صعود القذافي الابن

صعود القذافي الابن

صعود القذافي الابن

 لبنان اليوم -

صعود القذافي الابن

بقلم : عبد الرحمن الراشد

ما كان العالم يظنه مستحيلاً أصبح الأكثر احتمالاً، عودة القذافي إلى الحكم في ليبيا. مر دهر عاصف، من إسقاط النظام إلى اغتيال معمر القذافي، واعتقال ابنه سيف الإسلام، وملاحقة وتصفية أفراد عائلته وقيادات النظام السابق. كان ذلك يعني نهاية حقبة أربعة عقود قذافية.
فهل ظهور سيف الإسلام، وسعيه للترشح الرئاسي مصادفة؟ عودته نتيجة الفشل السياسي واستمرار الحرب الأهلية، والفوضى، والتقسيم، وانتشار الميليشيات المحلية والمرتزقة الأجانب، وتقاتل القوى الخارجية على تقرير مصير ليبيا، وكأن لسان حال الليبيين يقول، إن كان حكم القذافي سيئاً فإن ما تلاه أسوأ.
لكن السؤال يوجه لليبيين، هل حقاً يرغبون في عودة القذاذفة للحكم؟ تقول مؤسسة راند في استطلاع، تزامن مع استحداث قانون العزل عام 2013، إن غالبية الليبيين تؤيد حظر كل من عمل في نظام القذافي ومنعه من الانخراط في النظام السياسي البديل، وهذا الاستنتاج تناقض مع تعيين وزير العدل الراحل في عهد القذافي، مصطفى عبد الجليل، وتم اختياره بالأغلبية، رئيساً انتقالياً لليبيا الجديدة.
على أي حال، في السياسة الأمور نسبية ومتغيرة. وكذلك حال ليبيا، بلد ممزق، بثلاث عواصم، طرابلس وطبرق وبنغازي، وبعشرات الزعامات. ورغم كثرة ميليشياته المسلحة، يستورد مقاتلين مرتزقة من الخارج. بلدٌ اليوم بلا أفق لحل سياسي، وبكل أسف، سيدوم الحال بدون توافق ليبي ليبي، وبدون اتفاق القوى الإقليمية والدولية على حل.
في هذا الوضع المشتبك والتزاحم على السلطة، ستشعل عودة القذافي الابن المشهد، وستزيده إرباكاً، وعودته قد توسع الحرب أو تنهيها.
هل تغير القذافيون، أعني المنتمين لتلك الحقبة؟ هم يلومون القوى الخارجية على إسقاط معمر ونظامه، وأنه ما كان له أن يسقط محلياً. الأمر متفق عليه، أن الناتو شارك عسكرياً في الحرب، وأيده مجلس الأمن في واحدة من الحالات التاريخية النادرة، وأنهى النظام. لكن ذلك الإجماع الدولي جاء نتيجة تراكمات طويلة من الصراعات غير المبررة التي انخرط فيها القذافي إقليمياً ودولياً، ولعب أدواراً خطيرة، وبالتالي سقوطه كان مسألة حتمية. والحقيقة أن معمر فوّت فرصة إعادة تأهيل النظام، بما في ذلك المشروع الذي تبناه ابنه سيف الإسلام، واعتبره البعض تغييراً في أسلوب الحكم، وربما تغييراً في الحكم.
وبعد الثورة، جاء من أتباع القذافي من يدعي أن مشروع تمدين النظام سبب في إسقاطه، والحقيقة العكس هو الصحيح، ففشل النظام في التطور الداخلي من عوامل سقوط دولته. وجاءت محاولة سيف الإسلام متأخرة، الذي عاد من بريطانيا بأفكار تحديثية، حيث كانت مؤسسة الحكم عاجزة وترفض التطور. عندما سقطت دولة «الجماهيرية» لم تسقط عن عجز بل كانت من أقوى دول المنطقة تسليحاً، ومن أغنى دول العالم، في أرصدتها الخارجية نحو 700 مليار دولار. وكان يفترض في حظها وحظ شعبها أن تكون واحة للتمدن، وليس التباهي بالاستقرار فقط.
بالتأكيد، الليبيون يكرهون الحاضر الذين يعيشونه اليوم من وراء ويلات الحرب الأهلية، إنما هذه ليست تذكرة سفر سهلة للعودة بهم للأمس، لما قبل عام 2011. أيضاً، المجتمع الدولي، بمؤسساته المختلفة، تخيفه صورة القذافي القديم الذي رفضه، مثلما رفض صدام العراق، ويحاصر اليوم خامنئي إيران. وقد يريد القذافي الابن باستنساخه صورة الأب، أن يكون ليبياً خالصاً، أقرب للشعب الليبي، لكن، ومهما قيل، فإن تحسر الناس على عهد ما قبل الثورة لا يعني أنهم يحنون لنفس النظام. الأنظمة الناجحة هي تلك التي تتطلع للمستقبل وتقدم نموذجها الجديد وليس بإعادة تدوير الماضي.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صعود القذافي الابن صعود القذافي الابن



GMT 19:57 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:05 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 08:54 2022 الخميس ,02 حزيران / يونيو

جينيسيس تكشف عن G70" Shooting Brake" رسمياً

GMT 00:08 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

وزارة الصحة التونسية توقف نشاط الرابطة الأولى

GMT 21:09 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 23:44 2020 الإثنين ,28 كانون الأول / ديسمبر

مارادونا وكوبي براينت أبرز نجوم الرياضة المفارقين في 2020

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 11:03 2022 الأحد ,01 أيار / مايو

إتيكيت طلب يد العروس

GMT 10:04 2021 الإثنين ,10 أيار / مايو

الهلال السعودي يحتفل بمئوية جوميز

GMT 18:43 2022 الإثنين ,09 أيار / مايو

أفضل النظارات الشمسية المناسبة لشكل وجهك

GMT 17:41 2020 الجمعة ,11 كانون الأول / ديسمبر

تعرفي على أنواع الشنط وأسمائها

GMT 22:26 2020 الثلاثاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

مصارع يضرم النار بمنافسه على الحلبة

GMT 12:31 2022 الأحد ,10 تموز / يوليو

أفضل أنواع الماسكارا المقاومة للماء
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon