لماذا ندعم ونُؤيِّد عودة مُقاتلي “داعش” وزوجاتهم وأطفالهم ليس إلى الدول الأوروبيّة فقط بل والعربيّة أيضًا

لماذا ندعم ونُؤيِّد عودة مُقاتلي “داعش” وزوجاتهم وأطفالهم ليس إلى الدول الأوروبيّة فقط بل والعربيّة أيضًا؟

لماذا ندعم ونُؤيِّد عودة مُقاتلي “داعش” وزوجاتهم وأطفالهم ليس إلى الدول الأوروبيّة فقط بل والعربيّة أيضًا؟

 لبنان اليوم -

لماذا ندعم ونُؤيِّد عودة مُقاتلي “داعش” وزوجاتهم وأطفالهم ليس إلى الدول الأوروبيّة فقط بل والعربيّة أيضًا

عبد الباري عطوان

ترفُض مُعظم الدول الأوروبيّة استِقبال مُواطنيها وأسرهم الذين انضمّوا إلى تنظيم “الدولة الإسلاميّة” “داعش” بعد انهِياره وهزيمته ومقتل زعيمه أبو بكر البغدادي على أيدي قوّات خاصّة أمريكيّة هاجَمت منزلًا كان يَختبِئ فيه في شِمال غرب سورية قبل ثلاثة أسابيع.

بعض الدول الأُوروبيّة، وخاصّةً بريطانيا وفرنسا، أسقطت الجنسيّة عن هؤلاء وزوجاتهم وأطفالهم، حتى تمنعهم من العودة إلى أراضيها، باعتِبارهم قاتلوا أو عاشوا تحت مِظلّة مُنظّمة إرهابيّة، أمّا نظيراتها العربيّة فقد أغلقت جميع أبوابها في وجوههم أحياء كانوا أم أموات، وإذا كانت هُناك استثناءات، فهي مَحدودةٌ للغاية.

بدايةً، نحن نُؤيِّد عودة هؤلاء دون أيّ تردّد إلى أوطانهم التي انطلقوا منها إلى سورية وبتَشجيعٍ من حُكوماتهم، عندما كانت هذه الحُكومات مُنخرطةً في مشروع إسقاط النظام السوري، ورَصدت المِليارات من الدّولارات لتحقيق هذا الهدف مِثلما فعلت في ليبيا وقَبلها في العِراق.

هل يُمكن أن ننسى “منظومة” أصدقاء سورية التي شكّلتها الولايات المتحدة، وبالتّنسيق مع تركيا ورئيس وزرائها الأسبق أحمد داوود أوغلو وبمُشاركة دول عربيّة وأوروبيّة، وعقدت أوّل اجتماعاتها في العاصمة التونسيّة عام 2012؟ وكان الهدف لهذه المجموعة التي ضمّت 65 دولة علىالأقل، وبمُباركةٍ من جامعة الدول العربيّة، ورصدت المِليارات لتدريب وتسليح هؤلاء “الإرهابيين”، وتأمين وصولهم إلى جبَهات القِتال في سورية عبر الأراضي التركيّة إسقاط النّظام؟

ألم يعترف الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب بالصّوت والصّورة أنّ بلاده أنفقت 90 مِليار دولار في سورية على تسليح وتمويل المُعارضة المُسلّحة وفصائِلها؟ وربّما أضعاف هذا الرّقم من دول مِثل قطر والسعوديّة، واعترف الشيخ حمد بن جاسم، رئيس وزراء قطر في حينها، أنّ بلاده رصَدت مِليارات الدّولارات، ولم تُرسِل دولارًا واحدًا إلى سورية إلا بالتّنسيق مع أمريكا؟
***
جميع هؤلاء المُقاتلين، وأسرهم، عَربًا كانوا أو أوروبيين أو أمريكيين أو روس، يجب أن يعودوا إلى البِلاد التي جاءوا منها، وأن تتم مُحاكمتهم، ومُراقبتهم من قبل الأجهزة الأمنيّة في هذه الدول إذا لم يُدانوا، مع أنّنا نستغرِب مِثل هذه المُحاكمات أمام قضاء دول شجّعتهم على السّفر إلى سورية، والقِتال فيها، لأنّ حُكومات هذه الدول في حينها هي التي يجب أن تُحاكم أوّلًا.
علينا أن نتصوّر كيف سيكون الحال لو أنّ المشروع الأمريكيّ نجح في إسقاط النّظام في سورية، أليس سيتحوّل هؤلاء إلى “أبطال” ومُقاتلين من أجل الحُريّة، ويحظَى بعضهم، أو حتى كلهم، بالتّكريم وأنواط البُطولة والشّجاعة من حُكوماتِ دولهم؟
المشروع الغربي فَشِل، والنّظام السوري صمَد، بدعمٍ حُلفائه الروس والإيرانيين واللّبنانيين، واستطاع جيشه العربيّ أن يبسُط سيادة الدولة على مُعظم الأراضي السوريّة، ولهذا تحوّل هؤلاء المُسلّحين إلى أشرارٍ خَطِيرين يجب أن تُغلق جميع الأبواب في وجوههم.
السّلطات التركيّة التي استقبلتهم وسمحت بمُرورهم وأسلحتهم ومِليارات الدولارات عبر أراضيها بَدأت في استخدامهم كورقة ضغط على حُكوماتهم الأوروبيّة، وبدَأت في إعادة ترحيلهم إلى بُلدانهم، سواءً ما زالوا يحملون جنسيّتها أو جرى إسقاطها عنهم، وسمعنا السيّد سليمان صويلو، وزير الداخليّة التركيّ يقول إنّ بلاده ليست فُندُقًا لعناصر “داعش” من مُواطني الدول الأُخرى، وسُبحان مُغيّر الأحوال.
الموقف الأوروبي من هؤلاء المُقاتلين يتّسم بالعُنصريّة، فلو كان هؤلاء من أُصولٍ أوروبيّة بيضاء وغير مُسلمين، لما سَمِعنا أنّه مَمنوعٌ عليهم وأطفالهم، ونسائهم العودة إلى أوطانهم، ولكن لأنّهم من أصولٍ غير أوروبيّة، وعُيونهم ليست زرقاء، وشعرهم ليس أشقَرًا،  فلا مكان لهُم في أوطانهم الجديدة، حتى لو وُلِد بعض أطفالهم على أراضيها، واكتَسبوا الجنسيّة بالولادة وِفق نص القوانين المرعيّة، أو لأنّ أمّهاتهم أُوروبيّات بالتّجنيس، أقسَمن على الولاء للدولة، ولم يُقدّمن، أو مُعظمهن، على أيّ عمل ضدّها، وانخَرط الأزواج في صُفوف “الدولة الإسلاميّة” بمُباركةٍ مِنها.
***
نعرف أنّ في هذا البلد الذي نعيش فيه، أيّ بريطانيا، أنّ العديد من البريطانيين اليهود، وغير اليهود، تطوّعوا في الجيش الإسرائيلي وقاتلوا في حُروبه ضِد العرب والفِلسطينيين في قِطاع غزّة، وجنوب لبنان، وسيناء، وسورية، وعادوا إلى بريطانيا مُكرّمين، ولم يُطالب أحد بحِرمانهم من الجنسيّة البريطانيّة أو منع عودتهم وأطفالهم، كما أنّ عناصر من أصحاب الخُوذ البيضاء تدرّبوا وتموّلوا من أموال دافِع الضّرائب البريطاني، وما زالوا يعملون تحت مِظلّة فصائل مُصنّفة على قوائم الإرهاب، ولا ننسى في هذه العُجالة التّذكير بالمُرتزقة الأوروبيين الذين أسقطوا حُكومات في إفريقيا، وارتكَبوا مجازر في العِراق واليمن تحت قِيادة شركة “بلاك ووتر”.
المسألة ليست تعاطف أو عدم تعاطف مع هؤلاء وأسرهم، وإنّما مسألة ازدواجيّة ونِفاق في التّعاطي مع مأساتهم، خاصّةً أنّ أطفالهم لم يختاروا أن يكونوا أبناء إرهابيين أو مُتشدّدين، وأن يُولَدوا في سورية أو غيرها، ولا نَستبعِد أن يكون هؤلاء الآباء والأمّهات تعرّضوا لعمليّات تضليل استغلّت أوضاعهم النفسيّة والاجتماعيّة، وهذا أمرٌ يَطول شرحه.
ربّما لا يُعجِب مقالنا هذا الكثيرين في أوروبا ودول عربيّة، ولكن كلمة الحق يجب أن تُقال وهذا أضعُف الإيمان.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا ندعم ونُؤيِّد عودة مُقاتلي “داعش” وزوجاتهم وأطفالهم ليس إلى الدول الأوروبيّة فقط بل والعربيّة أيضًا لماذا ندعم ونُؤيِّد عودة مُقاتلي “داعش” وزوجاتهم وأطفالهم ليس إلى الدول الأوروبيّة فقط بل والعربيّة أيضًا



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 11:09 2020 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 10:12 2020 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 13:32 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيدة

GMT 17:30 2023 الإثنين ,10 إبريل / نيسان

أخطاء مكياج شائعة تجعلك تتقدمين في السن

GMT 19:00 2022 السبت ,14 أيار / مايو

موضة خواتم الخطوبة لهذا الموسم

GMT 04:58 2022 الإثنين ,18 تموز / يوليو

أفكار متنوعة لترتيب وسائد السرير

GMT 12:27 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

"فولكس واغن" أبوظبي تُمدّد عروضها الرمضانية

GMT 15:46 2022 الأحد ,01 أيار / مايو

مكياج ربيعي لعيد الفطر 2022

GMT 09:02 2022 الخميس ,05 أيار / مايو

لمسات ديكورية مميزة للحمام الصغير
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon