الغنوشي و«معتاد» الثورة

الغنوشي و«معتاد» الثورة!

الغنوشي و«معتاد» الثورة!

 لبنان اليوم -

الغنوشي و«معتاد» الثورة

طارق الحميد

أزمة عاصفة تضرب تونس ككل، وتيار النهضة فيها بالطبع واليسار المعارض، بعد اغتيال زعيمه المؤثر شكري بلعيد. لكن الملاحظ في هذه الأزمة أن قيادة «النهضة» حريصة على سيطرتها على الحكم، وليس على سلامة تونس. أبرز مؤشر على ذلك التصريحات المرتبكة والمتشنجة لرئيس حركة النهضة الإسلامية الحاكمة راشد الغنوشي، سواء حول تداعيات اغتيال بلعيد، أو على مستوى الزلزال الذي ضرب حزب النهضة نفسه بعد إعلان رئيس الوزراء عزمه على تشكيل حكومة كفاءات. وأولى تصريحات الغنوشي المثيرة قوله: «إن عملية اغتيال بلعيد لا تخرج عن معتاد الثورات قديما وحديثا»، متهما ما سماه «الثورة المضادة» بالوقوف وراء عملية الاغتيال، وأن «الثورة المضادة تستعين بالدول، والأطراف الخارجية التي ترى في نجاح النموذج التونسي خطرا عليها»، مضيفا: «تلتقي مصلحة الثورة المضادة مع مصالح عربية وغير عربية في الزج ببلادنا في بوتقة الفتنة». الحقيقة أن هذه التصريحات تشير إلى ارتباك وانفعال، وعدم مقدرة على رؤية الصورة الأكبر، وهي الحفاظ على تونس، خصوصا أن للغنوشي تصريحات أخرى يقول فيها، إنه لا خوف على انقسام حزب النهضة على أثر إعلان رئيس الوزراء تشكيل حكومة كفاءات. فالخوف اليوم ليس على الحزب، بل على تونس، وهذا ما لم يستطع الغنوشي رؤيته للأسف، والسبب هو الرغبة في السيطرة على مفاصل الحكم، وهذه أبرز أخطاء الإخوان المسلمين في دول الربيع العربي! فعندما يقول الغنوشي، إن اغتيال بلعيد من معتاد الثورات، فالمعروف أن الثورات تأكل أبناءها، وهذا فعل غدر، فهل هذا ما يقصده؟ وأيا كان قصد الغنوشي بالطبع، فإن هذا التصريح بحد ذاته يعد مثيرا، خصوصا أن زعيم «النهضة» يرمي بما يحدث في تونس على قوى خارجية، أو كما يقال في مصر الطرف الثالث، والحقيقة أن الطرف الثالث هو جشع السلطة، وسوء الإدارة السياسية. تصريحات الغنوشي عن التدخلات الخارجية كان يمكن أن تصدر عن بن علي، أو مبارك، لكنها لم تفدهما بشيء. فالأساس هو حسن التعاطي مع الأزمات، وليس الهروب للأمام، أو محاولات تحميلها للخارج، فالمأزق الذي لم يتنبه له إسلاميو الربيع العربي أنهم باتوا مصدرا مهما من مصادر الفرقة والتناحر في أوطانهم، وتونس مجرد نموذج على ذلك، خصوصا ونحن نرى رئيس الحكومة الجبالي يحاول التعامل بواقعية مع واحدة من أخطر الأزمات التونسية، وذلك بتشكيل حكومة كفاءات، بينما حرص الغنوشي ينصب على الحفاظ على الحزب ومصالحه! والمفارقة هنا أن كلا الرجلين محسوب على «الإخوان»، الغنوشي والجبالي، ولكن شتان، فالأول يريد الحفاظ على حزب، والثاني يريد الحفاظ على دولة، والفارق كبير بالطبع بين رجل دولة ورجل يريد السيطرة على الدولة. فما لم يتنبه له الغنوشي، وهو ما فطن له الجبالي بوضوح، أن اغتيال بلعيد قد يؤدي إلى إعادة تشكيل الخارطة السياسية في تونس، خصوصا أن اليسار هو المسيطر على نقاباتها العمالية، وجل مشاكل تونس تتلخص في الاقتصاد!

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الغنوشي و«معتاد» الثورة الغنوشي و«معتاد» الثورة



GMT 20:03 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

دومينو نعمت شفيق

GMT 20:01 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

معايير عمل البلدية

GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 19:29 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 19:26 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 19:23 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 08:41 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

مكياج مناسب ليوم عيد الأم

GMT 10:32 2021 الأربعاء ,11 آب / أغسطس

جرعة أمل من مهرجانات بعلبك “SHINE ON LEBANON”

GMT 07:32 2022 الأحد ,10 إبريل / نيسان

نصائح للحفاظ على الشعر الكيرلي

GMT 04:56 2022 الثلاثاء ,05 تموز / يوليو

نصائح للاستمتاع بالجلسات الخارجية للمنزل

GMT 12:53 2021 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

67 كتاباً جديداً ضمن "المشروع الوطني للترجمة" في سورية

GMT 20:56 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

وقفات تضامنية أمام قصور العدل في زحلة

GMT 22:38 2023 الإثنين ,06 آذار/ مارس

مجوهرات أساسية يجب أن تمتلكها كل امرأة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon