سعاد النابغة

سعاد النابغة

سعاد النابغة

 لبنان اليوم -

سعاد النابغة

بقلم: إنعام كجه جي

فازت المهندسة المعمارية سعاد العامري بواحدة من جوائز «نوابغ العرب» التي تمنحها دبي. وصلني الخبر فور إعلانه، وأسعدني أن تفوز صديقتي الفلسطينية بهذا التكريم الباذخ في فرع العمارة. تذكرت يوم فازت العراقية زها حديد، ابنة مدينتي ومدرستي، بأرفع جائزة عالمية في ميدانها. راحت تصاميمها تطرِّز وجه الكرة الأرضية. وهزجنا لها: «ما يجيبها إلا نسوانها».

وأنا أعرف سعاد الروائية أكثر من اطلاعي، للأسف، على منجزها في حقل العمارة. أفهم في المفردات والخيالات، ولا أميل للرياضيات والمساطر والفراجيل. هي بالنسبة لي، قبل كل شيء، صاحبة الرواية المدهشة «شارون وحماتي» التي صدرت بالإنجليزية، ثم تُرجمت إلى العربية ولغات أخرى.

تعرفت على نابغة العرب الجميلة في مصادفة لا يمكن نسيانها. كنا ضمن المدعوين إلى قصر وندسور، لتناول الشاي مع ملكة بريطانيا. وطبعاً فإن المرء لا يقابل إليزابيث الثانية كل يوم. كان ذلك في ربيع 2010. أما المناسبة فكانت الاحتفال بالتعاون الجديد في ميدان النشر بين «مؤسسة قطر» في الدوحة و«دار بلومزبيري» في لندن. ومن بواكير ذلك التعاون نشر كتاب سعاد العامري «مراد مراد» والترجمة الإنجليزية لروايتي «الحفيدة الأميركية».

قضينا سوية أياماً لطيفة في العاصمة البريطانية. أقمنا في فندق تاريخي في حي سوهو، اعتادت «بلومزبيري» استضافة مؤلفيها فيه. تصادقنا وتساررنا وضحكنا كثيراً. ولأنها تقيم في رام الله فقد كان من المتعذر تكرار اللقاء. تصورت أنه الأول والأخير. كيف أعبر إلى زهرة المدائن؟ لكن «تقدِّرون وتسخر الأقدار». فقد حدث بعد سنوات أن تلقيت دعوة لحضور مؤتمر فلسطين للرواية العربية. وكانت فرصة لزيارة سعاد، والتعرف على قريباتها في بيت العائلة الأثري في بيرزيت؛ حيث كل شجرة وكل حجر يفوق دولة الاحتلال عمراً وصلابة.

أتخيل ضحكتها حين سأقول لها إنني سعيدة لكوني صديقة النابغة. فسعاد المولودة في يافا تتمتع بحسِّ السخرية السوداء. صفة فطرية للفلسطينيين. موهبة يكتسبها الرجال والنساء، وحتى الأطفال، من تراكم القهر مع استمرار العناد. تحكي لقارئها عن بشاعة الاحتلال الذي منح كلبها بطاقة «يُسمح له بدخول القدس» بينما يُحرم أهل البلاد من ذلك الحق. لا أدري إن كانت تصاميمها الهندسية تعكس مزاجها، ولكن رواياتها تكشف عن روح قادرة على تحويل المحتل إلى مهرِّج والدموع ابتسامات.

الكتابة شغف وهواية. والعمارة شغف وخبرة. درست سعاد العامري الهندسة في الجامعة الأميركية في بيروت، ثم في جامعتي أدنبرة وميشيغان. عادت إلى فلسطين وأصبحت أستاذة للعمارة في جامعة بيرزيت. أسست مركز «رواق» لترميم المباني العتيقة واستغلالها كي لا يتبدد تراث وطنها. تولى المركز توثيق آلاف المواقع الأثرية في فلسطين وتسجيلها وحمايتها.

آخر مؤلفاتها كتاب بعنوان: «بدلة إنجليزية وبقرة يهودية». كتبته بالإنجليزية كعادتها، وعرفتُ أنه تُرجم للعربية. لم يصلني بعد؛ لكنني أمنِّي النفس بسويعات من التمتع بكتابة ذكية. عينها تلتقط ما نسهو عنه في زحام أيامنا.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سعاد النابغة سعاد النابغة



GMT 18:25 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

نهاية حزينة لشارع الحمرا…

GMT 18:24 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

القلعة الجوفاء: بعدما هدأ غبار الهجوم على إيران

GMT 18:23 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

«الست» أيضاً

GMT 18:22 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

تغيير الحدود ومواعيد نتنياهو

GMT 18:21 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

هل «الموديل» الغربي مُقدّس؟

GMT 18:19 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

تعقيدات الهُويَّة وأنثروبولوجيا إسلام الخارج

GMT 18:16 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

تعقيدات الهُويَّة وأنثروبولوجيا إسلام الخارج

GMT 18:15 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

لبنان وغزة... إدارة النزاع بدل إنهائه

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 16:44 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن تحييد "عنصرين" في "حزب الله" اللبناني
 لبنان اليوم - الجيش الإسرائيلي يعلن تحييد "عنصرين" في "حزب الله" اللبناني

GMT 17:29 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

إهمال صحة اللثة قد يُزيد خطر أمراض القلب والسكتات الدماغية
 لبنان اليوم - إهمال صحة اللثة قد يُزيد خطر أمراض القلب والسكتات الدماغية
 لبنان اليوم - تسلا تواجه انتقادات بعد وفيات ناجمة عن أعطال أبواب السيارات

GMT 17:50 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

نانسي بيلوسي تعتبر خطاب ترمب دليلا على عدم أهليته العقلية
 لبنان اليوم - نانسي بيلوسي تعتبر خطاب ترمب دليلا على عدم أهليته العقلية

GMT 15:01 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

احذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 14:56 2020 الثلاثاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

سندس القطان بإطلالات مقلمة ناعمة ورائعة على انستقرام

GMT 17:43 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

لاعب كونغولي يخطف الأنظار في مونديال اليد

GMT 01:35 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

وفاة 4 لاعبين ورئيس ناد بطريقة مأساوية في البرازيل

GMT 17:45 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

إليسا تنشر مشاهد لجمال لبنان وتعلق"خلينا ما بقى نسكت"

GMT 02:55 2018 الأربعاء ,06 حزيران / يونيو

7 حيل تجعل عطركِ يدوم طويلًا مهما كان نوعه

GMT 01:56 2020 الخميس ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

النساء يحقّقن اختراقات في انتخابات الكونغرس الأميركي

GMT 15:26 2020 الثلاثاء ,01 أيلول / سبتمبر

مقتل 3 أطفال وإصابة 4 بانفجار قارورة غاز في الهرمل

GMT 14:02 2019 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

قصة جديدة لفئة اليافعين بعنوان "لغز في المدينة"

GMT 18:16 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

أناقة زين مالك بعد أنفصاله عن جيجي حديد

GMT 14:09 2020 الإثنين ,28 كانون الأول / ديسمبر

رائدة ناسا "كيت روبينز" تحصد الفجل المزروع في الفضاء
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon