سياسة إيرانيّة أكثر عدوانيّة في لبنان

سياسة إيرانيّة أكثر عدوانيّة... في لبنان

سياسة إيرانيّة أكثر عدوانيّة... في لبنان

 لبنان اليوم -

سياسة إيرانيّة أكثر عدوانيّة في لبنان

بقلم: خيرالله خيرالله

في ضوء ما تعتبره انتصاراً لها في أفغانستان، وانكشاف ضعف الإدارة الأميركية الحاليّة، تُظهر إيران في غير مكان في المنطقة وعلى غير صعيد أنّها مستعدّة لممارسة سياسة أكثر عدوانية. ليس لبنان سوى إحدى "الساحات" الإيرانية التي تمارس فيها "الجمهوريّة الإسلامية" مزيداً من العدوانية عبر أدواتها المحليّة التي تؤكّد في كلّ يوم، عبرها، أنّها تسيطر على لبنان وعلى معظم المواقع الأساسيّة، ومنها رئاسة الجمهورية. لم تكن العراقيل التي وضعها الثنائي ميشال عون – جبران باسيل في وجه تشكيل حكومة، في ظلّ حملة للأبواق الإيرانيّة على كلّ مَن لديه حيثيّة سنّية ووطنيّة في البلد، سوى حجج استخدمتها إيران قبل أن تعلن في الوقت الذي يناسبها أنّها صاحبة القرار اللبناني.
تعتقد إيران أنّها من بين كبار المستفيدين من الانسحاب العسكري الأميركي من أفغانستان، وذلك على الرغم من وجود عداء تاريخي بينها وبين حركة "طالبان" التي قمعت الشيعة الأفغان من إثنيّة الهزارة
تستهدف هذه الحملة على أهل السنّة في لبنان تصوير الأزمة في البلد كأزمة سنّية – مسيحيّة يمارس فيها حسن نصرالله الأمين العام لـ"حزب الله" دور الحَكَم والوسيط، و"بيّ الكل" الحقيقي. الدليل على ذلك تشديده في خطابه الأخير على ضرورة تشكيل حكومة "في يومين أو ثلاثة". يبدو أنّ تشكيل حكومة، برئاسة نجيب ميقاتي، بات احتمالاً وارداً، كمكرمة من الحزب وإيران، في حال أخذنا في الاعتبار أنّ الحزب في حاجة إلى إراحة بيئته بعد الحصول على إذن إيراني بذلك. ليس سرّاً أنّ بيئة الحزب تعاني معيشياً، وتبدي تململاً واضحاً من الوضع ومن الحزب نفسه، مثلها مثل جميع اللبنانيين. قد يكون ذلك سبباً كافياً كي تتشكّل حكومة تريح نسبياً بيئة "حزب الله" الذي ليس سوى لواء في "الحرس الثوري" الإيراني عناصره لبنانيّة.
يبيع حسن نصرالله اللبنانيين الأوهام في وقت يمارس "حزب الله" على أرض الواقع دور الوصيّ على البلد من منطلق أنّ "العهد القويّ" هو عهده ليس إلّا. لعلّ ما هو أخطر من كلام الأمين العام للحزب عن ضرورة تشكيل حكومة سريعاً، تأكيده مرّة أخرى أنّه يمارس دور "المرشد" في لبنان. لا يعني كلامه عن "موعد الإتيان بالبنزين والمازوت من إيران في بيان رسمي يصدر عن حزب الله"، وعن أنّ هذا البنزين والمازوت "سيدخل لبنان نهاراً وجهاراً"، سوى رغبة في تأكيد سقوط لبنان الذي عرفناه. اختزل "حزب الله" الدولة اللبنانية بكونها دولة بإمرة إيران. ما فعله الحزب هو تعبيرٌ آخر عن العدوانية الإيرانية التي كانت لها انطلاقة جديدة بعدما سلّمها الأميركيون العراق في عام 2003، ففعلت ما فعلته في المنطقة، ومن ضمنها لبنان، حيث اغتيل رفيق الحريري لكونه شخصيّة سنّيّة تحوّلت مع مرور الوقت إلى شخصية وطنيّة لبنانية تمتلك حضوراً عربيّاً ودوليّاً...
تعتقد إيران أنّها من بين كبار المستفيدين من الانسحاب العسكري الأميركي من أفغانستان، وذلك على الرغم من وجود عداء تاريخي بينها وبين حركة "طالبان" التي قمعت الشيعة الأفغان من إثنيّة الهزارة. يعود الشعور الإيراني بنوع من النشوة إلى تحسّن علاقة "الجمهوريّة الإسلاميّة" بـ"طالبان" في السنوات التي تلت خروج الحركة من السلطة في عام 2001. وقتذاك، لعبت إيران دوراً في دعم الحملة العسكريّة الأميركيّة على "طالبان" من منطلق أنّها ستكون الرابح الأوّل من الغرق الأميركي في الرمال المتحرّكة الأفغانيّة من جهة، وأنّ خصماً أيديولوجياً لها سيخرج من السلطة من جهة أخرى.
ليس لبنان سوى إحدى "الساحات" الإيرانية التي تمارس فيها "الجمهوريّة الإسلامية" مزيداً من العدوانية عبر أدواتها المحليّة التي تؤكّد في كلّ يوم، عبرها، أنّها تسيطر على لبنان

ثمّة عامل آخر يجعل إيران مرتاحة إلى الانسحاب الأميركي، ويتمثّل في العلاقة التي أقامتها طهران مع "القاعدة" التي قد تستعيد بعض نشاطها في ضوء عودة "طالبان" إلى كابل بعد غياب استمرّ عشرين عاماً. استطاعت أميركا في عهد باراك أوباما التخلّص من أسامة بن لادن الذي اغتيل في الأراضي الباكستانيّة التي كان يقيم فيها. يبدو أنّ ذلك هو الإنجاز الوحيد الذي حقّقته في أفغانستان في غضون عشرين عاماً.

في كلّ الأحوال، تتصرّف "الجمهوريّة الإسلاميّة"، عبر أدواتها في المنطقة، تصرّف المنتصر. تسعى إلى ملء الفراغ الأميركي الناشئ عن الرغبة في الانسحاب من المنطقة كلّها، والتركيز على التحدّي الصيني وعلى الوضع الداخلي، علماً أنّه ليس معروفاً هل الانسحاب من أفغانستان يمكن أن يساعد على مواجهة التحدّي الصيني بأيّ شكل.
المهمّ في الأمر أنّ السياسة العدوانيّة لإيران لم تظهر فقط من خلال لبنان. هناك أمثلة أخرى يمكن إيرادها في هذا المجال. ففي العراق، على سبيل المثال وليس الحصر، بات قائد "الحشد الشعبي" فالح الفيّاض يتصرّف وكأنّ العراق محميّة إيرانيّة. ذهب إلى طهران، وأشاد علناً بتجربة "الحرس الثوري"، موحياً بأنّ "الحشد الشعبي" نسخة عنه. كانت رسالته واضحة. فحوى الرسالة أنّ العراق هو "الحشد الشعبي" الذي ليس سوى تجمّع لميليشيات مذهبيّة موالية، في معظمها، لإيران ولـ"الوليّ الفقيه". أكثر من ذلك، ذهب الفيّاض لاحقاً إلى دمشق، والتقى بشّار الأسد ووجّه إليه دعوة باسم الحكومة العراقيّة للمشاركة في قمّة دول الجوار العراقي التي يُفترض أن تنعقد في بغداد أواخر الشهر الجاري. نفت الخارجية العراقيّة ذلك، لكنّ الرسالة الإيرانية واضحة. تقول الرسالة الإيرانية إنّ "الحشد الشعبي" هو العراق، مثلما أنّ "الحرس الثوري" هو إيران... ومثلما أنّ "حزب الله" هو لبنان!
يبقى سؤال في غاية البساطة: هل صحيح أنّ أميركا انسحبت من المنطقة كلّها مثلما انسحبت من أفغانستان؟ هل الرهان الإيراني في محلّه إلى درجة أنّ الإدارة الأميركية ستعقد صفقة مع "الجمهوريّة الإسلاميّة" بشروط طهران؟ ماذا ستفعل دول المنطقة، ومن بينها إسرائيل، في حال عُقِدت مثل هذه الصفقة؟

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سياسة إيرانيّة أكثر عدوانيّة في لبنان سياسة إيرانيّة أكثر عدوانيّة في لبنان



GMT 18:19 2022 السبت ,22 كانون الثاني / يناير

كرة ثلج شيعية ضد ثنائية الحزب والحركة!

GMT 17:28 2022 السبت ,22 كانون الثاني / يناير

مقتطفات السبت

GMT 17:26 2022 السبت ,22 كانون الثاني / يناير

سؤالان حول مسرحية فيينا

GMT 08:29 2021 الأربعاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مجلس التعاون حقاً

GMT 08:28 2021 الأربعاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم هي «الحفرة اللبنانية»

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 20:45 2023 الثلاثاء ,11 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 11 أبريل / نيسان 2023

GMT 17:08 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

ربيع سفياني يكشف أسباب تألقه مع التعاون

GMT 19:29 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

نائب رئيس الشباب أحمد العقيل يستقيل من منصبه

GMT 18:07 2022 الأربعاء ,01 حزيران / يونيو

ساعات أنيقة باللون الأزرق الداكن

GMT 22:12 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الجدي الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:14 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 06:04 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

للمحجبات طرق تنسيق الجيليه المفتوحة لضمان اطلالة أنحف

GMT 03:49 2024 الأحد ,17 آذار/ مارس

"Dior" تجمع عاشقات الموضة في حفل سحور بدبي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon