لماذا يتعاطى ترامب بفَوقيّةٍ وتعالٍ مع مُعظم القادة العرب والمُسلمين

لماذا يتعاطى ترامب بفَوقيّةٍ وتعالٍ مع مُعظم القادة العرب والمُسلمين

لماذا يتعاطى ترامب بفَوقيّةٍ وتعالٍ مع مُعظم القادة العرب والمُسلمين

 لبنان اليوم -

لماذا يتعاطى ترامب بفَوقيّةٍ وتعالٍ مع مُعظم القادة العرب والمُسلمين

عبد الباري عطوان

تَوقّفت طَويلًا عند توصيف جميل، ومُعبّر، للكاتب البريطاني جوليان بورغر مُراسل صحيفة “الغارديان” البريطانيّة في واشنطن، التي كنت أحد كُتّاب الرأي فيها حتى فترةٍ ليست بعيدة، لتصرّفات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وعباراته البَذيئة التي وردت في الخطاب الذي بعث به إلى الرئيس أردوغان في 9 تشرين أوّل (أكتوبر) الحالي عندما قال “لقد أصبحنا نعرف الآن أنّه يكتب خِطاباته الرئيسيّة بنفسه، بأُسلوبٍ يتضمّن مَزيجًا من المديح والتّهديد “الفج” حيث استخدم في هذا الخِطاب اللّغة نفسها التي قد يستخدمها مالك عمارة في إنذار مُستأجر بإخلاء الشقّة لتأخّره في دفع الإيجار، ولكن في البيت الأبيض”.

في تلك الرسالة “الجارِحة”، استخدم ترامب لُغةً هابطةً، وليست مسبوقة في إرث التّخاطب بين الزُّعماء عندما قال للرئيس التركي “لا تَكُن صعب المِراس، لا تكُن “أحمقًا”.. لا أُريد أن تدخُل التّاريخ كشيطانٍ شرّير.. أنا لا أُريد أن أكون مَسؤولًا عن تدمير الاقتصاد التركيّ، ولكنّي سأفعل”، هل هُناك هُبوط ووقاحة أكثر من ذلك.
***
الرئيس أردوغان الذي شعر بالإهانة، قال في تصريحاتٍ أدلى بها أمس “أنه لن ينسى رسالة ترامب هذه، وما تضمّنته من تطاولٍ.. وكلمات جارحة تخرج عن إطار المُجاملات الدبلوماسيّة، وتعهّد بالرّد عليها، ولكن في الوقت المُناسب، فهي ليست أولويّة بالنّسبة إليه”.
من غير المعروف كيف سيرُد الرئيس أردوغان على هذه الإهانة ومتى، وأين، خاصّةً أنّه هدّد بعدم استقبال الوفد الأمريكيّ الذي زار أنقرة الخميس برئاسة مايك بنس، نائب الرئيس، ومايك بومبيو، وزير الخارجيّة، ولكنّه عاد وتراجع عن هذا التّهديد، ومن غير المُستبعد أن تكون زيارة الرئيس أردوغان إلى واشنطن الشّهر المُقبل تلبيةً لدعوة الرئيس ترامب هي الرّد المُناسب، سواء بإلغاء هذه الدعوة وعدم تلبيتها، أو باستغلال مُناسبة المُؤتمر الصّحافي المُشترك الذي يُنظّمه البيت الأبيض لضُيوف الرئيس للرّد المُنتَظر، اللّهمّ إلا إذا تلقّى اعتِذارًا صريحًا لا لبس فيه وتَعهُّدًا بالتِزام الأدب في كُل المُراسلات المُستَقبليّة.
اللّافت أنّ الرئيس ترامب مُولَعٌ بتوجيه هذه الإهانات “السوقيّة” إلى القادة العرب والمُسلمين، وفي مِنطقة الخليج خاصّةً، حيث “عايَر” هؤلاء القادة أكثر من مرّةٍ، بأنّه لولاه، وحِمايته لسَقطت أنظمتهم في أُسبوعٍ، ولرَكِبوا الطّائرات التجاريّة رخيصة الثّمن وليسَ الطّائرات الخاصّة المُذهّبة الصّنابير، ومقاعد المراحيض، ونحمد الله أنّه لم يَقُل بعودتهم إلى رُكوب الإبل في حلّهم وتِرحالهم.
أن يُوسِّع الرئيس الأمريكيّ دائرة استهدافه للرئيس أردوغان الذي وصَلت قوّات امبراطوريّة أجداده العثمانيّة التي حكَمت مُعظم العالم الإسلامي لخمسمائة عام، وفتحت مُعظم بُلدان أوروبا الشرقيّة حتى فيينا، عاصمة النمسا، وقبل أن يتم اكتشاف أمريكا، فهذا تَطاولٌ خَطيرٌ كُنّا نتمنّى الرّد عليه بقُوّةٍ، وبشَكلٍ عَمليٍّ، ولكن ليسَ كُل ما نتمنّاه يتَحقّق.
ربّما كان جيم أونغ أون، زعيم كوريا الشماليّة، الذي لا نُخفي إعجابنا بصلابته، هو القائد العالمي الوحيد الذي عرف كيف يتعاطى بأنفةٍ وكبرياء مع الرئيس ترامب، عندما عامله مِثل “المُهرّجين”، و”البَهاليل”، ونجح في خداعه وعدم تقديم أيّ تنازل له، في القمّتين اللّتين جمعتهما في سنغافورة وهانوي، وخرج ترامب من الأخيرة غاضِبًا بسبب الإهانات التي تعرّض لها، وبلَع الإهانة وما زال يَصِف الزعيم الكوري بأعذَب الكلمات، ويتجنّب توجيه أيّ إساءة إليه.
***
رحِم الله ذلك الزّمن الجميل الذي كان للقادة العرب والمُسلمين “هيبة” تُحتّم على الزّعماء الغربيين التّعاطي معهم بكُل احترام، وأذكر أنّ المرأة الحديديّة مارغريت تاتشر، رئيسة وزراء بريطانيا السّابقة، كانت تَرتَعِد رهبةً عندما التقيتها في مقر رئاسة الوزراء قبل يومين من زِيارتها إلى الرياض عام 1981، وكانت تَسأل عن كُل صغيرةٍ وكبيرةٍ حتى لا تُسيئ لمُضيفيها، وتحجّبت وارتدت ملابس مُحتَشمة جدًّا أثناء لقائها العاهل السعوديّ الملك فهد بن عبد العزيز.
عندما ذهبت هيبتنا، وبِتنا مضحكةً، أصبح التّطاول علينا، ووصفنا كعرب ومُسلمين بالحمق والعِناد والشّيطنة، ومشروع نهب لثَرواتنا، ومن قِبَل شخص يفتقد إلى الحَد الأدنى من الأدب والأخلاق مِثل ترامب من الأُمور المَألوفة.. وحَسبُنا الله ونِعم الوكيل.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا يتعاطى ترامب بفَوقيّةٍ وتعالٍ مع مُعظم القادة العرب والمُسلمين لماذا يتعاطى ترامب بفَوقيّةٍ وتعالٍ مع مُعظم القادة العرب والمُسلمين



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 18:07 2023 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

منافسة قوية بين ريال مدريد وأرسنال على ضم فلاهوفيتش

GMT 14:58 2021 الثلاثاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

هيفاء وهبي تضج أنوثة بملابس كاجوال ناعمة

GMT 07:33 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

ابتكار إطارات ذكية تقرأ مشاكل الطريق وتحذر

GMT 21:43 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

الأهلي المصري يعلن شفاء بانون من كورونا

GMT 15:59 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تأجيل أولمبياد طوكيو يكلف اليابان 2 مليار دولار

GMT 05:55 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

هزة أرضية قوية تضرب وهران الجزائرية

GMT 13:25 2022 الخميس ,02 حزيران / يونيو

طرق لإضافة اللون الأزرق لديكور غرفة النوم

GMT 18:56 2022 الإثنين ,03 كانون الثاني / يناير

متزلجو لبنان يستعدون لأولمبياد الصين الشتوي

GMT 15:58 2023 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل العطور الرجالية لهذا العام

GMT 15:41 2022 الأربعاء ,01 حزيران / يونيو

أحذية مسطحة عصرية وأنيقة موضة هذا الموسم
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon