«الشاشة» ليست العالم

«الشاشة» ليست العالم

«الشاشة» ليست العالم

 لبنان اليوم -

«الشاشة» ليست العالم

طارق الحميد
بقلم - طارق الحميد

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، في كلمة مسجلة، أمس الثلاثاء، بالقمة العالمية للحكومات المنعقدة بدبي: «في تركيا دائماً ما نقول إن استقرارنا وأمننا مرتبطان بشكل وثيق باستقرار وأمن منطقة الخليج».
ويأتي حديث الرئيس التركي بعد كارثة الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا، وتشير التوقعات إلى أن خسائر تركيا وحدها بسبب الزلزال، وبحسب شركة «فيرسيك» لتقييم المخاطر، على الأرجح ستتجاوز 20 مليار دولار، بحسب «رويترز».
وقال إردوغان بـ«حسب العلماء، فإن الطاقة التي انبعثت من الزلزال تعادل 500 قنبلة ذرية». وحدثت هذه الكوارث فوق كوارث سابقة من صنع البشر، وكما ذكرت بمقالي السابق هنا، حيث جرائم نظام الأسد وإيران وميليشياتها بسوريا.
اليوم، المنطقة أمام كارثة إنسانية، ومالية، ومن هنا فإن حديث الرئيس إردوغان بأن «في تركيا دائماً ما نقول إن استقرارنا وأمننا مرتبطان بشكل وثيق باستقرار وأمن منطقة الخليج»، يعيدنا إلى نقطة جوهرية مهمة، وهي أنه لابد من الحفاظ على أمن المنطقة واستقرارها.
صحيح أن كارثة الزلزال مأساوية، وأرواح البشر لا يعوضها شيء، وصحيح أن تأثر الناس حقيقي بحجم الأزمة التي حلت جراء الزلزال، لكن العالم ليس الشاشة التلفزيونية التي تنتقي لنا الأحداث المأساوية بشكل إنساني.
العالم أكثر سوءاً مما نتخيل، وهنا قصة بسيطة محزنة، وهي مؤشر على الخطر الذي يضرب منطقتنا، حيث قال مسؤول في مستشفى عفرين، شمال سوريا أمس الثلاثاء، إن مسلحين اقتحموا المستشفى، حيث تتلقى الطفلة السورية المولودة تحت الأنقاض الرعاية بعد ولادتها.
والطفلة التي هزت قصتها العالم كانت قد ولدت تحت أنقاض منزل عائلتها الذي دمره الزلزال، وسميت «آية»، حيث قام المهاجمون بضرب مدير المستشفى، والأنباء تتضارب حول محاولة اختطاف من عدمه.
حدثت هذه القصة رغم كل هذه المآسي، وقد يقول قائل: هل حدثت هذه الواقعة بمناطق سيطرة المعارضة أو النظام الأسدي، والحقيقة أن الإجابة هنا غير مهمة، والأهم أن السبب هو غياب الدولة، ومؤسساتها، ومفهوم الدولة أصلاً في سوريا.
وهذه القصة تظهر لنا أزمة منطقتنا من العراق إلى لبنان، ومن اليمن إلى سوريا، وتظهر حجم الخراب والدمار الذي تسببت به إيران وميليشياتها بمنطقتنا، وكل طرف فعال همش مفهوم الدولة لتحقيق مصالح ضيقة، ووفق منطلقات لا عقلانية، ولا سياسية.
وعليه، فإن الأمن والاستقرار كل لا يتجزأ. ولا يتحقق دون إعلاء هيبة الدولة، وكف يد الميليشيات، والصراعات الآيديولوجية البالية التي كلفت منطقتنا الأرواح والأموال طوال عقود من الزمن، وبلا طائل.
استقرار المنطقة وأمنها يتطلبان إعلاء مفهوم الدولة، واحترام الإنسان، وذلك لا يتحقق إلا بوقف الصراعات، والجنوح للسلم في معالجة جل الأزمات، والمشاكل، وذلك لا يتحقق أيضا إلا بعقلانية سياسية، وليس توافقاً وحسب.
ولتحقيق ذلك، لا بد من حل سياسي جذري في سوريا، ووقف التدخل بشؤون الدول الأخرى، والاهتمام بإصلاح دولنا من الداخل، بدلاً من الانشغال بالدول الأخرى، وضرورة وقف التدخل الإيراني بالمنطقة.
أبرز عيوب هذه المنطقة أن قلة نادرة تتعلم من الأخطاء، فهل حان وقت الاعتبار من هذه الكوارث، والمآسي؟

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الشاشة» ليست العالم «الشاشة» ليست العالم



GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:05 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 08:54 2022 الخميس ,02 حزيران / يونيو

جينيسيس تكشف عن G70" Shooting Brake" رسمياً

GMT 00:08 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

وزارة الصحة التونسية توقف نشاط الرابطة الأولى

GMT 21:09 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 23:44 2020 الإثنين ,28 كانون الأول / ديسمبر

مارادونا وكوبي براينت أبرز نجوم الرياضة المفارقين في 2020

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 11:03 2022 الأحد ,01 أيار / مايو

إتيكيت طلب يد العروس

GMT 10:04 2021 الإثنين ,10 أيار / مايو

الهلال السعودي يحتفل بمئوية جوميز

GMT 18:43 2022 الإثنين ,09 أيار / مايو

أفضل النظارات الشمسية المناسبة لشكل وجهك

GMT 17:41 2020 الجمعة ,11 كانون الأول / ديسمبر

تعرفي على أنواع الشنط وأسمائها
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon