى اليمين. وجدت زاوية كتب فوقها: المديرية العامة لمعارض الكتب الدولية/روسيا. ومعرفتي بالروسية تقتصر على كلمتين أو ثلاث سمعتها من جدي الذي درس في روسيا، في بعثة ضمّت ميخائيل نعيمة. إنتقلت الى جناح آخر ووجدت نفسي أمام دور نشر خليجية ومصرية ولبنانية وغيرها إختصاصها القانون. وأقسمت أنني «ما عملتش حاجة»، وأنا أحاول الخروج الى جناح آخر، إلا أن كتاباً لفت نظري فقد كان عنوانه: جمهورية مصر العربية. مجموعة الربع قرن الثانية. القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض في المواد الجنائية. تجربتي مع المحاكم لم تصل الى الجنايات، وإنما توقفت عند قضايا القدح والذم، فالصحافي يذم الحكومة وهي تقدح «عياله.» غير أن عنوان الكتاب أعادني الى دراستي الأدب واللغة، فالعبارة «الربع قرن الثانية» ركيكة وخطأ. وصحيحها «ربع القرن الثاني» وأفضل منه للدقة القانونية «الربع الثاني للقرن». إنتقلت الى زاوية أخرى ووجدت أنها لكتب الأطفال، وبما أنني كبرت وتجاوزت سن المراهقة الى بدايات الشباب، فقد إخترت ألا أتوقف فيها. كانت هناك دور نشر دينية كثيرة، وحتى دور النشر الأدبية أو العلمية ضمّت أحياناً كتباً دينية، وأعتقد أن من المستحيل أن يكون هناك موضوع له علاقة بالاسلام والمسلمين إلا ويجد الراغب كتباً عدة عنه في معرض الشارقة. كنت السنة الماضية إشتريت «السيرة الحلبية» وهي في ثلاثة أجزاء أضعتها قبل أن أخرج من المعرض. ولم أجد السيرة في معرض بيروت، وبحثت عنها مجتهداً هذه السنة في الشارقة ووجدتها عند دار نشر لبنانية. هذه السيرة ليست أهم السير إلا أنها تجمع مادة كثيرة من السير الأخرى، وتوفر على الباحث عناء طلب ما يريد في بضعة عشر مجلداً. صباح يوم الافتتاح كانت هناك زوايا في المعرض لم تملأ بعد بالكتب، ونظرت الى زاوية من هذا النوع وأنا أفكر أن غالبية العرب يفضلونها على زاوية ملأى كتباً، فنحن أمة لا تقرأ، والكتب التي تنشر سنوياً في اليونان وسكانها 11 مليون نسمة، أو اسبانيا وسكانها 47 مليون نسمة، تفوق ما يُنشر في 22 دولة عربية لثلاثمئة مليون مواطن. في اليوم التالي لافتتاح المعرض رأيت الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حاكم الشارقة، وشكرته على خطاب الافتتاح وتحذيره من الفكر الظلامي، وعلى جهده في رعاية المعرض، وتبادلنا حديثاً قصيراً تركته بعده وأنا أفكر أنه لو لم يولد الشيخ سلطان في بيت حكم لكان أستاذاً جامعياً، بما يعكس دراسته الاكاديمية العالية. وهذا يذكّرني بالأمير سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد السعودي، فرأيي فيه منذ عقود أنه لو لم يولد في بيت حكم لكان صاحب دار نشر، وربما رئيس تحرير جريدة ومالكها. زيارتي الشارقة، وقبلها البحرين، مع يوم بين أبو ظبي ودبي، تركتني أفكر في جانب إيجابي للوضع العربي ننساه أحياناً أو نتجاوزه وسط نكد الربيع العربي المزعوم... دول الخليج تقدمت سنوات ضوئية في جيل واحد أو جيليْن. ولن أقول إنها خرجت من القرون الوسطى، وإنما أقول إنها نفضت عنها غبار القرن التاسع عشر، وحققت قفزات مهمة في مجال التعليم ومواكبة العصر. كنت أرى حولي شابات وشباناً يساعدون زوار المعرض، وأفكر هل يعرف هؤلاء أن بلادهم كانت بيتاً من طين أو «سبخة ملح» حتى سبعينات القرن الماضي. معرض الكتاب في الشارقة وكل بلد عربي يعطي الأمل بمستقبل أفضل لنا جميعاً.    

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عيون وآذان الشارقة والكتاب عيون وآذان الشارقة والكتاب



GMT 03:22 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

ليست إبادة لكن ماذا؟

GMT 03:11 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

دستور الكويت ودستور تركيا... ومسألة التعديل

GMT 02:58 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

أبعد من الشغور الرئاسي!

GMT 02:51 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

ليس مبعوثاً واحداً وإنما ثلاثة

GMT 20:03 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

دومينو نعمت شفيق

GMT 20:01 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

معايير عمل البلدية

GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

سلمى أبو ضيف تطل كالعروس على السجادة الحمراء في "كان"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 11:27 2022 الثلاثاء ,14 حزيران / يونيو

تحضير بخاخ ماء الورد للعناية بالبشرة والشعر

GMT 17:31 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

غوغل تعرض أحدث نظارات الواقع المعزز

GMT 11:19 2022 الجمعة ,11 آذار/ مارس

إتيكيت استقبال الضيوف في المنزل

GMT 10:45 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

التصرف بطريقة عشوائية لن يكون سهلاً

GMT 21:10 2021 الثلاثاء ,14 أيلول / سبتمبر

طنجة عروس شمال المغرب افضل وجهات شهر العسل لصيف 2021
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon