معاني خطاب أوباما لخامنئي

معاني خطاب أوباما لخامنئي

معاني خطاب أوباما لخامنئي

 لبنان اليوم -

معاني خطاب أوباما لخامنئي

مأمون فندي

 الخطاب السري الذي أرسله الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية، والذي لم يعد سريا، يحمل دلالات كبرى، ولو وضع في سياق الخلفية الفكرية للرئيس الأميركي التي تجلت في مقابلته مع توماس فريدمان منذ شهرين تقريبا، لأخذ الحوار الأميركي أبعادا أخرى خطيرة بالنسبة لنا كعرب. هل غياب العرب عن مفاوضات الغرب مع إيران حول النووي الإيراني، وبعدهم عن الصفقة، يعني أنهم «هم الصفقة»؟ أم أن لخطاب أوباما معاني أخرى يعرفها الدبلوماسيون العرب، ولا يعرفها المهتمون بالعلاقات الدولية؟

بداية وحتى لا تبهرنا اللحظة أو الصدمة، التواصل والعلاقات السرية بين أميركا وإيران ومعهما إسرائيل ليست بالشيء الجديد الذي يجب أن يفاجئنا، والأرشيف الأميركي فيه الكثير، آخرها ما هو موجود في مكتبة الرئيس الأسبق بيل كلينتون في ولاية أركنساس، والذي يكشف التواصل الإيراني مع إدارته أيامها والعروض الإيرانية التي قدمت سراً لأميركا، بما فيها الاعتراف بإسرائيل ضمن صفقة إقليمية كبرى. يتصور البعض أن العلاقات السرية التي ظهرت بشكل فج إلى العلن في فضيحة إيران كونترا في الثمانينات من القرن الماضي، كانت مجرد حدث عابر فريد من نوعه ولا يتكرر، ولكن هناك كتبا أكاديمية سجلت تلك العلاقات السرية، فسياسة طهران الخارجية لا تقرأ من خلال التراشق الإعلامي بين طهران وواشنطن، بل تقرأ من خلال التنسيق والتعاون الكامل في الملف العراقي بعد عام 2003، وكذلك التنسيق بين الدولتين في أفغانستان بعد أحداث 2001.

والناظر إلى نتائج كل هذه الأحداث من أفغانستان إلى إزاحة صدام في العراق يجد أنها جميعا تصب في تعاظم الدور الإيراني وتمدده الاستراتيجي في المجال الحيوي العربي.

ليس جديدا. التواصل السري بين أميركا وإيران ومعهم إسرائيل قديم، ريغان، وكلينتون، وبوش الابن والتنسيق في العراق وأفغانستان.

في حديثه مع توماس فريدمان أشار أوباما إلى ما يمكن تسميته بنهاية عالم ما بعد الحرب العالمية الأولى في الشرق الأوسط، وهذه شفرة تعني إعادة ترسيم حدود وإعادة توزيع مناطق النفوذ، وفي هذا يفهم مقايضة النووي الإيراني بزيادة نفوذ إيران في المنطقة، وإلا السؤال هو تخلص إيران من النووي ونقله إلى روسيا مقابل ماذا؟ مقابل رفع الحصار أم مقابل علاقات ودية مع واشنطن؟

موضوع نقل النووي الإيراني إلى روسيا لا يختلف كثيرا عن نقل الكيماوي السوري إلى روسيا، مقابل استمرار النظام أو منحه فسحة للقضاء على خصومه. وفي هذا تتضح ملامح تقاسم نفوذ أوسع بين روسيا وواشنطن في سياق ما سماه أوباما نهاية عالم ما بعد الحرب العالمية الأولى.

هناك نوع من الفراغ الاستراتيجي في المنطقة العربية يغري إما بالنفوذ المباشر أو النفوذ بالوكالة أو استخدام ملء هذا الفراغ من قبل دول إقليمية غير عربية ومعادية للمصالح العربية، وهي بالترتيب إسرائيل وإيران وتركيا، استخدام نفوذهم كجائزة استراتيجية أو جزء من صفقة. والدارس للثقافة السائدة في المجتمعات الثلاثة آنفة الذكر (إسرائيل وإيران وتركيا) يجد بينهم مشتركا ثقافيا وآيديولوجيا، وهي نظرة الدول الثلاث الدونية تجاه الجوار العربي. أي كل من الشعوب الثلاثة يرى نفسه متفوقا عرقيا وثقافيا وأخلاقيا كما يقولون على العرب. إذن نحن أيضا مع عامل عنصري إضافي يحيط العلاقات الإسرائيلية الإيرانية، والتي تجلت بوضوح في الثمانيات في حرب إيران ضد العراق والتي ساندت فيها إسرائيل إيران. نعم نسمع اليوم جعجعة من بنيامين نتنياهو حول إيران، ولكنها جعجعة من أجل تحسين موقف تفاوضي، لا جعجعة عداء.

النووي الإيراني حسب معظم التقارير الجادة التي زارت إيران ليس بالصورة المتقدمة التي تعرضها طهران، وإن عدد محركات الطرد المركزي التي تعمل بالفعل في تناغم مع الأخرى غير قادرة على إنتاج يورانيوم مخصب أو «هيكسافلوريد» بالدرجة التي تسمح بإنتاج قنابل فاعلة، اللهم في إطار ما يمكن تسميته «القنابل القذرة»، ولكن إيران مثل الإسرائيليين تحاول تحسين موقفها التفاوضي على النفوذ في الإقليم بالمبالغة في قدراتها.

باختصار، موقف أوباما في سوريا وفي النووي الإيراني فيه رسالة انحياز إقليمي خطيرة ضد المصلحة الاستراتيجية العربية.

غياب العرب من وجودهم على الطاولة في مفاوضات الملف النووي الإيراني في مفاوضات جنيف، جعل العرب يحلون محل النووي الإيراني، ويصبحون هم الصفقة التي على طاولة المفاوضات، وجهل النفوذ في بلاد العرب هو المقابل للنووي الإيراني بمعنى إطلاق يد إيران في الإقليم مقابل التخلي عن القنبلة المزعومة.

في هذا السياق، هل هناك من خيارات متاحة الآن أمام العرب لكي يصبحوا على طاولة المفاوضات كأطراف لاعبة، بدلا من أن يكونوا فوق الطاولة كصفقة؟

لن أراجع الممارسات الدبلوماسية العربية التي أوصلتنا إلى هنا، وخصوصا من قبل الدول غير المؤهلة والنزقة، والنطنطة ما بين طهران والدول الغربية، الذي أوصلنا إلى هنا. ولن أدعي بأن الوساطة العمانية بين الغرب وإيران كانت سيئة، ولكن وجودها بشكلها الفردي، يجعلها غير قابلة للتطور لحماية المصالح العربية في أي اتفاق محتمل، ومع ذلك لا بأس من محاولة البناء على الموقف العماني لتجنب كارثة آثارها بعيدة المدى.

خطاب أوباما للمرشد الأعلى يجب أن يأخذ من قبلنا بمنتهى الجدية، فهو مؤشر على نهاية حقبة وبداية أخرى، ويجب على صانعي السياسة في العالم العربي ألا يتوقفوا عن ورش عمل العصف الذهني، لفهم تبعات هذا الخطاب على بناء تصور جديد للأمن الإقليمي، يجب أن يكون العرب طرفا أساسيا فيه.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معاني خطاب أوباما لخامنئي معاني خطاب أوباما لخامنئي



GMT 20:03 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

دومينو نعمت شفيق

GMT 20:01 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

معايير عمل البلدية

GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 19:29 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 19:26 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 19:23 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 18:24 2023 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

وفاة الممثل التلفزيوني جاك أكسلرود عن عمر ناهز 93 عاماً

GMT 17:28 2023 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

نشرات "لينكد إن" الإخبارية بين الترويج وتخطي الخوارزميات

GMT 10:51 2020 الأحد ,26 إبريل / نيسان

انضمام هند جاد لـ "راديو9090" خلال شهر رمضان

GMT 05:12 2022 الإثنين ,13 حزيران / يونيو

أفضل العطور الجذابة المناسبة للبحر

GMT 18:26 2021 الأربعاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

الحكم بسجن لوكاس هيرنانديز 6 أشهر بسبب "ضرب" زوجته

GMT 10:48 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

أفضل خمسة مطاعم كيتو دايت في الرياض
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon