الملك عبد الله القيادة من الأمام

الملك عبد الله.. القيادة من الأمام

الملك عبد الله.. القيادة من الأمام

 لبنان اليوم -

الملك عبد الله القيادة من الأمام

مأمون فندي

أخطر الأمراض السياسية في مجتمعاتنا العربية والتي تشبه السرطان الذي يؤدي إلى انهيار الجسد السياسي العربي هي أن القائد لا يقود، القائد عندنا بالعامية المصرية «ودني»، ترتعش يداه على عجلة القيادة، يحركه برنامج تلفزيوني او خطبة جمعة، لتجد يديه مرتعشتين في توقيع مرسوم أو قرار، وعلى الرغم من أنه يعرف الطريق إلى الامام إلا أنه يدور في مكانه فيدوخ ويقع. وأدعي أن السبب الرئيس لفشل معظم من سقطوا في العالم العربي انهم لم يكونوا قادة بل كانوا مقودين يديرون دفة الحكم بيد مرتعشة، يقرر لهم ولا يقررون، قبلوا بأن يكونوا تابعين من اجل الحفاظ على كرسي الحكم، لذلك سقطوا. القائد هو ذلك الرجل الجريء الذي يتحمل مخاطرة القيادة ليأخذ مجتمعه خطوة إلى الأمام للحاق بالعصر غير مبال بالتكلفة السياسية لقراراته، وحبذا لو كانت القرارات مدروسة وممهدا لها، وللقائد شرعية وقبول تجعل قراراته لها من التأييد الاجتماعي ما يمنحها زخما للحركة الى الإمام، محافظا على الاستقرار في ذات الوقت. قرار الملك عبد الله بن عبد العزيز بتمثيل المرأة بنسبة 20 في المائة في مجلس الشورى السعودي هو قرار تاريخي وعلامة فارقة في تطوير نظام الحكم السعودي، وبينما يقرر الملك السعودي نسبة العشرين في المائة نجد في ما يسمى بدول الربيع العربي معارك ساخنة، حيث يرفض البعض فكرة التمييز الإيجابي للمرأة في البرلمان وسيقت عشرات الأسباب الرجعية لعدم دعم تمكين المرأة في البرلمان والعمل السياسي وكلها أسباب واهية. الفارق بين السعودية والبقية في حالة تمكين المرأة هو ان في السعودية قائدا يقود وفي تلك الدول أيادي مرتعشة.. في السعودية رغبة وإرادة وفعل للنظر الى الإمام والأخذ بيد المرأة الى الأمام وفي دول الثورات رجوع الى الخلف ونظرة تريد تحويل المرأة من شريك الى عورة. وهذا على ما يبدو الفرق بين التحول التدريجي في المجتمعات نحو التقدم، في الحالة السعودية ودول الثورات التي ركبتها تيارات التخلف والتطرف. تكمن أهمية قرار الملك عبد الله بن عبد العزيز في جرأة القرار في التمثيل الإيجابي للمرأة في مجلس الشوري السعودي، فبينما وصلت نسبة النساء في مجلس النواب الأميركي في الدورتين الماضيتين أعلاها وهي 17 في المائة في الدورة السابقة و18 في المائة في الدورة الحالية ووصلت فقط هذه السنة نسبة الى 20 في المائة في الدورة الحالية في مجلس الشيوخ، نجد ان الملك وفي ضربة واحدة أخذ بيد المرأة السعودية من حيث التمثيل الى المعايير العالمية وجنبهن الكثير من المعارك السياسية التي تعصف بالاستقرار في دول الجوار. التمكين الإيجابي الذي قام به الملك عبد الله تاريخي ولا شك في ذلك، إذا ما قورنت نسبة المرأة في الشورى بما يحدث في دول الثورات التي تراجعت فيها حقوق المرأة بشكل ملحوظ. والفارق هو ان القائد هنا يقود، والقائد هناك «ودني» ومتردد في قراراته وتابع. أتيحت لي فرصة لقاء الملك عبد الله بن عبد العزيز ثلاث مرات في مقابلات صحافية زادت مدة المقابلة الواحدة عن الساعة ومنها واحدة وصلت الى ساعتين، ومن يقترب من الملك عبد الله ويستمع إليه ويراقب لغة الجسد يدرك انه أمام قائد حقيقي يعرف انه يحظى بشعبية بين أبناء المجتمع الذي يقوده، لذا يتخذ قرارات لم تكن ممكنة لغيره، فهو الرجل الذي مكن المرأة من حق الانتخاب في المجالس البلدية السعودية وهو الذي مكن المرأة من العمل في المجال العام من تجارة وخلافه، وهو كذلك الذي مكن المرأة في وجودها الى جوار الرجل في ذلك الصرح العلمي المعروف بجامعة الملك عبد الله للتكنولوجيا، وهو الذي ارسل الآلاف من بنات المملكة الى البعثات التعليمية في الخارج. كل هذا تم لأن الملك كسب تأييد التيار الوسطي الأعم في مجتمعه لمشروعه الإصلاحي. التأييد الشعبي الذي يتمتع به الملك عبد الله هو ما مكنه من انجاز مشروعات الإصلاح. كلمة الإصلاح في السعودية اكتسبت معنى حقيقيا على عكس ما حدث في دول الجوار الثورية التي أصبحت فيها كلمة الإصلاح من الكلمات سيئة السمعة. في مقابلتي الأخيرة مع الملك والتي نشرتها «الشرق الاوسط» سألت الملك عن «ماذا يعني المواطن السعودي بالنسبة له»، قال «ومن نكون من غير المواطن السعودي؟».. لغة ونبرة وحركة لليد لا تخطئها العين في ان هذا الرجل يحترم مواطنيه. وسألته يومها عن المرأة السعودية ولم يكن لديه تردد في القول إنه «لو امد الله في عمري لعملت كل ما في وسعي لانصافها..». ورغم ان جزءا من المقابلة كان ليس للنشر وجزءا منها للنشر، كيف يستطيع هذا الرجل ان ينصف المرأة في مجتمع عاداته وتقاليده في بعض المناطق تقف ضد هذا الإنصاف، ولكن القرارات بإدخال المراة في المجال العام جاءت تدريجية ومهد لها الملك التمهيد الاجتماعي والشرعي اللازم في مجتمع محافظ ومرت تلك القرارات دونما ان تهتز المركب. لافت للنظر في السيدات المختارات في مجلس الشوري أنهن وبنسبة كبيرة جداً تصل الى 80 في المائة من حاملي درجات الدكتوراه وممن لهن خبرات دولية. ظني ان هاته النساء سيغيرن وجهة نظر العالم عن المرأة السعودية وأول ما سيتغير ليست صورة المملكة في الغرب بل صورتها في دول الجوار وخصوصا من يظنون أنهم أكثر باعا في الحضارة. المرأة السعودية تقدمت كثيرا وأتيحت لها فرص تعلم لم تتح لغيرها في دول الجوار، لذا سيذهل الجوار بهؤلاء السيدات ومدى عملهن. الملك عبد الله ونتيجة لشرعية كبيرة يتمع بها استطاع ان يطرح مبادرات دولية لا ترضى عنها قوى التطرف في المنطقة من حوار داخلي بين مكونات المجتمع السعودي الى حوار أتباع الأديان الى قضية المرأة وكلها قضايا كانت تبدو خلافية في المجتمع السعودي، ولكن زخم الشرعية وجرأة القيادة جعلت ما كان صعبا في السابق يبدو سهل المنال اليوم ولو اتخذ هذا القرار من قبل لكان مفاجأة كبرى للعالم ولكن لأن الرجل عودنا على القدرة على القيادة لذا لم يفاجأ العالم بهذا القرار التاريخي الذي اعطى المرأة السعودية 20 في المائة من مجلس الشورى. القيادة هي ان تقود مجتمعك الى الامام فتكسب انت ويكسب المجتمع، ولا تقوده من الخلف الى التخلف فتخسر انت ويخسر المجتمع، وأمثلة دول الجوار واضحة للعيان. القرار السعودي الجريء سيجعل المرأة في المنطقة العربية تقارن بين نتائج الثورة (Revolution) ونتائج التطور الطبيعي (Evolution) فيما يخص حقوق المرأة وتمكينها من المجال العام. وما الفرق بين القائد عندما يقود من الامام والقائد الذي يقود من الخلف والى الخلف. نقلا عن جريدة الشرق الاوسط

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الملك عبد الله القيادة من الأمام الملك عبد الله القيادة من الأمام



GMT 20:03 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

دومينو نعمت شفيق

GMT 20:01 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

معايير عمل البلدية

GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 19:29 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 19:26 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 19:23 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 11:09 2020 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 10:12 2020 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 13:32 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيدة

GMT 17:30 2023 الإثنين ,10 إبريل / نيسان

أخطاء مكياج شائعة تجعلك تتقدمين في السن

GMT 19:00 2022 السبت ,14 أيار / مايو

موضة خواتم الخطوبة لهذا الموسم

GMT 04:58 2022 الإثنين ,18 تموز / يوليو

أفكار متنوعة لترتيب وسائد السرير

GMT 12:27 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

"فولكس واغن" أبوظبي تُمدّد عروضها الرمضانية

GMT 15:46 2022 الأحد ,01 أيار / مايو

مكياج ربيعي لعيد الفطر 2022

GMT 09:02 2022 الخميس ,05 أيار / مايو

لمسات ديكورية مميزة للحمام الصغير
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon