حبل المشنقة» مشروع استثمار الخيبة

حبل المشنقة».. مشروع استثمار الخيبة!

حبل المشنقة».. مشروع استثمار الخيبة!

 لبنان اليوم -

حبل المشنقة» مشروع استثمار الخيبة

رشيد الخيّون كاتب عراقي
بقلم: رشيد الخيّون

تمر بعد يومين ست عشرة سنةً على إعدام صدام حسين، ففي فجر السبت 30 ديسمبر2006، العاشر مِن ذي الحِجة، تسمر الناس أمام الشاشات، ليعتلي صدام المشنقة، وحوله هتافات الغوغاء، ثم يُحمل جثمانه ليُوضع تشفياً أمام قصره، الذي اتخذه نوري المالكي بيتاً مؤبداً، مهدى مِن الأميركان. كان ذلك اليوم عرس نجل المالكيّ. ظهر الاستعراض بالجثمان استعراضاً غبياً، لكن يريد صناعة تاريخ لنفسه، حمل العراقيين دماءً.

سيقول المتبرئون مما وعدوا به العراقيين، ولم يقدموا سوى الخراب: إنَّ الكاتب «بعثي صدّامي»، ولم يكن شريكهم في المعارضة، لكنْ عندما تهتك الضَّمائر يكون الرَّد هذياناً. هذا، وما كنتُ أعود للكتابة عن هذا الحدث لولا ظهور مَن يدعي أنّه خلص العراق والعراقيين، باحتفاظه بحبل المشنقة في دارهِ معلقاً برقبة تمثال، متحدثاً عن بطولته. يقول مستثمر الحبل: «عدمناه قبل شروق الشَّمس قبل بدء العيد»! وآخر قال: سيهربه الأميركان إذا لم يُعدم اليوم، وكأن الأميركان ينتظرون مشورة المالكيّ إذا أرادوا إطلاقه! غير أنَّ التَّاريخ لا يكتبه مهرجون كذابون.
أخبرني وزير العدل الأسبق هاشم الشّبليّ، وكتبه: أنّ المالكيّ اتصل يسأله عن الإعدام في ذلك اليوم؟! فأجابه: القانون يمنع إعدام المحكوم في عيده، وهذا اليوم عيد الأضحى، وثً ولا يُنفذ الإعدام إلا بتوقيع رئيس الجمهوريَّة ووزير العدل! كان الشّبليّ في زيارة للأردن، فقام المالكي بتعيين رفيقه «الدَّعويّ» وزيراً للعدل وكالةً (مذكرات.. وقائع وأحداث ساخنة)، واستبدل توقيع المالكي بتوقيع الرئيس أو نوابه، عندها تمثل جلال الطالبانيّ(ت: 2017) ببيت الجواهريّ(ت: 1997): «بئس الشَّماتةُ شيمةٌ ولو أنَّها/ إذ يُغتلى جرحٌ تعفن بلسمُ»(قلبي لكردستان 1964).
كان يمكن سدل السِّتار على لحظات الإعدام، التي أزاحت عن صدام مظالمه، لو الاستثمار حصل لإعمار العراق، لا بحبل مشنقة، ولم تُسلم البلاد للجرادِ والقوارض، ولو عاد الماء إلى الأهوار، وانتعشت المصانع بدلاً من تدميرها، لكنا نسينا موبقة المستثمر بالحبل، وأهزوجة المدعي العام، في عهد الديمقراطية، بعد حفلة الإعدام: «منصورة يا شيعة حيدر»! لكن الهازج بـ«منصور يا شيعة حيدر» احتفى في لحظات إعدام (800) شاب شيعي (2018 وما بعدها)!
أخذ الحدثُ يتجدد باستثمار «حبل المشنقة»، يُستعرض به مِن قِبل أحد الكارثيين على العِراق. فعندما اختير نصير الجادرجي مع آخرين لرؤية صدام بعد اعتقاله (2003)، رفض لأنه لا يريد التَّشفيّ بمَن ضعف عن الرَّد، فاتصل به المستثمر بالحبل طالباً ترشيحه ليذهب بدلاً عنه، وبعد إلحاح حشر نفسه (الجادرجي، مذكرات طفولة متناقضة).
كانت الفضيحة أنَّه سأله: «لماذا قتلت الصَّدر»؟! فأجابه صدام بعبارة ساخرة! جعلتنا حينها ننظر إلى سخرية القدر مع هذا النّوع الكارثي مِن البشر، واختصار العراق بالصَّدر. لم يَدعِه الأميركان لرؤية صدام، لكنهم منحوه «الحبل». فبعد الاستثمار بباقر الصَّدر (أعدم: 1980)، أتى الاستثمار بحبل المشنقة، تعبيراً عمَّا أتى به «الإسلاميون» مِن خراب وفواجع.
سيُقدر مَن قرأ صُحف معارضة الأمس - سُلطة اليوم - وهي تعدنا بعصر النهضة والرَّفاه، حجم الألم مِن اختصار الآمال بمشروع انتقام. كم كان الأمل كبيراً، لينتهي بحفلة تشفي! كنا ننتظر ما تمناه غياث الأخطل (ت: 90هج) حُكماً «يُبيتُ العِراقُ رقداً ثقةً به/ ويحدث بالإكليل وفراً على وفرِ»(أبو تمام، نقائض جرير والأخطل). أقول: عندما يصبح الاستثمار بحبل مشنقة، فما هو حجم الخيبة التي نعيشها مع أمثال المستثمر بالحبل؟! قيل: «لكلِّ تاريخٍ صفحةٌ ودفترٌ وكتابٌ»، فماذا سيُكتب عنكم؟!

رشيد الخيّون كاتب عراقي*

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حبل المشنقة» مشروع استثمار الخيبة حبل المشنقة» مشروع استثمار الخيبة



GMT 19:57 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

من «الست» إلى «بوب ديلان» كيف نروى الحكاية؟

GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 19:29 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

GMT 11:46 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الرئيس السيسى والتعليم!

GMT 19:13 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

أصالة ودريد فى «جوى أورد»!

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:23 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 06:50 2016 الجمعة ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال نيوزيلندا العنيف يتسبب في تحريك جزر رئيسية

GMT 22:25 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

3مستحضرات فقط تخفي علامات تعب وجهك نهائيا

GMT 18:35 2019 الخميس ,18 تموز / يوليو

5 أسرار لتطبيق المكياج من أجمل نساء بريطانيا

GMT 16:57 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"موريشيوس" ملاذ رومانسي ساحر لقضاء شهر العسل

GMT 13:05 2012 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

إضراب في مطار شرم الشيخ يتسبب في إغلاق جزئي أمام السياح

GMT 04:44 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

لاكوتريبيس يعلن اكتشاف حقل غاز على سواحل قبرص

GMT 18:00 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إتيكيت دفع فاتورة حساب المطعم

GMT 10:31 2013 الجمعة ,23 آب / أغسطس

نظافة المدرسة من نظافة الطلاب والمدرسين

GMT 07:27 2014 الثلاثاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جائزة لـ«فقه العمران»

GMT 21:14 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

تعرف علي توقعات أحوال الطقس في لبنان الاربعاء

GMT 18:27 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

انفجار في مدينة بنش في ريف إدلب السورية

GMT 00:31 2021 السبت ,13 آذار/ مارس

تخفيض سعر تعرفة فحص الـPCR الى 100 الف ل.ل!
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon