قانون «الفجوة» ومرتكبو الجرائم المالية

قانون «الفجوة» ومرتكبو الجرائم المالية!

قانون «الفجوة» ومرتكبو الجرائم المالية!

 لبنان اليوم -

قانون «الفجوة» ومرتكبو الجرائم المالية

بقلم:حنا صالح

سبق للسيد نجيب ميقاتي أن وصف الانهيار المالي بأنه «مشكلة داخلية بحتة بسبب عدم وجود رؤية مع استمرار الاستدانة لتغطية العجز وتراكم فوائد على دين غير مُجدٍ... تُضاف إليه توظيفات سياسية عشوائية وغياب رقابة البرلمان». ويضيف أن ذلك أوصل لبنان إلى «عجزَين: الأول في الموازنة والآخر في ميزان المدفوعات». ويكشف عن أن الأخير بدأ عام 2011 ليبدأ السطوُ على الودائع لتغطيته، وقد بلغ تراكمياً 25 مليار دولار عام 2018، وقد بدأ ذلك مع تشكيل «حزب الله» حكومة «القمصان السود» التي ترأسها ميقاتي!

كان السطو على الودائع قراراً اتخذه تحالف مافياوي ميليشياوي بنكرجي متسلط، منح المصارف لمقامرتها بجني الأعمار فوائد لا شرعية تجاوزت 20 مليار دولار نُقلت إلى «ملاذات آمنة». وأدَّت التسوية الرئاسية الشائنة عام 2016 إلى خروج أموال عربية، سارع بعدها رياض سلامة إلى هندسات مالية مبدداً المليارات لحماية مصارف مفلسة. لكن أصحاب القرار، في حكومات «الوحدة الوطنية»: «موالاة» نظام المحاصصة كما «معارضته»، روّجوا شعار «الليرة بخير» والفوائد المجزية لاجتذاب أموال اللبنانيين في الخارج، فيما عمدوا بشكل جماعي إلى نقل ملياراتهم للخارج. آنذاك أخفت «المالية» كما المصرف المركزي تحذير البنك الدولي من الكارثة، التي عاد ووصفها بأنها «واحدة من أسوأ 3 أزمات شهدها العالم منذ 150 سنة»!

لم يكن الانهيار «فجوة» بمعنى انخساف الأرض وابتلاعها 100 مليار دولار، بل نتيجة سطوٍ مشغول أدَّى إلى ثورة «17 تشرين» 2019. لكن حكومة حسان دياب تراجعت عن خطة «لازارد» التي حددت مسؤولية المصارف عن الكارثة بصفته طرفاً، وكانت تضمن 500 ألف دولار لكل حساب، وأمعنت في سياسة «الدعم»، فراكم المحظوظون الأرباح، وموّلت «حزب الله» وميليشيات آل الأسد. واستكملت حكومة ميقاتي هذا المنحى، ثم كانت «منصة صيرفة» التي راكمت مليارات للنافذين. وكشف سلامة عن أن الحرب على الشعب السوري استنفدت عبر الدعم 20 ملياراً (...)، لتبدأ جريمة تدفيع الأضعف: المواطن والمودع ثمن المنهبة عبر «هيركات» لا قانوني ذوّب عشرات ألوف الحسابات، نتيجة بدعة «اللولار» وتعاميم مستمرة اعتمدت سعر صرف بين 8 و15 ألف ليرة للدولار فيما هو 90 ألفاً، فخسرت تلك الحسابات 80 في المائة من قيمتها!

تشاركت منظومة الفساد المافياوية إذلال اللبنانيين، وهو أمر يعرفه القاضي نواف سلام الآتي من رئاسة محكمة العدل الدولية، ووعد بحماية الحقوق وبالإصلاح والإنقاذ. فكانت المحصلة مشروع قانون «الفجوة»، الذي سبق إعلانه نصيحة متلفزة قدمها رياض سلامة الملاحق من «الإنتربول»، يحثُّ فيها على إعادة الودائع «بقيمتها الأصلية أي على سعر صرف 1500 ليرة للدولار»! فتبنّى مشروع «الفجوة» على طريقة النصيحة، وهذا سيضيع الثقة. لقد شُطبت تعسفاً الملياراتُ من أرقام الودائع وأعلن عن ضمان 100 ألف دولار لصغار المودعين (أكثر من 800 ألف) مقسطة على 4 سنوات تُضاف إلى 6 سنوات على الانهيار، واقتصر الحساب على الأرصدة المتبقية بتجاهل خسائر رتبتها سحوبات قسرية ورسوم وتخفيض سعر الصرف، أي أن التآكل ناهز 85 في المائة من أصل الوديعة. أما أصحاب الحسابات المتوسطة والكبيرة (فوق الـ100 ألف دولار) فسينالون سندات قابلة للتداول بقيمة وديعتهم، تمتد حتى 20 سنة، فتتآكل قيمتها بمرور الزمن!

الخطير أن سلام الذي وصف مشروع قانون «الفجوة» بأنه «مرحلة جديدة أساسها الشفافية، وهدفها العدالة، وأداتها قانون منصف وقابل للتنفيذ»، ربط به هذه السندات بأصول الدولة ومصرف لبنان، رغم ما يحمله ذلك من أخطار تمهد لنهب الذهب وبيع أصول الدولة (مرافئ ومطارات، ومشاعات وأملاك بحرية، وكازينو، وهاتف...) لصالح 2 في المائة من اللبنانيين. فتعمّق الحكومة الكارثة بربطها السندات بإمكانية تحويل ثروة البلد إلى عناصر تغطية منهبة ارتكبتها منظومة مافياوية مستبدة، في حين أن أصول الدولة هي للمجتمع، وهناك أكثرية لبنانية لا تمتلك حسابات مصرفية فكيف يتم سلبها الحق بثروات البلد؟

يبقى الأخطر اثنان: الأول أن مصرف لبنان سيمول 60 في المائة من التكلفة لصغار المودعين والمصارف 40 في المائة، ويكفل المصرف المركزي 80 في المائة من قيمة السندات والمصارف 20 في المائة. وكون الدولة ستمول «المركزي» فالمتوقع ابتداع ضرائب جديدة يسددها المواطن، فيما يتوسل مشروع القانون استرداد 30 في المائة من الأرباح اللاشرعية و«المكافآت المفرطة»!

والآخر؛ هو الكارثة الكبرى، تجاهل تعهد البيان الوزاري للحكومة بـ«التدقيق الجنائي» بـ«قضايا الفساد المالي والمصرفي»، لمعرفة كيفية تكوّن الحسابات وشرعيتها من انعدامها، وإغفال المحاسبة فيتم تغييب القضاء، وهو الجهة المعنية لمحاسبة المرتكبين، فتكون الحصيلة إفلاتاً من العقاب وتحميل الفريق الأضعف وزر المنهبة. يبدو مشروع القانون كأنه عفو عن مرتكبي الجرائم المالية، متجاهلاً معالجة الأسباب، ولا يُعيد الثقة إلى المودع ولا المستثمر. دون المحاسبة الإصلاح وهم، ولا عدالة ولا ثقة باستعادة الاستقرار على قاعدة حجب الحقوق، فيما شطب الودائع كما هو مخطط جريمة موصوفة!

 

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قانون «الفجوة» ومرتكبو الجرائم المالية قانون «الفجوة» ومرتكبو الجرائم المالية



GMT 21:11 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

“حكومة التعريفة” ولغز النفط وتسعير مشتقاته

GMT 21:11 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

فستان الرَّئيس «السَّابق»

GMT 21:10 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

ذاكرة شفوية منقوشة في جدار الزمن

GMT 21:09 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

ذاكرة شفوية منقوشة في جدار الزمن

GMT 21:07 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

أهداف إسرائيل وحسابات سوريا الجديدة

GMT 21:06 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

تعقيدات المفاوضات الأوكرانية

GMT 21:05 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

تغيير الخطاب وتعديل المسار

GMT 21:04 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

البحث عن الحقيقة!!

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 20:43 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

مأساة أم مصرية تشعل مواقع التواصل بعد عرض أطفالها للبيع
 لبنان اليوم - مأساة أم مصرية تشعل مواقع التواصل بعد عرض أطفالها للبيع

GMT 21:44 2017 الأحد ,10 أيلول / سبتمبر

كيف تتحكمين في صرخات طفلك المحرجة؟

GMT 22:16 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:50 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ألوان الموضة لخريف وشتاء 2026 توازن بين الأصالة والابتكار

GMT 14:56 2023 السبت ,07 كانون الثاني / يناير

الطبابة في حوض الفولغا

GMT 09:27 2015 الثلاثاء ,14 إبريل / نيسان

موقع صحيفة "الحياة" يتعرض إلى القرصنة

GMT 12:39 2015 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

الأخطبوط يلجأ إلى حيل مثيرة للدهشة للإيقاع بالفريسة

GMT 07:35 2020 الجمعة ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

توماس باخ يؤكد أنهم مستعدون لإقامة أولمبياد طوكيو

GMT 22:11 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

دليل تنظيف اللابتوب

GMT 22:18 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

فالنتينو تخطف الأنظار بمجموعتها لموسم 2018

GMT 09:01 2022 الأحد ,03 تموز / يوليو

ماجد المصري ينتهي من تصوير فيلم خمس جولات
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon